تعاني صناعة الحرير اليدوي بمدينة أخميم في محافظة سوهاج من إهمال الحكومة، وعدم توافر المواد الخام والإمكانيات المادية، ما أثر علي شهرة الصناعة العالمية وبدأت تغرب عنها الشمس، وصارت في ذمة التاريخ. صناعة الحرير تعتمد في الأساس على مهارة العمال ووفرة المواد الخام، وفي النهاية تسويق المنتج، واشتهرت بها مدينة أخميم، وكانت من أهم مراكز صناعتها، ووصلت منتجاتها إلى العالمية، وكان السائحون من الداخل والخارج يقصدون أخميم لشراء الأقمشة المنسوجة والمطرزة، حتى أطلق عليها أحد المؤرخين لقب "مانشستر ما قبل التاريخ" نسبة إلي مدينة مانشستر، التي تعتبر أقدم مدينة لصناعة النسيج في بريطانيا. واشتهرت أخميم في العصر الروماني بالمنسوجات الحريرية، وبلغت شأنا كبيرا حتى أصبحت تصدر منتجاتها خارج البلاد، وتوافر للمدينة من مواد الصباغة والألوان ما ساعدها علي تفوقها في المنسوجات، حيث كان ينمو بمنطقة وادي الملوك قرب دير السبع جبال شرق سوهاج نبات يسمى الملوك، الذي كانت تخرج منه عصارة حمراء داكنة تستعمل في الصباغة، خاصة الحرير القرموزي الذي كان يقتصر ارتداؤه علي الملوك والأباطرة في ذلك العصر. يقول خيري الخطيب، صاحب مصنع للحرير بمركز أخميم، إن عائلته من أقدم العائلات التي عملت في صناعة وإنتاج الحرير بأخميم، وكان لديهم مصنع منذ عام 1850م، وإن شهرة أخميم جاءت بسبب صناعتي الحرير الطبيعي والنسيج اليدوي، متابعا أن أبناء مدينة أخميم كانوا يصنعون أكفان الموتى من الكتان للفراعنة. وأضاف الخطيب ل"البديل" أن هذه الصناعة العريقة تندثر شيئاً فشيئاً لعدة أسباب، منها هجرة العمالة المدربة واتجاهها لمهن أخرى تدر دخلا كثيرا؛ لقلة العائد من صناعة الحرير، وارتفاع أسعار المواد الخام بسبب قلة واختفاء مزارع التوت، ومنافسة بعض الدول مثل الصين للحرير المصري. على الجانب الآخر، قال الدكتور أيمن عبد المنعم، محافظ سوهاج، إن المركز القومي للبحوث بالقاهرة أنشأ العام الماضي مزرعة نموذجية على قطعة أرض مساحتها 7 أفدنه بجزيرة قرامان بمدينة سوهاج لإنتاج الحرير الطبيعي، وتم زراعة 28 ألف شتلة توت كمرحلة أولى، حيث تستغرق فترة زراعة الأشجار عامين يتم خلالها زراعة 49 ألف شتلة من أشجار التوت بواقع 7 آلاف شتلة لكل فدان. وأوضح عبد المنعم ل"البديل" أن هذه المزرعة سوف تساهم في إحياء واستعادة مكانة المحافظة، خاصة أخميم في صناعة الحرير الطبيعي على المستوى الدولي والمحلي. ومن جانبها، أكدت الدكتورة كريمة حجاج، رئيس مشروع مزرعة إنتاج الحرير الطبيعي بسوهاج، أن المزرعة ستؤدي عملها وفق أنظمة تكنولوجية متطورة لإنتاج الحرير بجميع مراحله الثلاث "الحل والنسيج والصبغ"، بالإضافة إلى تدريب وتجهيز كوادر شبابية للحفاظ على الصناعة العريقة.