لم تعد قصور الثقافة بالإسكندرية تؤدي الدور الذي أنشئت من أجله، فتقلصت الأنشطة حتى اختنق الفن داخل مكامن عشاقه ومؤديه، ولم تعد الميزانية التي حددتها الهيئة العامة لقصور الثقافة كافية لإقامة العروض الفنية، واضطر فنانو المسرح لاستئجار مواقع بديلة على نفقتهم الخاصة. قصر ثقافة القباري هو أحد القصور الثقافية المهملة بالإسكندرية، فالبعض أكد أنه لا يمارس أي نشاط ثقافي، فيما أكد المسؤولون أنه يمارس نشاطه خارج أسواره. وبخلاف ذلك فرغم مسماه" قصر" إلا أنه صمم على مساحة صغيرة للغاية بمنطقة الورديان من الفل والأخشاب، فلا هو قصر، ولا يقدم الثقافة. وقال رامي واصف، أحد مؤسسي حملة البيت المصري بدائرة مينا البصل، إن الأنشطة داخل قصر ثقافة القباري غير مفعلة، كما أن وجوده على طريق المكس يشكل خطورة بالغة على المارة، خاصة الأطفال منهم، فضلًا عن التلفيات التي تعرض لها سقف المبنى وتساقط أجزاء منه، حتى أصبح آيلًا للسقوط، وهو ما دفع المحافظة إلى إصدار أمرًا بإزالته قبل 7 أشهر، ولكن مدير القصر تظلم على القرار، فصدر آخر بإزالته وإعادة بنائه. متسائلًا "هيهدوه إمتى؟ وهيشغلوا النشاط اللي فيه إمتى؟". فيما يرى محمد شعبان، أحد قاطني الورديان، أن الموقع ملائم، ولكن الأنشطة غير متوافرة، وبالتالي لن يجد أبناؤه طائلًا من التوجه إليه بصفة دورية لتنمية مهاراتهم، بالإضافة إلى الحوادث العديدة التي يتعرض لها المارة بطريق المكس، مع عدم وجود مطبات لتأمين المارة. واشتكى أحمد سليم، مخرج مسرحي، من عدم وجود مخزن لتخزين ملابس العروض والديكورات، ولا أماكن للبروفات، سواء في نوادي المسرح أو في الشرائح، مطالبًا بتوفير أماكن لبروفات الفرقة أو العروض التابعة لبيت ثقافة القباري. وأكد غانم المصري، مخرج مسرحي، أن قصر ثقافة القباري لا يتعدى كونه "كشك"، ولا يقدم في الفترة الحالية أية خدمات للمنطقة المحيطة، فيما يتعلق بالنوادي الأدبية أو العروض المسرحية، سواء داخل جدران المبنى أو خارجها. وبخلاف ذلك فإن الإسكندرية تفتقد المسارح التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، سواء فيما يتعلق بنوادي الأدب أو على مستوى عروض المسرح، مشيرًا إلى أن القصر الوحيد بالإسكندرية والمهيأ لتقديم العروض فيه حاليًّا هو قصر ثقافة الأنفوشي، ولكنه لم يفتتح بعد. وتعاني المسارح التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة بالإسكندرية من تلف وإهمال المسارح. وبحسب المصري فإن الأمثلة على ذلك عديدة، ومنها قصر ثقافة سيدي جابر "قصر التذوق"، وهو مغلق للصيانة، ومصطفى كامل معطل، ورشدي لا يوجد به مسارح، ومسرح برج العرب مغلق للصيانة، وبالتالي لا توجد مسارح تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة مطلقًا في الإسكندرية، وهناك مسرحان تابعان للبيت الفني للمسرح، أحدهما مغلق للصيانة وهو بيرم التونسي، والآخر من المتوقع أن يلحق بركب الصيانة أيضًا. ولفت المصري إلى أن مسرحي مكتبة الإسكندرية ومركز الإسكندرية للإبداع يعدان المسرحين الوحيدين اللذين ما زالا يتركان متنفسًا للشباب؛ لتقديم عروضهم وفنونهم فيهما، والفضل في ذلك يعود إلى أن القائمين عليهما فنانون، وليسوا مجرد موظفين. وأضاف أن العروض التي يقدمها مهرجان الشرائح أو نادي المسرح التابعان للهيئة العامة لقصور الثقافة، يتكبد فنانو العمل وحدهم تكاليف استئجار مسرح خارج جدران قصور الثقافة لعمل البروفات فيه؛ لعدم توافر ذلك بالداخل، وبتكلفة 1000 جنيه للساعة، بما يحملهم أعباء مضاعفة. واستنكر المصري عدم تأدية الهيئة العامة لقصور الثقافة دورها الفعلي في خدمة المواطنين، فعلى سبيل المثال لم تكترث بالحملة التي أطلقها عدد من الشباب والفنانين؛ في مبادرة منهم لإنشاء مركز ثقافي بمنطقة العجمي؛ لخدمة مواطنيها والمناطق المحيطة كالهانوفيل، وأبو يوسف، والبيطاش، والدرايسة، والدخيلة، وحتى الكيلو 21؛ للحد من الحمل المثقل على كاهلهم بالتنقل من تلك المناطق الواقعة غرب المدينة إلى وسط البلد والعكس. من جانبها قالت سلوى عبد الله، مدير قصر ثقافة القباري، إن الموقع صدر له قرار ترميم، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مع العام المالي الجديد، وإن طرح المناقصات سيبدأ في شهر أغسطس المقبل. أما فيما يخص قرار الإزالة فأكدت أنه لن يحدث، وأن ما سيتم هو عمل إحلال وتجديد. وأضافت في تصريح ل" البديل" أن قصر ثقافة القباري مغلق حاليًّا كموقع فقط، ولكن الأنشطة ما زالت تمارس في مواقع مختلفة، مثل مراكز شباب القباري، والعبور، ونادي الصعيد العام، والجمعيات الصينية، والمدارس. مؤكدًا أن الأنشطة لم تتوقف مطلقًا، مضيفة أنه كان يعمل حتى شهر ديسمبر، وتوقف تدريجيًا؛ حفاظًا على أمن المواطنين.