تطورات متلاحقة وبارزة تشهدها الساحة العراقية خلال الأيام القليلة الماضي، بعضها سياسي والآخر عسكري وتشريعي، ملفات عدة أنجزتها الحكومة العراقية في وقت قصير، رأى عدد من المراقبين أنها انتصار عراقي في مسيرة تطهير البلاد من الإرهاب، وآخرون وضعوها في خانة المغازلات السياسية أو تصفية الحسابات. انتصار القيارة.. خطوة على طريق تحرير الموصل في خطوة جديدة تجاه دحر الإرهاب على الأراضي العراقية، تمكنت القوات العراقية من طرد عناصر تنظيم داعش من بلدة القيارة، بعد معركة ضارية دامت حوالى 3 أيام، حيث قال قائد القوات البرية الفريق، رياض جلال توفيق: أحكمنا السيطرة بالكامل على المدينة من كل الجوانب، ورفعنا العلم العراقي في مجلس المدينة ومستشفى وسط المدينة، وقطعنا الطريق نحو منطقة حمام العليل أحد آخر معاقل داعش في المنطقة، واستطعنا في وقت قياسي القضاء على الجيوب الموجودة داخلها، مضيفًا أن الهندسة العسكرية تعمل حاليًا، على تمشيط المدينة من العبوات الناسفة. تُعد القيارة التي تقع على بعد 60 كلم جنوبي الموصل، بلدة استراتيجية من الناحية الاقتصادية والأمنية، فهي قاعدة أساسية للهجوم على مدينة الموصل، كما أن السيطرة عليها تعني السيطرة على جنوب وغرب ناحية القيارة، وكذلك السيطرة على طريق بغداد- الموصل الرئيسي، ما يسهل طريق الإمدادات العسكرية واللوجستية للمعركة المرتقبة لتحرير مدينة الموصل، كما تسهل العملية أيضًا ربط والتقاء القوات المحررة العراقية، بقيادة عمليات الموصل المتواجدة في قضاء مخمور القريبة، واقتصاديًا، يوجد في القيارة 79 بئرًا نفطيًا وتنتج 15 ألف برميل من مختلف المشتقات النفطية يوميًا، ما جعلها تمثل ثروة مالية هائلة لداعش. من جهته، رحّب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بهذا التقدم، معتبرًا إياه خطوة مهمة نحو استعادة الموصل، قائلا: حققت قواتنا البطلة اليوم نصرًا كبيرًا، وخطوة مهمة على طريق تحرير الموصل، وألحقت هزيمة منكرة بعصابة داعش الإرهابية، واعتبر أن ذلك يعني تقريب المسافة نحو الهدف الكبير المتمثل باستعادة مدينة الموصل، ومحافظة نينوى بشكل عام، وإنقاذ أهلها من جور العصابات الظلامية المجرمة وظلمها. إقالة وزير الدفاع.. ورطة "العبادي" صوت مجلس النواب العراقي، أمس الخميس، بالغالبية على إقالة وزير الدفاع، خالد العبيدي، لينهي جدلا كبيرا وتبادل اتهامات اندلعت بين العبيدي ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، مطلع الشهر الجاري، وبعد سلسلة اتهامات بملفات فساد قدمها نواب في البرلمان ضد العبيدي، وجرت عملية اقتراع سري على الورق، صوت خلالها 142 نائبًا مع سحب الثقة من أصل عدد نواب البرلمان داخل الجلسة البالغ عددهم 262 نائبًا، بينما عارض 102 نائب قرار الإقالة، وامتنع 18 عن التصويت. جاء رد وزير الدفاع العراقي على قرار إقالته سريعًا، حيث قال إنه حاول محاربة الفساد لكن يبدو أن أرباب الفساد أقوى وصوتهم أعلى، وكتب العبيدي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": أخيرًا.. انتصر مَنْ أوصل العراق إلى ما وصل إليه، الآن فليعذرني الشعب والجيش، فقد حاولت أن أحارب الفساد بالممكنات لكن يبدو أن أربابه أقوى وصوتهم أعلى وفعلهم أمضى، وأضاف: مع ذلك سأبقى جنديًا من بين جنود شعب العراق الغيارى الساعين لمحاربة الفساد والمفسدين. وخاطب العبيدي العراقيون قائلًا: أنتم من تقيمون عملي وجهدي الذي يشهد الله إني لم أبخل به لبناء الجيش والمؤسسة العسكرية، رافقتها محاولاتي الحثيثة لمحاربة الفساد والفاسدين ومنع المحسوبية والمنسوبية التي أوصلت العراق في عام 2014 إلى أن يخسر 40% من أرضه ويشرد ملايين من شعبه وتتهدد مقدسات العراقيين وعاصمتهم الحبيبة بغداد. ويعتبر العبيدي من أبرز حلفاء رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وممثل عن اتحاد القوى العراقية، كما أن مقعد وزير الدفاع يشكل أهمية كبيرة خلال الفترة الحالية خاصة مع تحضير القوات العراقية لشن هجوم لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم داعش، الأمر الذي يوحي بأن خروج العبيدي من المشهد السياسي يمكن أن يجعل الأوضاع تستقر قليلًا في البرلمان بعد أن اشتعلت مؤخرًا نتيجة الأزمة بين وزير الدفاع المُقال ورئيس البرلمان، لكن الأزمة الآن تنتقل إلى رئيس الوزراء الذي من المؤكد أن إقالة العبيدي ستشكل بالنسبة له أزمة وسيواجه مشكلات عدة في اختيار شخصية تحل محل العبيدي، في ظل الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد. قانون العفو العام.. جدل سياسي يحسمه البرلمان أقر مجلس النواب العراقي أمس الخميس، قانون العفو العام، الذي طال انتظاره والذي تصدر المشهد التشريعي والسياسي في العراق خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن كان تأجلت مناقشته ثلاث مرات على مر السنوات السابقة، نظرًا لإثارته العديد من الخلافات والجدل السياسي بين أحزاب البرلمان والقوى السياسية ليقرر البرلمان في كل مرة تأجيل مناقشته، إلى أن قرر مناقشته في جلسته التي عُقدت أمس، انطلاقًا من تأثير إقرار هذا القانون على محاربة الإرهاب ومدى ارتباطه بقضايا الفساد المالي، حيث صوت المجلس على إقرار القانون بالإجماع. ينص القانون الذي سيشمل آلاف المحكومين، على إعادة تدقيق التحقيقات السابقة والمحاكمات التي أخذت الصفة القطعية، بدلاً من إعادة المحاكمة، كما يسهل القانون الإفراج عن المتهمين المحكومين في قضايا سرقة المال العام، بشرط إعادة الأموال المسروقة، ويستثني القانون 13 جريمة أبرزها جرائم الإرهاب، والمحكومين من مساعدي الرئيس السابق، صدام حسين، والتجارة بالأسلحة الكاتمة والمفرقعات، وتجارة المخدرات، والمتهمين بقضايا الأمن الوطني، وبحسب القانون، فإن جميع عمليات الإفراج تتطلب تنازل ذوي الحق الشخصي لدى القضاء. قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، اسكندر وتوت، إن القانون حيوي وينتظره أغلب الناس الذين عانوا لفترة طويلة، وأوضح أنه كان هناك اعتراض على الفقرة الثامنة وتمت صياغتها حتى لا يسهل بسبب أو آخر خروج بعض الإرهابيين، مؤكدًا أن القانون مهم من أجل إعادة اللحمة الوطنية في البلاد، فيما قال القيادي في ائتلاف دولة القانون، علي الأديب، إن القانون ينص على تشكيل لجنة قضائية عليا من مجلس القضاء الأعلى للنظر في ادعاءات المحكومين وتدقق الملفات والدعاوي، وأضاف: إذا وجدت اللجنة الادعاءات صحيحة تُعيد المحاكمة، ولها السلطة التقديرية وإعادة التحقيق. قانون العفو العام كان محل خلاف كبير في البرلمان بين القوى السياسية، حيث تتمسك بعض القوى التي تدفع باتجاه إقرار مشروع القانون وأبرزها تحالف اتحاد القوى العراقية، بطلب إعادة المحاكمات، على اعتبار أنه قد يعوض طلبًا سابقًا لهذه الأطراف بشمول المحكومين وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب بقانون العفو، وترى أن الاعتقالات في إطار مكافحة الإرهاب جرت بدافع التصفيات الطائفية، فيما ترفض قوى سياسية أخرى وغالبيتها الآن في التحالف الوطني مبدأ إعادة المحاكمات السابقة، حيث ترى أنها تتيح إفلات مشاركين بجرائم إرهابية من العقاب.