يتجه صندوق النقد الدولي نحو إقراض مصر. أعلن الصندوق عن حزمة قروض على مدى ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار، والمتوقع تعزيزها بعدد من المليارات الأخرى من دول الخليج. مصر الغارقة في الركود الاقتصادي مع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، تحتاج بالتأكيد المساعدة، ولكن إذا كان التاريخ الحديث يقدم مؤشرا، فمن المحتمل أن هذه الاموال سيتم صرفها هباء دون جدوى مثل التي سبقتها. حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسى تلقت بالفعل عشرات المليارات من المساعدات، وبالطبع لا يمكن أن تعرف ذلك بالنظر إلى الاقتصاد، حيث معدل البطالة الرسمي نحو 13%، وهذا الرقم للشباب المصريين هو أكثر من ضعف ذلك. البلاد لديها عجز في الميزان التجاري بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز الميزانية 12 % من الناتج المحلي الإجمالي. (تونس، التي تكافح مشاكل مماثلة منذ الربيع العربي، العجز في ميزانيتها 4.4 %). يمكن إرجاع بعض المشاكل في مصر إلى انهيار صناعة السياحة منذ الربيع العربي، وخاصة بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء العام الماضي، وتحطم غامض لطائرة مصر للطيران في منطقة البحر الأبيض المتوسط في مايو هذا العام. وقد زاد الأمور سوءا أن البلاد تواجه نقصا خطيرا في النقد الأجنبي والاحتياطيات الرسمية تراجعت بقوة على مدى خمس سنوات ولم تتعاف بعد. ورغم ذلك، الكثير من اللوم يمكن وضعه مباشرة على السيسي، الذي بدد حزم المساعدات السابقة على مشروعات عملاقة مشكوك في استحقاقها للجدارة، بما في ذلك توسع في قناة السويس، وعدم ترك ما يكفي للإنفاق على البنية التحتية الأساسية الحيوية. (لحسن الحظ، حلمه في بناء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة 45 مليار دولار ة يبدو أنه قد تم تنحيته جانبا). فشلت حكومة السيسي أيضا في الوفاء بوعود الإصلاح الاقتصادي. في الوقت نفسه، يعاني ربع السكان الذين يبلغ عددهم 90 مليون نسمة من الفقر وحوالي نفس النسبة من البالغين من الأمية. نظام التعليم المصري بشع. مصر قد تشهد نفاد مياه في غضون عقد من الزمن بسبب النمو السكاني السريع والممارسات الزراعية المسرفة وعدم التعامل الجيد مع أزمة سد النهضة. بشكل عملي، اعترف مسؤولو صندوق النقد الدولي أن الحزمة الجديدة هي في معظمها تجميلية. لذلك أصدقاء الصندوق والسيسي في الخليج يحتاجون إلى الإصرار على الإصلاح الحقيقي. مصر يجب أن تستثمر في البنية التحتية مثل الطرق والمدارس وشبكات إمدادات المياه وتسهيل إجراءات قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكسر الاحتكارات الصناعية؛ وتحتاج أيضا إلى وضع حد لحملة الهجوم على المجتمع المدني والتحرك نحو انتخابات رئاسية حرة ونزيهة. مصر يمكن أن تكون مرة أخرى مكانا يجذب الاستثمار إليه؛ لكن لكى يحدث ذلك، فإن الكثير يجب أن تتغير. بلومبرج