في الآونة الأخيرة ظهرت مؤشرات عدة تشير بوضوح إلى قرب انهيار الاتحاد الأوروبي بعد النكسة المدوية وخروج بريطانيا من الاتحاد، كان أبرزها عدم انصياع دول الاتحاد للقوانين الأوروبية مؤخرًا، خاصة المتعلقة باللاجئين واستقبال المهاجرين غير الشرعيين، حيث نظمت المجر استفتاءً يوم الأحد على مواطنيها بشأن الموافقة أو الرفض على قرار توزيع المهاجرين واللاجئين في الاتحاد الأوروبي. ورغم فشل الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بلاده بجمع النصاب الكافي من الناخبين، إلَّا أن المراقبين رأوا أن مثل هذه الخطوة تمثل انتكاسة أخرى للاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، حيث تعد الأولى من نوعها، وتمثل تحديًّا للقوانيين الأوروبية المفروضة على دول الاتحاد كافة. وقال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يتولى السلطة منذ عام 2010 من بين أشد المعارضين للهجرة في الاتحاد الأوروبي، في حديثه قبيل الانتهاء من فرز الأصوات: إنه فخور لأن المجر كانت أولى الدول الأعضاء بالاتحاد التي تنظم مثل هذا الاستفتاء. ويسعى أوربان، المعارض لقرار بروكسل الذي أغلق حدود بلاده الجنوبية بسياج من الأسلاك الشائكة، وكلف آلافًا من رجال الجيش والشرطة بالقيام بدوريات على الحدود، إلى تعزيز مكانته السياسية في المجر، وتلميع صورته باعتباره زعيم التيار الشعبوي الرافض للهجرة في أوروبا. وكانت بودابست تعتبر نفسها، في حال فوز «لا» أي المعارضين للقرار الأوروبي، غير ملزمة بالمساهمة في المجهود الأوروبي لتوزيع المهاجرين الذين يصلون إلى القارة، إلَّا أنه رغم فشل الاستفتاء لعدم النصاب، أكد أوربان مجددًا أن الاستفتاء الذي رفض فيه المجريون المشاركون قبول الكوتا الأوروبية الأجبارية بنسبة تتعدى ال95%، يوضح أن الاتحاد الأوروبي «لن يكون قادرًا على فرض إرادته على المجر» في مجال الهجرة، مشيرًا إلى أنه يريد أن «تفهم بروكسل أنها لن تكون قادرة على تجاهل هذه النسبة من الناخبين». وأقرت الخطة التي وضعها الاتحاد الأوروبي قبل سنة، بتوزيع 160 ألف طالب لجوء بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ال28، لكنها تبقى حتى الآن حبرًا على ورق لعدم تنفيذها كاملة، حيث أعيد فقط توزيع آلاف الأشخاص على أوروبا في الفترة الأخيرة وهو ما يشير بوضوح إلى عدم تنفيذ القانون الأوروبي. من جهته حذر الاتحاد الأوروبي من مثل هذه الخطوات التي تقلل من شأن القوانين الأوروبية، وأكدت المفوضية الأوروبية أن الاستفتاء ليس له أي تأثير قانوني على الالتزامات المتخذة، وقال مفوض الهجرة ديمتريس إفراموبولوس: «تقع على الدول الأعضاء مسؤولية قانونية بتطبيق القرارات المتخذة»، محذرًا جان-كلود يونكر رئيس المفوضية سابقًا «من أنه إذا ما كثر تنظيم الاستفتاءات حول كل قرار يتخذه الوزراء الأوروبيون أو البرلمان الأوروبي، فهذا يعني أن سلطة قانون الاتحاد في خطر». حذر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز من «اللعبة الخطيرة» لدولة المجر، التي تنظم استفتاء ضد خطة توزيع اللاجئين، وقال شولتز لمجموعة «فانك» الإعلامية الألمانية: إنه وفقًا لشروط توزيع «اللاجئين»، ليس على المجر استقبال سوى ألفي لاجئ تقريبًا، وبالتالي فإن تنظيم استفتاء حيال هذه المسألة يشكل لعبة خطيرة»، معتبرًا أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، يمس بمبدأ أساسي للاتحاد الأوروبي، إذ أنه يشكك في أسس التشريع الأوروبي الذي شاركت المجر نفسها« في وضعه. ويخشى الاتحاد الأوروبي من خطوات أوربان في توجيه صفعة له، حيث تحويل الشعارات القومية إلى واقع مرير يشجع غير المجريين من المترددين تجاه الاتحاد، حيث من الممكن أن تدفع هذه خطوة اوريان إلى إجراء استفتاءات حول عدد من القضايا والتحفظات، يهدفان إلى نزع مركزية القرار عن بروكسل، وبالتالي التركيز على ما يسمونه «قرارات السيادة الوطنية». وبحسب مراقبون يمكن سماع صدى الصوت المجري في بولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، دول شرق أوروبا، حيث جميعها دول منضمة حديثًا للاتحاد وعلى ضوء ذلك يخشى الأوروبيون «القدامى» في الاتحاد من الدول الجديدة والتحالفات التي قد تفرض شروطًا بخطابها وسياستها الصارمة، وفي هذا الصدد يرى خبراء أن دول شرق أوروبا، يسعون لل«الانقلاب على الليبرالية» وتبني نزعة قومية تصل حد الشعبوية، وبدأ في ذلك الأمر المجر وبولندا.