في العام الماضي وما قبله كانت إفريقيا الوسطى تحتل عناوين الصحف العالمية، وكان الصراع الدائر بها يحتل قمم المؤتمرات العالمية حتى ظن العالم أنها أصبحت معضلة يصعب حلها، وفي شهر مارس الماضي، فاز فوستن تواديرا، في الانتخابات الرئاسية لإفريقيا الوسطى إثر حصوله على 62.71% من إجمالي الأصوات مقابل 37.29% لمنافسه أنيسيه دولوغيلي. تم تنصيب تواديرا، بحضور شخصيات إفريقية ودولية رفيعة المستوى، بما منح قناعة شبه راسخة لدى المجتمع الدولي بأنّ التحدّيات التي تواجه هذا البلد الذي عصفت بأركانه أزمة سياسية وطائفية خانقة لسنوات، لا يمكن رفعها دون دعم دولي. وفي هذا السياق؛ قال موقع دويتشة فيلة، إن تحديات كبيرة جدا وعلى قدر من الأهمية تتصدّر لائحة أولويات الرئيس الجديد، أهمها نزع سلاح الميليشيات، وإعادة هيكلة الجيش، وإصلاح الاقتصاد، إضافة إلى عودة اللاجئين والمصالحة الوطنية. سلاح الميليشيات اندلعت الأزمة في إفريقيا الوسطى مع الانقلاب الذي أطاح بحكم الرئيس فرانسوا بوزيزيه، في مارس 2003، لتبلغ ذروتها في ديسمبر من العام نفسه، عقب اندلاع المواجهات بين تحالف "سيليكا"، وهو الائتلاف السياسي والعسكري المسؤول عن الانقلاب، وميليشيات "أنتي بالاكا". تأهيل الجيش يتعيّن على القوات المسلّحة لإفريقيا الوسطى، الأخذ بزمام تأمين البلاد، وذلك في أقرب وقت ممكن، وذلك لن يحدث سوى بالدعم الأممي لتجهيز جيش جديد مدرب وقوي قادر على تأمين حدود البلاد، كما ينبغي على الرئيس الحالي أن ينشط دولياً، للحد من حظر الأسلحة المفروضة على بلاده من قبل الأممالمتحدة، منذ بداية الأزمة ومن المنتظر أن يتواصل سريانه حتى يناير2017. إصلاح الاقتصاد تعتبر إفريقيا الوسطى بعد بوروندي، من أفقر بلدان القارة الإفريقية، بحسب أحدث تقارير صندوق النقد الدولي، وأشار يعقوب دابيو، إلى أنه بإمكان هذا البلد الاعتماد، على الأرجح، على دعم البلدان الإفريقية المستقرة اقتصاديا، ولكن أيضا على المنظمات الدولية مثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. كما أن الدعم الدولي يدخل ضمن الواجب النابع من مبادئ التضامن الدولي، لافتا إلى أنّ بلدا مثل غينيا الاستوائية سبق وأن موّلت جزءا من الانتخابات الأخيرة، ودعمت الانتقال السياسي منذ وقت طويل، وإفريقيا الوسطى بحاجة إلى دعم هذا البلد. عودة اللاجئين تعتبر عودة اللاجئين التحدي الكبير الذي يواجه الرئيس الجديد، خاصة وأن كثيرا من المنازل والممتلكات قد تدمّرت في إفريقيا الوسطى، ولذلك ينبغي إقرار الترتيبات اللازمة لعودة هؤلاء الأشخاص إلى منازلهم ومساعدتهم على الاستقرار من جديد، كما أن هناك نحو 470 ألف ساكن من إفريقيا الوسطى، بين مسلمين ومسيحيين، غادروا البلاد في السنوات الأخيرة بحثا عن ملجأ في دول الجوار، بحسب مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة، في حين بلغ عدد النازحين في كامل أرجاء البلاد إلى حدود ديسمبر الماضي، حوالي 300 ألف. المصالحة الوطنية تعتبر المصالحة الوطنية أيضا من الأولويات والملفات "العاجلة"، والتي من البديهي أن تعقب النزاعات، سيما الطائفية منها خاصة في ظل الخسائر الفادحة التي تكبّدتها إفريقيا الوسطى، حيث قتل خلال الأزمة الآلاف من الناس، في حين دمر 417 مسجدا من جملة المساجد ال436 التي تضمها البلاد، من قبل المجموعات المسلحة في السنوات الأخيرة، وفق أرقام الأممالمتحدة. وتماما مثل "نزع السلاح"، فإنّ هذا الملف يعتبر أيضا من توصيات منتدى بانغي للسلام، والذي أقر تشكيل هيئات من المنتظر أن تمكّن من تحقيق العدالة والمصالحة في البلاد، من خلال إنشاء لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة، مدعومة بلجان محلية للسلام والمصالحة.