مع تصاعد الخلافات الروسية الأمريكية فيما يخص الشأن السوري، خاصة بعد الغارة الجوية التي شنتها واشنطن على قوات الجيش السوري قبل أيام، تسير واشنطن نحو مزيد من التوتر من بواية أوكرانيا، بهدف توصيل رسالة إلى موسكو بأنها قادرة على تهديد أمنها القومي. تصعيد التوتر وافق مجلس النواب الأمريكي بالإجماع، الخميس، على مشروع قانون تحت عنوان "دعم الاستقرار والديمقراطية في أوكرانيا"، ويتضمن قائمة من الأسلحة الفتاكة التي يمكن توريدها إلى أوكرانيا، كما ينص على استمرار الحفاظ على العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا، وعلى الرغم من أن موافقة مجلس النواب الأمريكي ليست حاسمة؛ إذ يحتاج القانون لتصديق الرئيس الأمريكي أوباما، إلا أنه يُعد كارت تهديد من واشنطن إلى موسكو. تأتي موافقة مجلس النواب الأمريكي بعد ساعات من إعلان وزير الحرب الأمريكي، أشتون كارتر، أن الولاياتالمتحدة تواصل بحث مسألة منح أوكرانيا أسلحة فتاكة دفاعية، وقال كارتر في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الخميس: هذه المسألة قيد الدراسة لبعض الوقت، كل هذا يتوقف على كيفية تنفيذ روسيا لاتفاقيات مينسك. وأضاف: منذ أسبوعين التقيت نظيري الأوكراني، وبحثنا جميع خطواتنا. ووصف الجانب الأوكراني ب"الشريك الممتاز". ومن جانبه رد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، جوزيف دانفورد، على سؤال خلال الجلسة نفسها حول نوع الأسلحة التي يمكن أن تقدم إلى أوكرانيا، قائلًا إنها أسلحة خفيفة. فيما يرى المراقبون الروس أن هذا التشريع الأمريكي يخالف اتفاقات مينسك بشأن أوكرانيا، ويزيد في تصعيد النزاع المسلح بين سلطات كييف والسلطات المحلية في منطقة دونباس، وأن توريد الأسلحة الفتاكة إلى هذا البلد يمثل تهديدًا لأمن روسيا القومي، الأمر الذي يوحي بدخول أمريكاوروسيا فصلًا جديدًا من الحرب الباردة، خاصة أن الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا يقتصر حاليًّا على توريد المعدات وليس الأسلحة الفتاكة، كما يتولى خبراء أمريكيون تدريب عناصر الحرس الوطني غرب البلاد، وهو ما تواجهه روسيا بانتقادات شديدة واتهامات بعدم الالتزام باتفاقية مينسك. فشل الحلفاء في الوقت نفسه كشر نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن أنيابه لحلفاء واشنطن في كييف، من خلال تحذيرهم من أن عدم الالتزام بوعود إجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية قد يجعل الاتحاد الأوروبي يتراجع عن العقوبات التي يفرضها على روسيا، وفي كلمة له أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك قال بايدن: نعرف أنهم إذا قدموا عذرًا للاتحاد الأوروبي فإن ثمة 5 دول على الأقل ترغب الآن في القول "نريد الانسحاب من العقوبات ضد موسكو"، وأضاف أنه يتحدث هاتفيًّا مع المسؤولين في أوكرانيا من ساعتين إلى 3 ساعات أسبوعيًّا، ويحثهم على المضي قدمًا في الإصلاحات، ويضغط في الوقت ذاته على ألمانيا وفرنسا وإيطاليا؛ لإبقاء العقوبات على روسيا. فشل حلفاء واشنطن الأوكرانيين في إدارة الأزمات في بلادهم، سواء الاقتصادية أو السياسية، يثير مخاوف حقيقية لدى الإدارة الأمريكية من أن يتسبب ذلك في تخلي الاتحاد الأوروبي عن دعم كييف والاتجاه إلى دعم روسيا، أو على الأقل الوقوف على الحياد في الأزمة الروسية الأوكرانية وإسقاط العقوبات التي تفرضها هذه الدول على موسكو، الأمر الذي يعني إبطال ورقة الضغط الأمريكية على موسكو، وهو السيناريو الذي لا يروق لواشنطن. دعم مالي على الجانب الآخر تأمل أوكرانيا قبل نهاية العام الجاري في الحصول على أكثر من شريحة مالية من صندوق النقد الدولى، قد يصل مبلغ الشريحة الجديدة إلى 1.3 مليار دولار، وفي هذا الشان قال نائب الرئيس الأمريكى، جو بايدن، إن واشنطن مستعدة لتقديم ضمانات قروض بقيمة مليار دولار لأوكرانيا، وأشار خلال محادثات مع الرئيس الأوكرانى، بيوتر بوروشينكو، على هامش الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، إلى استعداد بلاده لمنح أوكرانيا ضمانات قروض بقيمة مليار دولار بعد أن استوفت كييف جميع الشروط اللازمة، فيما أكد بوروشينكو أهمية حصول أوكرانيا على شريحة مالية ثالثة من صندوق النقد الدولى، مضيفًا أن كييف مصممة على مواصلة الإصلاحات. أسلحة فتاكة المؤشرات الحالية تشير إلى أن رغبة الولاياتالمتحدة في زيادة التوتر مع روسيا من جانب أوكرانيا قد تكون لسببين، الأول هو محاولة شغل الدب الروسي قليلًا عن الأوضاع في سوريا؛ حتى تستطيع واشنطن لملمة الأزمات المحيطة بها وإعادة نفوذها مرة أخرى إلى مناطق النزاع الاستراتيجية وإحكام قبضتها على الفصائل المسلحة هناك، فتصبح روسيا مجبرة على التخلي بعض الشيء أو تقديم تنازلات فيما يخص الشأن السوري، بعد أن أصبحت ذات نفوذ كبير هناك. السبب الثاني هو أن تكون أمريكا راغبة فقط في إزعاج الروس، من خلال ورقة ضغط تمتلكها، فواشنطن لا تفوت فرصة لتعميق النزاع بين الجانب الروسي والأوكراني.