البرنامج يعمل بميزانية 164 مليون جنيه في 10 محافظات مصر بها 16 ألف طفل بلا مأوى.. والقاهرةوالجيزة الأكثر انتشارًا بعد الثورة انتشر الاستغلال السياسي لأطفال الشوارع الضبطية القضائية مطلب ضروري يسهل عمل فرق الشوارع "أطفال الشوارع" قنبلة موقوتة ، تهدد سلامة المجتمع بأكمله ، ولاينبغى ان يعتقد احدا انه في آمان وبعيدا عنها ،فهي كالسرطان الذى ينهش في جسد الوطن بصمت ، ويدفع ثمنه الجميع في اعادة انتاج واستغلال لهؤلاء الابرياء الصغار في عمليات اجرامية وارهابية متعددة .. لأول مرة الدولة تنتبه للظاهرة وتطلق اول استراتيجية قومية لمناهضة ظاهرة اطفال الشوارع في برنامج "حماية اطفال بلا مأوى " التابع لوزارة التضامن الاجتماعي .. البديل تحاور مديره حسنى يوسف .. للتعرف على استراتيجية البرنامج وخطة عمله وهل يأتي عام 2017 لتكون مصر خالية من الظاهرة . كثيرًا ما نسمع عن مبادرات من الدولة لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع .. ما الجديد الذى يقدمه برنامجكم؟ التخطيط والتعامل مع ذلك الملف بدآ منذ 2003، عندما وضعت الدولة أول استراتيجية لمواجهة الأطفال الذين بلا مأوى، وشاركت فيها آنذاك، وتم دعوة 27 وزارة ومنظمة مجتمع مدني، وخرجنا بالاستراتيجية القومية كمنهج لدراسة الظاهرة، واستمرت الجهود من وقتها لأكثر من 25 جمعية من المجتمع المدني، إضافة إلى الحكومة، بالتعاون مع الخبرات الدولية، إلى أن جاء الرئيس السيسي، وفعل هذه الجهود في خطة تنفيذية على أرض الواقع، وهو ما أسفر عنه برنامج "أطفال بلا مأوى" التابع لوزارة التضامن الاجتماعي. ولكن دائمًا ما كان يواجه المعالجة ضعف الإمكانيات، كيف تغلبتم على ذلك؟ لأول مرة في هذا البرنامج يتم التنسيق بين جميع الجهات التي لديها خبرة في ملف أطفال الشوارع، وناقشنا الظاهرة، إلى أن وصلنا إلى برنامج يتم تنفيذه عبر خطة عمل محددة الأدوار، وتم توقيع بروتوكول بين وزارة التضامن وصندوق تحيا مصر، بتمويل قدره 164 مليون جنيه، 114 مليونًا من تحيا مصر، و50 مليونًا من صندوق رعاية الجمعيات بوزارة التضامن. وهل رصدتم عدد أطفال الشوارع كخطوة أولى لمعالجة الظاهرة؟ نعم، فالوزارة اعتمدت على المنهجية العلمية للدراسة من خلال مسح عام 2014 ، والذي رصد 16.19 ألف طفل بلا مأوى على مستوى الجمهورية، وتم اختيار البدء بأكبر 10 محافظات تمثل 82% من حجم الظاهرة عند وضع خطة عمل البرنامج، وهي: القاهرة، الجيزة، القليوبية، بني سويف، المنيا، أسيوط، المنوفية، الشرقية، السويس، والإسكندرية. والبرنامج يتعامل مع الأطفال بغض النظر عن السن من 5 إلى 18 سنة، وتنخفض نسب البنات عن الذكور، وللأسف هناك جيل ثانٍ من أطفال تم ولادتهم بالشارع، يفتقرون لأي أوراق ثبوتية، ولكن نضع خطة لاستخراجها. ما الأسباب المشتركة التي تجمع هذه المحافظات وتقف وراء الظاهرة؟ معظمها اقتصادي من ارتفاع معدلات الفقر، واجتماعي من التفكك الأسري، وتدني الأخلاق واستغلال الظروف الاجتماعية لهؤلاء الأطفال، وهي روابط مشتركة في أي مجتمع يعاني من هذه الظاهرة. ذكرت أن المنهجية العلمية استراتيجية للبرنامج، حدثنا عن محاورها البرنامج يقوم على عدة محاور: فرق للعمل بالشارع من خلال 17 وحدة وسيارة متنقلة بين ميكروباص ومينى باص في 10 محافظات، نفذتها الهيئة العربية للتصنيع، وتم تصميم هذه الوحدات بطريقة تخدم الأطفال الموجودين بالشارع، وكل وحدة بها إخصائي اجتماعي ونفسي وإخصائي أنشطة وممرضة، وتم اختيارهم بعناية فائقة، حيث تقدم 3000 شخص، انتقينا منهم 90 ممن لديهم خبرة في التعامل مع الأطفال في هذه الظروف، بعدها تم تدريبهم علميًّا ونفسيًّا وأخلاقيًّا، ليكونوا قادرين على جذب هؤلاء الأطفال من الشارع؛ لينتقلوا للمحور الثاني في البرنامج، وهو مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وعددها 21 مؤسسة في 10 محافظات. البعض هاجم البرنامج، وقال إن هدفه جمع الاطفال من الشوارع، فما قولكم؟ أولًا الإخصائيون الذين يمثلون النافذة وهمزة الوصل بين الأطفال والبرنامج بصفة عامة يتعاملون مع الطفل بحرص شديد؛ استنادًا إلى حقوقه والاتفاقيات الدولية الملتزمة بها مصر. فهذا الطفل ليس في نزاع مع القانون، بل هو ضحية ولديه مشكلات، ونحن نريد مساعدته، لذا يتم التعامل معه بمحض إرادته. فنحن لا ننزل "نلم هؤلاء الأطفال بالقوة من الشارع"، بل نترك لهم حرية الاختيار في الالتحاق بالبرنامج، بعد عملية طويلة من التواصل معهم عبر هذه الوحدات المتنقلة. ما الخدمات التي تقدم للطفل بعد انتقاله لمؤسسات الرعاية؟ بالمؤسسات رعاية صحية، تعليم، تدريب مهني، وترفيه، بالإضافة إلى المحور الثالث والهام، وهو فتح ملف لحالة الطفل؛ لمعرفة الظروف التى زجت به في الشارع، فليس الهدف وضعه في مؤسسة الرعاية فقط، ولكن إعادة دمجه في أسرته ومجتمعه. وتم رفع كفاءة هذه المؤسسات لتقديم كافة الخدمات للأطفال، وكانت لدينا 6 مؤسسات بها مشكلات في البنية التحتية، وتم تطويرها ب 62 مليون جنيه عن طريق الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. ما مدة عمل البرنامج؟ ومتى تصبح مصر خالية من أطفال الشوارع؟ عام، ولو نجحنا في التغلب على 65 %من الظاهرة بحلول 2017 يكون إنجازًا كبيرًا؛ لأن المهمة في غاية الصعوبة؛ فنحن نتعامل مع فئات تحتاج لمثابرة وتكرار في الزيارات. نغير سلوكيات واتجاهات لأطفال تجاوز وجودهم في الشارع سنوات، تعرضوا خلالها لاستغلال وعنف؛ وبالتالي رسخت في أذهانهم مفاهيم خاطئة عديدة، لا يمكن تغييرها بين يوم وليلة، فالظاهرة خطيرة تشبه سرطانًا ينهش في جسد المجتمع في صمت. ما هي أشكال الاستغلال التي كشفتها الدراسة؟ قد يبدأ الاستغلال من الأسرة (الطرف الأول) التي تحرم الطفل من المدرسة؛ لترسله للشارع من أجل التسول أو بيع المناديل، وفي الشارع يأتي الطرف الثاني، وهو صاحب المصلحة، كتاجر المخدرات، والبلطجي، وغيرهما ممن يسرحون الأطفال. وبعد الثورة شهدنا نوعًا جديدًا، وهو الاستغلال السياسي للأطفال في المظاهرات أو الاشتباكات. صرحت من قبل أن ظاهرة أطفال الشوارع خطر على الأمن القومي، كيف؟ هناك انتهاك وحرمان لهؤلاء الأطفال من أدنى حقوقهم، وهذا الحرمان يصدر للمجتمع شخصًا غير لا ينتمي للوطن، ويرسخ بداخله حقد وكراهية الآخرين، وبالتالى يسهل استغلاله والتأثير عليه؛ ليتحول إلى إرهابي أو مجرم أو مدمن… الخ. ما سبل التعاون بين برنامجكم والجهات الحكومية المرتبطة بالظاهرة؟ هذا سؤال يدفعني لشرح هيكلة البرنامج التي تتكون من لجنة عليا برئاسة وزيرة التضامن الدكتورة غادة والي، وعضوية قيادات الوزارات المعينة: العدل، الداخلية، التربية والتعليم، الشباب والرياضة، الصحة، الأوقاف. فمثلًا نحتاج لمساندة الداخلية عند نزول فرق العمل إلى الشارع؛ لأنها على دراية بطبيعة المناطق التي يتم زيارتها، فأحيانًا يكون الأطفال مسلحين أو تابعين لقيادات مجرمة، كما يتكون البرنامج من اللجنة التنفيذية برئاسة الدكتور مسعد رضوان مساعد أول وزارة التضامن وعضوية قيادات الوزارة التنفيذية وممثل من صندوق تحيا مصر، تعرض عليهم التقارير الدورية لعمل البرنامج من تحديات وصعوبات وحلول، ثم إدارة المشروع الذي أرأسه مع فريق عمل مؤمن بقضيته، وذلك بالتنسيق مع الوحدات المحلية بالمحافظات المختلفة داخل مديريات التضامن الاجتماعي، بما يضمن في النهاية استمرار رؤية واستراتيجية عمل البرنامج حتى لو انتهت مدته بعد عام. ما مدى أهمية منح الضبطية القضائية لمسؤولي الرعاية بالوزارة؟ هي آلية ميسرة للعمل في البرنامج، ويبحث تنفيذها الدكتور مسعد رضوان مع الجهات المسؤولة بالتعاون مع الشؤون القانونية بالوزارة. المجتمع المدني له باع طويل في أطفال الشوارع، ما طبيعة التعاون بينكم؟ القطاع الأهلي يلعب دورًا منذ البداية، ونستفيد بخبراته في جميع مراحل البرنامج، خاصة أن لديهم فرقًا عاملة في مناطق ومحافظات مختلفة، إلى أن يستلم البرنامج السيارات المتنقلة في نهاية أكتوبر الجاري، كنوع من النزول التجريبي والتقييم لفرق الشارع. ماذا عن ظاهرة عصابات خطف الأطفال؟ أرى أن برنامج "أطفال بلا مأوى" يلعب دورًا في تحجيم ظاهرة الخطف، وسيكون هناك ردع لهؤلاء الخاطفين، بعد أن يصبح تواجدنا في الشارع ملموسًا، بالإضافة غلى أن الوزارة بصدد تكوين فريق لمواجهة ظاهرة خطف الأطفال، وهي أحد المبادرات الحديثة. ما هي التعديلات التشريعية التي تأمل أن يتبناها البرلمان لمكافحة الظاهرة؟ أعتقد أنه كتشريع لدينا ما يكفي من قوانين، ولكنها تحتاج للتفعيل. نحتاج إلى معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، كالفقر والتعليم ونقص الخدمات؛ لأنها الصنابير التي تضخ أطفالًا في خطر وبلا مأوى، فضلًا عن أهمية التوعية المجتمعية بالزيادة السكانية وتنظيم النسل، وأنا يدرك الجميع أن أطفال الشوارع ليسوا مجرمين بقدر ما هم ضحايا يحتاجون لرعاية وإنقاذ.