على الرغم من تردد وتداول أحاديث عن وجود خلاف بين الإدارة الأمريكية والإسرائيلية فيما يخص الاتفاق المتعلق بالمساعدات العسكرية للعشر سنوات المقبلة، والذي من المقرر أن يتم توقيعه الأشهر القليلة المقبلة، إلا أن هذه الخلافات تبدو ظاهرية إلى حد بعيد، ولا تنسجم شكلًا ولا موضوعًا مع الصفقات العسكرية والتجارية والمصالح المشتركة بين الجانبين. فبعد أن رفضت إدارة أوباما – بحسب العديد من التقارير الصحفية – زيادة المساعدات بشأن برنامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، رضخت وخرج البيت الأبيض بتصريحات توضح تراجعها عن هذا الاعتراض، مبينة أنها مسؤولة عن أمن الكيان الصهيوني. واستطردت الإدارة الأمريكية في بيان سريع أوضح فيه مسؤول كبير بالبيت الأبيض أن ميزانية الأمن الأمريكية لعام 2017 التي نشرت لا تدل على وجود نوايا لتقليص المساعدات العسكرية لإسرائيل، وإنما العكس من ذلك، مضيفًا أن الإدارة الأمريكية معنية بإدخال المساعدات الخاصة بتطوير منظومة الدفاع الصاروخية الإسرائيلية إلى المساعدات الأمنية خلال السنوات العشر القادمة، والتي تتفاوض إسرائيل حولها مع الإدارة الأمريكية، وبذلك منعت الحاجة للتفاوض مرة في كل عام بين الإدارة الأمريكية والكونجرس. وتشير هذه التصريحات إلى استجابة الإدارة الأمريكية لمطالب رئيس الوزراء الصهيوني في المباحثات القائمة بين أمريكا وإسرائيل منذ أشهر؛ لتجديد اتفاق لعشر سنوات لمنح الدولة العبرية مساعدات عسكرية أمريكية. وتابع المسئول «هذا الالتزام الذي ستصل قيمته لمليارات الدولارات على مدى عشر سنوات سيمثل أول تعهد طويل الأمد بشأن دعم الدفاع الصاروخي لإسرائيل، وسيمنحها دعمًا ثابتًا لدفاعها الصاروخي، بالإضافة للقدرة على التنبؤ وتسهيل التخطيط طويل الأمد». وهذه التصريحات تاتي ردًّا على من يتدالون أن هناك خلافات بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية، حيث تأتي تصريحات البيت الأبيص على قاعدة أن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين لا تتأثر، حتى إذا كانت هناك توترات في العلاقات الشخصية، وما يثبت ذلك هو الاتفاقيات التي تم التعاقد عليها بين الجانبين في السنوات الأخيرة، وخاصة بين إدارة أوباما ونتنياهو، رغم الحديث عن الخلافات بينهما. وتعاقد الكيان الصهيوني مع واشنطن على شراء 19 طائرة من طراز (إف-35) عام 2012 بمبلغ 2.75 مليار دولار، ووقع عقدًا في فبراير 2015 لشراء 14 طائرة إضافية من المقاتلات التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، بنحو 3 مليارات دولار، وذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن أول طائرتين من طراز (إف-35) ستصلان إلى الكيان الصهيوني بحلول نهاية 2016، على أن تكتمل عملية التسليم بحلول 2021. كما تلقت إسرائيل مساعدات بمئات الملايين من الدولارات؛ من أجل تمويل أنظمة الدفاع الصاروخي الثلاثة (القبة الحديدية، والعصا السحرية، والسهم) من الكونجرس الأمريكي، ووافق الكونجرس على مبلغ إضافي قدره 600 مليون دولار لهذه النظم في عام 2015، وهو رقم أعلى بكثير من المبلغ الأول 150 مليون دولار، والذي أرادت إدارة أوباما في البداية أن تقدمه. وينظر أغلب المراقبين إلى المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل وتزويد جيش الاحتلال باقوى منظومة دفاعية على أنه أمر بديهي لا يحتاج إلى تفسير، حيث ثمة من يري أن الاتفاق الجديد للكيان الصهيوني بحسب البيت الأبيض سيكون عملية إرضاء لإسرائيل، لاسيما بعد الاتفاق النووي مع إيران؛ ليبعث رسالة طمأنة إلى تل أبيب بأن واشنطن ستعمل على ضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري. وفي الداخل الصهيوني استغلت المعارضة الصهيونية الخلافات الظاهرية بين إسرائيل وأمريكا، وأبدت انتقادها لرئيس الاحتلال الإسرائيلي على رفض أمريكا برنامج المساعدات الجديد المقدم لإسرائيل، حيث اتهم زعيم المعارضة في إسرائيل إسحق هرتزوغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهديد أمن البلاد، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما معارضته زيادة المساعدات العسكرية بقيمة 455 مليون دولار، متهمًا نتنياهو ب«ممارسة ألاعيب» في المفاوضات. وكتب هرتزوغ على صفحته على موقع فيسبوك «إننا نفقد جزءًا كبيرًا من المساعدات العسكرية بسبب ألاعيب نتنياهو الأنانية»، وبحسب هرتزوغ فإنه «في حال ترك إسرائيل دون نظام دفاع جوي في الحرب المقبلة فإنه بامكاننا تشكيل لجنة تحقيق في كيفية اتخاذ نتنياهو القرارات المتعلقة بأمن إسرائيل». إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رد عليه، مؤكدًا أن الحكومة تعمل على تأكيد المساعدات الإضافية كجزء من المحادثات حول المساعدات العسكرية الأمريكية للجيش الإسرائيلي، منتقدًا محاولة تحويل الحوار مع أمريكا إلى أداة سياسية محلية في الداخل الإسرائيلي.