توظيف الجرائم لخدمة الأهداف السياسية أمر شائع في الدول الكبرى، ففي الولاياتالمتحدة عززت جريمة أورلاندو التي نفذها عمر متين من حظوظ المرشح الجمهوري دونالد ترامب المعروف بمواقفه العنصرية ضد العرب والمسلمين للمنافسة على المقعد الرئاسي، أما في المملكة المتحدة فقد تعزز جريمة قتل عضو البرلمان البريطانية جو كوكس، المعروفة بمواقفها المؤيدة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي من حظوظ إنجلترا بالاحتفاظ بكرسيها في الاتحاد، خاصة أن الجريمة جاءت قبل أسبوع واحد فقط من موعد الاستفتاء الشعبي حول البقاء في الاتحاد الأوروبي من عدمه. جو كوكس ولدت كوكس في باتلي وتخرجت من جامعة كامبريدج في عام 1995، وانتخبت نائبة في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت عام 2015، وسبق أن عملت مسؤولة عن رسم السياسات في منظمة أوكسفام الخيرية، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 41 عاما، وعملت كوكس في حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 2008. حيثيات الجريمة لا يحضر أعضاء مجلس العموم البريطاني حاليًا جلسات البرلمان؛ استعدادًا لاستفتاء حول مستقبل البلاد في الاتحاد الأوروبي، حيث يعقد معظم نواب البرلمان البريطاني جلسات لتقديم الاستشارات في دوائرهم الانتخابية لإعطاء الفرصة للناس هناك للقائهم وطرح القضايا التي تهمهم، وهوجمت كوكس في الشارع قبل أن تبدأ باستقبال المراجعين من أبناء دائرتها في مكتبة ببلدة بيرستال القريبة من مدينة ليدز شمالي بريطانيا، حيث تعقد النائبة جلسة أسبوعية لتقديم الاستشارات. وقال شاهد عيان، إنه سمع صوت فرقعة عال بدا وكأنه انفجار بالون، وأضاف عندما نظرت في المكان كان ثمة رجل يقف، كان في الخمسينيات من العمر، يرتدي قبعة بيسبول بيضاء وسترة ويحمل مسدسًا في يده، بدا مسدسا قديم الطراز، وأكمل: «أطلق النار على السيدة مرة ثم أطلق عليها ثانية، فسقطت على الأرض، فانحنى عليها وأطلق النار عليها مرة أخرى في منطقة الوجه»، وعندما حاول أحد الأشخاص سحبه، تصارع القاتل معه ثم أخرج سكينا، مثل سكاكين الصيد، وبدأ في طعنها بالسكين عدة مرات، ثم تركت كوكس مضرجة بدمها في الشارع. وحددت هوية قاتل كوكس بأنه شخص من سكان المنطقة التي تقع ضمن دائرتها الانتخابية في 52 من عمره ويدعى توماس ماير. النازيون الجدد ومقتل كوكس قال سكوت، شقيق القاتل: إن توماس أصيب باضطرابات نفسية وخضع للعلاج، وصرح لصحيفة ديلي تلغراف البريطانية: «لا أستطيع أن أصدق، شقيقي ليس عنيفًا ولا مسيسًا». وأضاف: «أصيب في الماضي بمرض نفسي لكنه حصل على المساعدة اللازمة». على الرغم من أن الشرطة في ويست يوركشير رفضت مناقشة الدوافع المحتملة وراء الحادث، رغم التقارير التي تؤكد تعاطف المتهم مع المجموعات اليمينية المتطرفة، إلَّا أن مراقبين يرون أن موقف النائبة البريطانية من «البريكسيت» هو الدافع الرئيس لمقتلها، خاصة أن قاتلها صاح قبل أن يقتلها «بريطانيا أولًا». ورغم أن دوافع القاتل لم تتضح بعد، إلَّا أن منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية، ساذرن بوفرتي لو سنتر، كشفت أمس أن قاتل النائبة البريطانية الذي تم إيقافه هو من أنصار مجموعة النازيين الجدد، التي تتخذ من الولاياتالمتحدةالأمريكية مقرًّا لها، وتابعت المنظمة أن ماير أنفق أكثر من 620 دولارًا في أعمال لمجموعة «التحالف الوطني» التي تدعو إلى بناء أمة مؤلفة من البيض حصرًا وإلى القضاء على الشعب اليهودي، الأمر الذي يتعارض مع أفكار مجموعة النازيين الجدد، حيث تعرف كوكس بموقفها الرافض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث قالت في آخر تدوينة لها نشرتها في ال10 من يونيو الحالي عبر حسابها على تويتر، إن الهجرة مصدر قلق مشروع، لكنها ليست سببًا وجيهًا يدفع بريطانيا إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي، وتعتبر كوكس أن أكثر من نصف جميع المهاجرين الوافدين إلى بريطانيا يأتون من خارج الاتحاد الأوروبي، ونتيجة الاستفتاء بشأن بقاء بريطانيا في الاتحاد أو لا، لن تغير ذلك إلى الأفضل، معتبرة أن القول بغير هذا الأمر «وهم زائف»، كما تدافع كوكس أيضًا عن قضية اللاجئين السوريين.