شهدت منطقة الجولان السورية المحتلة مناورات عسكرية أشعلتها القوات الإسرائيلية، معتقدة أن الأمر سيمر مرور الكرام ولن يخرج عن إطار الإدانة والاستنكار من القيادة السورية، لكن فوجئت تل أبيب بتحركات عسكرية سورية ورد عنيف أجبرها على إعادة حساباتها، وبعث لها رسالة مفادها أن قواعد اللعبة في الجنوب السوري تغيرت. خطوة إسرائيلية غير محسوبة في الوقت الذي أنجز فيه الجيش السوري بمساندة القوات الروسية العديد من المعارك في الميدان وكسب المزيد من المناطق الاستراتيجية وكبد الجماعات المسلحة المزيد من الخسائر البشرية والمادية، تفتق ذهن الكيان الصهيوني لأن يشن عدوانا واختراقا لسيادة الأراضي السورية كنوع من أنواع الدعم ورفع معنويات هؤلاء المسلحين الذين أصبحوا بين فكى القوات الروسية والسورية والإيرانية، حيث أعلن جيش الاحتلال عن قصف مواقع عسكرية سورية بعد سقوط صاروخ على القسم المحتل من هضبة الجولان، مصدره الأراضي السورية، وأفاد بأن الغارة استهدفت مواقع لمدفعية النظام السوري في وسط هضبة الجولان ردًا على سقوط قذيفة، الاثنين الماضي، على الشطر المحتل دون أن توقع ضحايا. رد سوري عنيف من جانبها، أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، أمس الثلاثاء، عن تمكن الجيش السوري من إسقاط طائرة حربية إسرائيلية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع غرب سعسع، حيث قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة: قام طيران العدو الإسرائيلي عند الساعة الواحدة صباح يوم الثلاثاء، بالاعتداء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة، فتصدت وسائط دفاعنا الجوية وأسقطت له طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع غرب سعسع، يأتي هذا العدوان السافر في إطار دعم العدو الصهيوني للمجموعات الإرهابية المسلحة في محاولة يائسة لرفع معنوياتها المنهارة بعد الفشل الذريع الذي منيت به والخسائر الفادحة التي تكبدتها بريف القنيطرة. نفي إسرائيلي مرتبك قصف طائرتين إسرائيليتين أحدهما حربية والأخرى استطلاع، جاء كالصاعقة على القيادات الصهيونية، حتى أن نفيها جاء متأخرًا ومرتبكًا، حيث قال الناطق باسم الجيش الاسرائيلي الميجور آري شاليكار، "ليس هناك أي صحة في ذلك"، وأفاد ناطق آخر هو الكولونيل بيتر ليرنر، على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: بأن صاروخي أرض-جو أطلقا من سوريا بعد المهمة التي نفذها الطيران الإسرائيلي ليلاً على مواقع للمدفعية السورية، ولم يكن أمن الطيران في خطر في أي وقت. عواقب جعلت إسرائيل ترتعد بغض النظر عن إسقاط الطائرتين الإسرائيليتين من عدمه، إلا أن اتخاذ القيادة السورية قرارًا بالرد على أي اعتداء صهيوني جديد يعني تغيير معادلات اللعبة في هذه المنطقة، الأمر الذي سيجعل الكيان الصهيوني يفكر ألف مرة في أي خطوة طائشة أو متهورة من شأنها المس بالسيادة السورية في المستقبل وتُدر عليه عواقب لا يتخيلها، حيث أدرك الاحتلال أن الجيش والرئيس السوري، قد أخذا جرعة ثقة كبيرة بفضل مساندة القوات الروسية والإيرانية والنجاحات الميدانية التي حققوها في الأسابيع الأخيرة. قالت صحيفة "معاريف" الصهيونية: يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد اختار عبر استهداف الطائرات الإسرائيلية توجيه رسالة إلى القيادة الشمالية في الجيش، تقول "إنني هنا وليس لدي نية بالمغادرة قريبًا"، ورأت الصحيفة أن الأسد يبث رسالة: أيها الإسرائيليون خذوا بالحسبان أنني في المرة المقبلة عندما تقررون الرد على سقوط القذائف في الجولان وتحاولون إسقاطي، فإنني لن أبقى مكتوف الأيدي، وأضافت: الأسد ينهي على هذا النحو جولة الحوار الأولى في العهد الحديث بين إسرائيل وسوريا. كما ذكرت الصحيفة أن إحدى القذائف التي سقطت في هضبة الجولان المحتلة بسبب المعارك الدائرة على الجهة المقابلة من الأراضي السورية سقطت على بعد مئات الأمتار من حاوية أمونيا في إحدى المستوطنات الإسرائيلية، وقال رئيس مجلس المستوطنة للصحيفة العبرية: لو أصابت القذيفة حاوية الأمونيا لوقعت في المكان كارثة كبيرة جدًا كانت ستغير وجه القتال في المنطقة بمعدل 180 درجة، ولكن معجزة منعت وقوع كارثة، ولفتت الصحيفة أيضًا إلى أنّه في أعقاب سقوط القذيفة في مكان قريب من حاويات الأمونيا صدرت الأوامر للعاملين في المكان تقليل كميات الأمونيا في الحاويات في أعقاب الوضع الأمني الحالي. وقالت مصادر أمنية صهيونية لموقع "واللا" العبري، إن الجيش السوري أطبق راداراته على الطائرات الإسرائيلية كجزء من محاولة إطلاق النار نحوها، ووصفت مصادر في المؤسسة الأمنية الصهيونية إطلاق الصاروخين السوريين نحو الطائرات الإسرائيلية ومحاولة إسقاطها بالتحول الناجم عن الثقة المتراكمة بالنفس لدى القيادة السورية في ظل الحضور الروسي والاتفاق الروسي الأمريكي حول الهدنة في سوريا، واعتبرت المصادر أن الروس ينقلون إلى القوات السورية معلومات مباشرة حول النشاطات الجوية، بما في ذلك نشاط سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة، ولم تستبعد المصادر أن تكون هذه المعلومات هي التي استنفرت منظومات الدفاع الجوي السوري. كما أوضح مصدر أمني صهيوني أيضا لموقع "واللا"، إن القفزة المقبلة قد تكون كمينًا للطائرات الإسرائيلية عبر تخفي بطاريات صواريخ الدفاع الجوي السوري المتحركة، وأن تشغل هذه البطاريات راداراتها في اللحظة الأخيرة من أجل إيجاد صعوبة كبيرة في اكتشاف هذه البطاريات، وهذا الأمر قد يفاجئ الطيارين الإسرائيليين ويمكّن القوات السورية من تنفيذ هجوم ضد الطائرات الإسرائيلية، وأضاف: بلا شك فإن تحليق الطيران الإسرائيلي في الشمال بات يواجه تحديًا أكبر وأكثر تعقيدًا بسبب وقف إطلاق النار في سوريا، حيت بات لدى القوات السورية قدرة أكبر على اكتشاف عمليات اختراق السيادة من قبل الجيوش الأجنبية في المجال الجوي السوري. دعم المسلحين تحت راية "المساعدات" تزامنت الاشتباكات السورية الإسرائيلية فوق الجولان المحتل مع قرار الإدارة الصهيونية توسيع دعمها للجماعات المسلحة في الجولان تحت مسمى "المساعدة الإنسانية" للاجئين السوريين، حيث قررت القيادة الإسرائيلية توسيع مساعدة اللاجئين السوريين والعمل بشكل ثابت على نقلهم جرحى ومرضى إلى المستشفيات الإسرائيلية، بعد أن أدخلت إسرائيل سيارة إسعاف لعلاج جرحى المسلحين في معركة "قادسية الجنوب" ونقلتهم إلى الأراضي المحتلة.