يبدو أن المقاومة الفلسطينية لن يكون شغلها الشاغل خلال الأيام المقبلة مقاومة الاحتلال الصهيوني والوقوف أمام جرائمه ضد الشعب الفلسطيني فقط، بل سيكون عليها الدفاع عن نفسها أمام الدول العربية، التي تتهمها بإشاعة الفوضى وتسعى إلى نزع سلاحها، حيث وضعت السعودية نفسها في خندق واحد مع الاحتلال الصهيوني، بل نصبت نفسها للدفاع عنه، لتكون خطوة جديدة في تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية. هاجم رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير، تركي الفيصل، خلال مشاركته في مؤتمر منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة الإيرانية حركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، ووصفهما بالإرهاب، وادعى الفيصل في المؤتمر أن الجمهورية الإيرانية تدعم حماس والجهاد في فلسطين؛ بهدف إشاعة الفوضى في المنطقة، وقال: الإدارة الإيرانية الحالية تسعى إلى تأسيس منظمات وجيوش غير نظامية باسم الإسلام لخدمة مصالح الإدارة الإيرانية، حسب قوله، مضيفًا أن سياسات الخميني تستند منذ نشأتها عام 1979 إلى مبدأ تصدير الثورات والتدخل في شؤون الدول تحت دعوى نصرة الضعفاء والأقليات، وظل الأمر كذلك على مدى عدة سنوات، طال خلالها العديد من الدول أبرزها: العراق، سوريا، السودان، البحرين. تصريحات تركي الفيصل التي تصب في صالح الاحتلال الصهيوني على حساب المقاومة الفلسطينية، لم تكن مفاجئة للعديد من المتابعين لتاريخ الأمير السعودي، الذي يعتبر همزة الوصل بين الكيان المحتل والمملكة، حيث يكان يكون الفيصل مهندس التطبيع بين الاحتلال والرياض، فقد ألح كثيرًا أثناء توليه منصب رئيس جهاز المخابرات السعودي على مدى 24 عامًا، على قادة الصهاينة لكي يطبعوا العلاقات مع بلاده، كما أظهر دعمه للاحتلال في العديد من المواقف، أبرزها استقباله العديد من المسؤولين والشخصيات الرسمية الصهيونية، منهم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق اللواء، عاموس يدلين، ووزير المالية السابق، يائير لابيد، ومستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، يعقوب عميدرور. التصريحات المعادية للمقاومة الفلسطينية خاصة حركة الجهاد الإسلامي وحماس، قابلتها إدانة شديدة من قِبَل بعض فصائل المقاومة، حيث أدانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تصريحات رئيس جهاز المخابرات السعودية الأسبق، وأكدت الحركة في بيان لها أمس الأحد، أن اتهامات الفيصل باطلة، ولا تخدم إلَّا الأجندة الصهيونية التي تسعى لتصفية قضية فلسطين وفتح كل العواصم العربية والإسلامية أمام دولة الاحتلال، وأشارت إلى أن هذه التصريحات المشينة لا تسيئ إلى مقاومتنا وشعبنا وقضيتنا، بقدر ما تسيئ إلى قائلها وإلى الشعب السعودي الشقيق الذي لن يسره الزج باسمه في خذلان فلسطين وطعن مقاومتها في الظهر لمصلحة العدو الصهيوني. في الإطار ذاته، قالت حركة الجهاد الإسلامي: يبدو أن اللوبي المتصهين في الإدارة السعودية لم يتعلم الدرس من مبادرة فهد عام 1981 إلى المبادرة العربية عام 2002، بأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بأي نوع من السلام يضمن للفلسطينيين أدنى حد من الأرض والحقوق والسيادة وللعرب أي قدر من القوة والعزة والكرامة، وأضافت الحركة: نقول لهؤلاء إن كنتم عاجزين عن نصرة فلسطين وشعبها فلا تنتقلوا إلى المركب الإسرائيلي لإدانة الضحية والتحالف مع الجلاد، وشددت الجهاد على أن الشعب السعودي العربي المسلم لن يقبل بأن تفتحوا طريق الصهاينة إلى مكة والمدينة المنورة على أنقاض فلسطين والقدس والمسجد الأقصى. من جانبها استنكرت حركة حماس التصريحات الصادرة عن رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، تركي الفيصل، وقالت الحركة: إنها ترفض هذه الافتراءات التي لا أساس لها من الصحة، مشددة على أنها مجافية للحقيقة والواقع، وأضافت أن القاصي والداني يعلم أن حماس حركة فلسطينية مقاومة للاحتلال الصهيوني داخل أرض فلسطين، وذات أجندة فلسطينية خالصة لصالح شعبها وقضيتها وقدسها وأقصاها، وتتبنى الفكر الإسلامي الوسطي، ومنفتحة على جميع مكونات شعبها وأمتها والعالم، ونبهت الحركة إلى حرصها طوال مسيرتها على النأي بنفسها عن أي صراعات أو تجاذبات أو أجندات أخرى، وأردفت أن هذه التصريحات تسيء إلى شعبنا وقضيتنا ومقاومتنا، ولا تخدم إلَّا الاحتلال الصهيوني، وتوفر له الذرائع لمزيد من عدوانه على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. واستنكرت أيضًا حركة «الصابرين» الفلسطينية تصريحات الفيصل، ووصفت الحركة تصريحات رئيس جهاز المخابرات السعودية الأسبق ب«الظالمة»، مؤكدة أن هذه التصريحات تسيء للمقاومة الفلسطينية وتاريخها وشهدائها، وأكدت أن المقاومة الفلسطينية بأجمعها فصائل تهدف إلى تحرير فلسطين عبر انتهاج الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني الذي يعتبر عدوًّا مركزيًّا للأمة كلها، معتبرة أن مثل هذه التصريحات التي أدلى بها تركي الفيصل تعطي العدو الذرائع الكافية لمواصلة عدوانه ضد شعبنا المجاهد، وشددت الحركة على أن إيران دعمت المقاومة الفلسطينية لدحر الاحتلال الصهيوني، وللدفاع عن عزة وكرامة الأمة الإسلامية، وليس كما يدعي تركي الفيصل لإشاعة الفوضي. هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها السعودية تصريحات عدوانية للمقاومة الفلسطينية، وتتهمها بزعزعة الأمن والتنصل من المفاوضات، فقد سبقت تصريحات الفيصل أخرى مماثلة من وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الذي أكد في تصريحات سابقة أطلقها قبل أسبوعين، أهمية نزع سلاح حركتي حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية الأخرى، مقابل استعداد اسرائيل بالتفاوض لانسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967، وقال الجبير: تم التوافق في باريس على أن تتخذ جامعة الدول العربية كل الإجراءات اللازمة لنزع أسلحة حركتي حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية الأخرى، مقابل استعداد اسرائيل بالتفاوض لإنسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967. واستطرد وزير الخارجية السعودي: مبادرة السلام العربية التي انطلقت عام 2002، مازالت أفضل عرض لتسوية الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، مذكرًا بأن المبادرة تنص على الاعتراف بإسرائيل وعلاقات طبيعية بين الجانبين، مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، وأشار إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يحل عبر الكفاح المسلح الذي اعتمدته حماس والجهاد منذ أکثر من عشرين عامًا، إلَّا أن هاتين الحرکتين لم تتمكنا من تحقيق أي شيء، بل جعلتا المواطنين الفلسطينيين الأبرياء ضحية. دعوة وزير الخارجية السعودي بنزع سلاح المقاومة لاقت إدانات واسعه من تحالف قوى المقاومة الفلسطينية، حيث أكد التحالف أن هذه التصريحات معادية للمقاومة وللشعب الفلسطيني، ودليل جديد على تورط السعودية في التآمر على قضية فلسطين وقضايا أمتنا العربية، واعتبر التحالف أن هذه التصريحات مقدمة لمخطط خطير تقوده السعودية لتجريم المقاومة ضد الاحتلال، وللنيل من حقوق شعبنا كما أنها محاولة يائسة لإجهاض الانتفاضة الفلسطينية، وقال التحالف: إن الشعب الفلسطيني وقواه الحية وفصائل المقاومة الفلسطينية تحذر الجبير ومن ورائه وكل من تسول له نفسه التطاول على شعبنا وعلى المقاومة الفلسطينية، وأنها قادرة على محاسبة الذين يحاولون المساس بحقوق شعبنا وقضيتنا.