في الوقت الذي انشغلت فيه العديد من الدول التي كانت حاضرة خلال قمة العشرين قبل أيام بالحديث حول الأزمات السياسية، عقد وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، لقاء مع نظيره الروسي، ألكسندر نوفاك، بحث خلاله حل أزمة تهاوي أسعار النفط. ويمكن القول إن هذا اللقاء يعتبر الفريد من نوعه، بعدما ظهرت أزمة تهاوي أسعار المحروقات في الشهور القليلة الماضية، لاسيما وأنه كان يحمل الطابع الاقتصادي البحت، وجاء بعد أن عقد ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، لقاءً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على هامش قمة العشرين. اتفاق روسي سعودي قال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، إنه وقع اتفاقًا مع نظيره الروسي؛ من أجل التعاون في أسواق النفط والعمل على تقليص التقلبات في السوق العالمية إلى أقل حد ممكن. وجاء في بيان مشترك، عقب لقاء وزير الطاقة السعودي بنظيره الروسي، أنه تم الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل مشتركة؛ لمراقبة أسواق النفط، تجتمع بشكل دوري، ومن شأنها أن تعكف على تقديم التوصيات بالإجراءات والخطوات المشتركة اللازمة لضمان الاستقرار في سوق النفط، وأكد أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرار بالتعاون بين البلدين، لكن ليس بمقدور دولتين فقط إعادة التوازن لسوق النفط، بل لابد من تضافر جهود جميع الأطراف. من جانبه ذكر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن موسكو والرياض تتحركان باتجاه شراكة استراتيجية في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أن مستوى الثقة المرتفع بين بلاده والسعودية يسمح بالتعاون في معالجة التحديات العالمية. وهذا الاتفاق من شأنه أن يحدد أجندة الأعمال التي ستُطرح خلال اللقاء غير الرسمي بين دول منظمة "أوبك" والبلدان الأخرى المنتجة للنفط بين 27 -28 سبتمبر الجاري، في الجزائر. وفي الوقت نفسه لا تزال قضية تجميد الإنتاج النفطي عالقة، حيث ترفض أغلب الدول الالتزام بسياسة تجميد الإنتاج منذ عقد اتفاق الدوحة في إبريل الماضي، ومن جانبها تتعنت السعودية في هذا الشأن أيضًا، حيث رفضت التوقيع على اتفاق تجميد الإنتاج إلا بعد توقيع كافة الدول الأعضاء في أوبك، الأمر الذي أثار أزمة سابقة بين ولي ولي العهد السعودي ووزير نفطه، حيث طلب "بن سلمان" من الوفد السعودي برئاسة الوزير، علي النعيمي، عدم التوقيع والانسحاب فورًا من اجتماع الدوحة، وهو ما اعترض عليه "النعيمي"؛ معللًا ذلك بأن انسحابه المفاجئ يؤثر سلبًا على مصداقيته، الأمر الذي تبعه تقديم "النعيمي" استقالته من منصبه بعد أيام من الاجتماع. ترحيب عربي وتحفظ جزائري اتفاق موسكو والرياض أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم ظهرت ثماره سريعًا، حيث ارتفعت أسعار النفط، أمس الأول الاثنين، بنسبة تراوحت بين 3- 5%، وارتفع سعر خام برنت بقيمة 1.28 دولار، عقب هذا النبأ؛ ليصل إلى 48.11 دولار للبرميل. ورحبت قطر على لسان وزير طاقتها، محمد السادة، باتفاق التعاون السعودي الروسي، والذي اعتبر أن الأمر سيؤدي إلى أن تتجه أسواق النفط إلى استعادة التوازن. وعبر السادةعن تأييد دولة قطر للبيان السعودي الروسي المشترك وما احتواه من تنسيق ما بين دولتين مهمتين. في الوقت نفسه رحبت كل من الإمارات والكويت بالاتفاق، حيث أشاد وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، بتوقيع الاتفاق، وكتب المزروعي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: إننا نؤمن بأن هذه الخطوة الإيجابية تأتي في ضوء حرص أكبر منتجين للنفط في العالم على توازن السوق ومصلحة كل من المنتجين والمستهلكين، فيما رحب وزير النفط الكويتي، أنس الصالح، بالاتفاق، وتوقع أن تشهد أسعار النفط ارتفاعًا، وأن يساعد هذا الاتفاق سوق النفط على التعافي في الربع الأخير من العام الحالي 2016. على الجانب الآخر أعلن وزير الطاقة الجزائري، نور الدين بوطرقة، أن تحديد 50 دولارًا لبرميل النفط مرفوض، مؤكدًا أن بلاده ستناقش هذه القضية في وقت قريب، وأضاف "بوطرقة"، عقب لقائه وزير النفط الإيراني، بيغن نامدار زنغته: "ناقشت مع الوزير الإيراني حيثيات الاجتماع المقبل لمنظمة أوبك، والذي من المقرر أن يعقد في الجزائر، كما بحثت مع الوزير زنغته القضايا المتعلقة بأسواق النفط". وحول السعر المقترح من الجزائر لبرميل النفط، قال بوطرقة: إن الدول الأعضاء في أوبك تقترح سعرًا بين 50 -60 دولارًا للبرميل، وإن تحديد السعر عند 50 دولارًا أمر مرفوض، لا يمكن قبوله. مؤشرات حلحلة الأزمة النفطية بعد يوم واحد من التوصل للاتفاق الروسي السعودي، وصل الأمين العام لمنظمة "أوبك"، محمد باركيندو، أمس الأول الاثنين إلى طهران، في زيارة رسمية لإجراء مباحثات مع كبار مسؤولي النفط الإيراني بخصوص مبادرة تجميد محتمل لمستويات إنتاج النفط؛ بهدف رفع أسعاره، وعقب الاجتماع أعلنت إيران دعمها لأي إجراءات ترمي لإحلال الاستقرار في السوق، وقال وزير نفطها، بيجن زنغنه، إن بلاده تدعم أي سعر للنفط يتراوح بين 50 و60 دولارًا للبرميل، وإن طهران تريد سوقًا مستقرة. يرى مراقبون أن هذه التصريحات الإيرانية توضح أن طهران باتت أكثر مرونة تجاه مقترح تجميد الإنتاج في إطار اتفاق بين الدول المنتجة داخل "أوبك" وخارجها، حيث اقتربت طهران من الوصول إلى حدها الأقصى في الإنتاج، فقد باتت تضخ الآن حوالي 3.36 مليون برميل يوميًّا، أي ما يعادل إنتاجها في نوفمبر عام 2011، أي قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى حوالي أربعة ملايين برميل قبل نهاية العام الحالي، وهو حدها الأقصى، الأمر الذي يجعلها أكثر مرونة مما سبق، وهو ما ظهر في إعلان إيران مشاركتها في الاجتماع غير الرسمي المقبل لمنظمة أوبك في الجزائر، على عكس اجتماع الدوحة الذي أعلنت امتناعها عن حضوره.