الوهابية أفعى تنشر سمها في المجتمع عبر السلفيين الخطبة المكتوبة مرفوضة.. والأزهر بحاجة لدماء جديد وميزانية مفتوحة الوهابية سوقت مفاهيم مغلوطة عن الجهاد في مصر والدول العربية الحفظ والتلقين بالتعليم الأزهري.. أحد أسباب تراجع الخطاب الديني معاهد السلفيين معاقل لتفريخ الإرهاب وتخريج دواعش جدد منع تدريس كتب الشيخ محمد عبده والغزالي في الأزهر «خطأ كبير» استقلالية الأزهر عن الدولة تبدأ من الاستقلال المالي أجرت الحوار : زكية هداية قال الشيخ محمد زكي بدار، الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، إن المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر، لم تقدم الكثير فيما يخص تجديد الخطاب الديني، وأصبح المجال مفتوحا لشيوخ الوهابية من أجل نشر أفكار العنف والتطرف ورفض الآخر المخالف في العقيدة بالمجتمع. وأكد بدار أن الخطبة المكتوبة مرفوضة تماما من قبل الكل حتى المصلين، فليس من المقبول أن نصلي وراء إمام يلقي خطبة الجمعة من ورقة، مستنكرا: أين له ما تعلمه في كلية إعداد الدعاة! رافضا حمل السلاح في وجه الدولة لمجرد إحساس الشخص بالظلم، فهناك مفاهيم مغلوطة حول الجهاد سوقها المذهب الوهابي في مصر والدول العربية, وإلى نص الحوار.. كيف ترى الوضع الحالي للمؤسسة الأزهر؟ غير جيد، فليس معنى أني أشغل منصبا داخل المؤسسة العريقة ألا أعترف بوجود تقصير داخلها، فهناك تقصير يكاد يعصف بالمؤسسة كاملة، لكنه بسبب الظروف التي تعيشها الدولة ككل، فمصر لازالت بين براثن الخطر ولم تخرج منه بعد، والأزهر بحاجة لدماء جديد ولميزانية مفتوحة يستطيع بها الوفاء بالتزاماته تجاه الأمة الإسلامية قاطبة وليس مصر فقط. ماذا عن تجديد الخطاب الديني وكيف يتم؟ لم نتقدم فيه، فمازالت الساحة مفتوحة "لكل من هب ودب" ليصول ويجول في هذا الشأن دون وعي بخطورة الأمر، فالتجديد ثمة المجتمعات الحديثة، ولا يمكن أن أوجه رسالة لمتلقي في القرن الواحد والعشرين بنفس الصيغة التي كان يتحدث بها علماء الإسلام منذ قرون، فالأمر مختلف, كما لا يمكن أبدا أن نرمي التراث في البحر كما يرغب بعض الأشخاص، لكن يمكن أن تنقيته؛ بتشكيل لجان من علماء الأزهر للبحث والتدقيق، وهذا الأمر يتطلب تحمل المؤسسة لنفقات لا تتوافر لديها وهذا "مربط الفرس". ما رأيك في الخطبة المكتوبة أو توحيدها على المساجد؟ مسألة الخطبة المكتوبة مرفوضة تماما من قبل الكل حتى المصلين، فليس من المقبول أن أصلي وراء إمام يلقي خطبة الجمعة من ورقة، فأين ما تعلمه في كلية إعداد الدعاة! لكن مسالة توحيد موضوع الخطبة، محاولة من وزارة الأوقاف لضبط ما يتم الحديث عنه داخل المساجد ومحاربة الفكر المتطرف، وإن كنت لا أرحب به، فالمسألة ليست خطبة مكتوبة من عدمها، لكنها كيفية إعداد الدعاة وتشكيل أفكارهم ومدى فهمهم لصحيح الإسلام وأنه دين الرحمة والسلام. وماذا عن مفهوم الجهاد داخل الإسلام؟ الجهاد له مراتب داخل الإسلام؛ فهناك جهاد النفس بعفها عن ارتكاب المعاصي وهناك جهاد الشيطان وعدم الانصياع لما يدعو له، وليس معنى الجهاد حمل السلاح في وجه الدولة لمجرد إحساس الشخص بالظلم، فثمة مفاهيم مغلوطة حول الجهاد سوقها المذهب الوهابي في مصر والدول العربية، وهذا ما أرفضه فهناك قاعدة فقهية أصيلة تقول "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع"، فما الذي جنته سوريا من الثورة سوى الخراب والدمار، وكذلك العراق واليمن وليبيا، فوحدة بلاد المسلمين بل وجودها هو المنفعة، وكل مسلم مطالب بالحفاظ عليها. ماذا عن انتشار الفكر الوهابي في مصر؟ للأسف، هذا الفكر أفعى تنشر سمها في عقول الشباب والمجتمع كله عن طريق السلفيين الذين سيطروا لفترة طويلة على المساجد ونجحوا في الترويج لخطابهم الديني المتعصب الذي يلفظ الآخر ويرفضه، بل ويوزع صكوك التكفير على الكل وكأن معهم صكوك الغفران، وهذا ما يجب على كل المؤسسات الدينية الرسمية التصدي له لكي لا تغرق البلد في الفتنة "فهي نائمة لعن الله من أيقظها". وكيف يتم التصدي لهذا الفكر الوهابي؟ بمنع السلفيين من صعود المنابر، وهذا الأمر نجحت فيه وزارة الأوقاف بنسبة 90%؛ حيث منعت شيوخ السلفيين من إلقاء الخطب والدروس الدينية، لكن مازال لهم مظلتهم السياسية والإعلامية التي يوجهون عن طريقها خطابهم الذي يضر بالإسلام كثيرا ولا يفيده بل ويسمح بانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا أي عداء الإسلام وإلصاق تهمة العنف والإرهاب له، فأزمة السلفيين أنهم يقتطعون النصوص الدينية والآيات القرآنية من سياقها، ما سيغرق الدولة للأسف. وما رأيك في التقريب بين المذاهب؟ أرحب به، وأمر تحتاجه مصر كثيرا خلال الفترة الحالية؛ فهناك حالة من العداء البغيض لكل ما هو مخالف لعقيدة الوهابيين في مصر، وهذا ليس من الإسلام في شيء، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لم يؤسس لدولة دينية تقوم على دين أو مذهب واحد، وفي النهاية الآية الكريمة تقول "لكم دينكم ولي دين"، والشيعة مسلمون باعتراف مؤسسة الأزهر، فهم أهل قبلة ولا مانع من وجودهم داخل فصائل المجتمع. لماذا فقد التعليم الأزهري بريقه وكيف يتم إصلاحه؟ لأنه أصبح قائما على الحفظ والتلقين فقط، وهذا آفة تدمره وتنخر في عظامه التي أوشكت على التآكل، والحل في جعله قائما على الفهم والاستيعاب، ليخرّج طالبا مؤهلا لتدريس العلوم الدينية والشرعية، وهذا الأمر ركن أساسي فيما نشهده من تراجع للخطاب الديني في مصر. كيف ترى وجود معاهد خاصة بالدعوة السلفية تدرس العلوم الشرعية؟ وهل تتفق مع مطالب إغلاقها؟ لابد من إغلاقها على الفور، ومنع تدريس العلوم الشرعية إلا داخل المعاهد الأزهرية وكليات الدعوة، فلن نأخد ديننا من الوهابيين، فأين كانوا حينما كانت مصر تصدر علوم الدين للأرض التي نزلت فيها الرسالة، فمعاهد السلفيين معاقل لتفريخ الإرهاب وتخريج دواعش جدد. لماذا تمنع كتب الشيخ محمد عبده والغزالي وغيرهما من التدريس في الأزهر؟ خطأ كبير أن تمنع هذه الكتب، ولو الأمر بيدي لأعدت تدريسها، فكل ما يجعل العقل يتساءل هو شيء مهم، فالعقل والتفكير، الميزة التي اختص الله بها الإنسان دون كل الكائنات. كيف تتحقق استقلالية الأزهر عن الدولة؟ لو تحقق له الاستقلال المالي عن الدولة، فما يعطل مسيرة هذه المؤسسة العقول الفارغة الموجودة وكذلك قلة الأموال التي تعثر معظم خطواتها نحو الإصلاح. أين علماء الأزهر من توضيح المفاهيم الصحيحة للإسلام؟ يحاولون قدر الإمكان تأدية دورهم، لكن الزحف الوهابي منذ عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وحتى اليوم يحيل بينهم وبين أداء مهمتهم. ما رأيك في نشاط جبهة علماء الأزهر؟ جيد، والجبهة تحاول جاهدة أن تكن حائط صد ضد الأفكار المتطرفة، وعلينا أن نقف بجانبها وندعم جهودها في هذا الشأن. وماذا عن مرصد الفتاوى الشاذة للأوقاف؟ منذ تأسيسه يؤدي دورا قويا، لكن لابد من تنشيط جهوده أكثر من اليوم، وأن يتم نشر مغالطات الأفكار المتطرفة عن طريق أجهزة الإعلام من صحف ومواقع وقنوات تليفزيونية حتى يتم صد موجة القنوات التي تثير أفكار التطرف والعنف وكره المخالفين في الدين. هل توافق على خضوع أموال وزارة الأوقاف للدولة؟ ولماذا؟ لا أوافق، فالاستقلال المادي أساس عمل أي مؤسسة دينية، لكني مع مراقبة الدولة لأموال الوقف، وأوجه صرفها، ففي النهاية هذه الأموال ليست ملكا لأحد.