مقتل 60 جنديا سوريا.. «خطأ» أمريكي ورد روسي محتمل

بالقصف الأمريكي لقوات الجيش السوري، وضعت واشنطن نفسها رهينة سيناريوهات متعددة في إطار الرد الروسي، لا سيما وأن روسيا وسوريا وإيران غير مقتنعين بأن الخطوة الأمريكية المفاجئة كانت مجرد "خطأ" على حد وصف الخارجية الأمريكية.
أزمة تتفاقم
مبررات أمريكا لم تقنع موسكو وكأنها لم تصل إلى مسامعها من الأساس، فبعد المشادات الكلامية التي وقعت بين ممثلي البلدين في الأمم المتحدة، سامانتا باور، وفيتالي تشوركين، ودخول الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على خط الأزمة، دعت روسيا أمس الأحد الولايات المتحدة إلى التحقيق الكامل في الغارات الدامية التي نفذتها على موقع للجيش السوري وأدت إلى مقتل 60 جنديًا سوريًا على الأقل.
سيناريوهات الرد الروسي
القصف الأمريكي للقوات السورية يمثل صفعة قاسية على وجه روسيا التي طالما حاولت إقناع القيادة السورية بعدم استهداف المعارضة السورية والجماعات المسلحة خلال الهدنة حفاظًا على الاتفاق الذي أبرمته موسكو مع واشنطن، لتأتي الضربة من أمريكا نفسها وتسبب لموسكو إحراجًا مع القيادة في دمشق.
ومما لا شك فيه أن موسكو ستفكر في رد مناسب على الإحراج الذي تسببت فيه واشنطن لموسكو مع سوريا، وفي هذا الإطار يرى مراقبون أن السيناريو الأقرب للرد الروسي هو الكشف عن مضمون اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو في بداية سبتمبر الحالي، وهو الاتفاق الذي ترفض واشنطن إعلان مضمونه أو بنوده مبررة هذا التكتم بوجود بنود حساسة، فالحقيقة التي باتت ملموسه هي أن واشنطن قدمت تنازلات كبيرة في هذا الاتفاق، وهي تصر حتى الآن على عدم نشر أي من تفاصيله وضغطت بكامل ثقلها لإلغاء جلسة مجلس الأمن التي كان من المفترض أن تنعقد السبت الماضي كي تتجنب النقاش مع كامل الأعضاء في مضمونه في الوقت الراهن على الأقل.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية بعد أن أبرمت الاتفاق مع موسكو أصبحت أضعف من أن تفرض على الفصائل المقاتلة هدنة أو اتفاقا لوقف إطلاق النار، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع الأمريكية إلى محاولة إفشال اتفاق الهدنة من خلال استفزاز الجانب الروسي والسوري بإجراء الغارة الأمريكية على أمل أن تتبع موسكو ودمشق نفس النهج في رد فعلهم الانتقامي أو يعلنون انهيار الاتفاق وهو ما تريده واشنطن، بينما استبعده العديد من المراقبين أن يحدث ذلك.
إيران تخرج عن صمتها
من جانبها، خرجت إيران عن صمتها الذي دام لساعات بعد القصف الأمريكي، ونددت بشدة بالغارة الأمريكية، واعتبرتها انتهاكًا لسيادة واستقلال الأراضي السورية، ودعما للمجموعات الإرهابية، وقال المستشار الخاص لرئيس مجلس الشوري الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان: "ندين بقوة هذا التصرف الأمريكي ولا نعتبره خطأ عسكريًا"، كما توفد الخارجية الإيرانية نائب الوزير للشؤون العربية والإفريقية، حسين جابر أنصاري، اليوم الاثنين إلى العاصمة السورية دمشق، للقاء الرئيس الأسد، والمشاركة في اجتماع للجنة السياسية المشتركة بين سوريا وإيران.
تصعيد غير محسوب
يبدو أن الأيام القادمة ستشهد تصعيدا للأزمة الروسية الأمريكية، خاصة بعد الأعمال الاستفزازية بالنسبة لموسكو، حيث حلقت طائرة دورية أمريكية من طراز "P-8Aبوسيدون" من جديد أمس الأحد، بالقرب من قاعدة حميميم الروسية ومن مركز الدعم المادي التقني الروسي في طرطوس، وهذا التحليق هو الرابع من نوعه لطائرات الاستطلاع الأمريكية فوق الساحل السوري خلال أسبوع، الأمر الذي من المؤكد أنه يثير غضب روسيا.