يبدو أن الأوضاع الأمنية في العراق، التي كلفت المواطنين حياتهم بالفعل، فرضت على رئيس الوزراء حيدر العبادي، إجراء بعض التغييرات، التي طالت عددا من المسؤولين في مناصب أمنية واقتصادية وإعلامية، بعدما تعهد في أغسطس الماضي بمواصلة الإصلاح، قائلا إنه مُصر على الأمر «وإن كلفه حياته». البنوك صدر قرار وزاري أمس، يقضي بإعفاء مدراء مصارف الرافدين، باسم الحسني، والرشيد، حمد عبد الوهاب، والعقاري، خضير عباس، والصناعي، كاظم ناشور، والزراعي، محمد هادي الخفاجي، والتجاري، حمدية الجاف، ومدير عام المصرف التجاري من مناصبهم، وتأتي هذه الإقالات ضمن خطة رئيس الوزراء التي تشمل إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية، فضلا عن مكافحة الفساد. وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي للعبادي: "القرار يهدف إلى تنشيط القطاع المصرفي والسير بالاستراتيجية الوطنية لتنشيط الاقتصاد وخلق فرص عمل وتنفيذ إطلاق القروض للمشاريع الصناعية والسكنية والتجارية للمواطنين بأفضل صيغة وحسب خطط الحكومة". وأثار إقالة حمدية الجاف من منصبها كمدير للبنك التجاري، جدلًا في الأوساط العراقية، فبالإطاحة بها، يكون العبادي أبعد مسؤولا كرديًا آخر من منصبه، بعد إحالة رئيس أركان الجيش العراقي، بابكر زيباري، إلى التقاعد. وكانت وجهت إلى الجاف خلال قطع الحكومة العراقية ميزانية إقليم كردستان، اتهامات بمنح الإقليم قروضا بمبلغ مليار و500 مليون دولار من دون أية ضمانات مصرفية من الإقليم، كمحاولة منها لمساعدة "كردستان". المخابرات قرارات الإعفاء طالت أيضا مدير جهاز المخابرات العراقية، اللواء زهير الغرباوي، من منصبه وتعيين مصطفى عبد اللطيف مشتت، الملقب بمصطفى الكاظمي، بديلا عنه، وبإقالة الغرباوي تكون قد طويت صفحة الضباط الكبار في الجهاز الأهم بالعراق، الذين تم تعيينهم من قبل واشنطن؛ حيث قام نوري المالكي، بطرد أكثر من ألف ضابط خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء، جميعهم ممن أشرف الأمريكيون على تدريبهم. وتأتي إقالة الغرباوي في وضع أمني مترهل للغاية يشهده العراق، فقد نفذ تنظيم داعش ثلاثة تفجيرات في محافظة بغداد خلفت عشرات القتلى الشهر الماضي وبعد أسبوع فقط نفذ 4 هجمات في العاصمة أيضًا خلفت عدد قتلى وجرحى أكبر. اللافت أن العبادي عين مصطفى عبد اللطيف مشتت في منصب رئيس للمخابرات، والذي كان يعمل إعلاميا ورئيس تحرير مجلة أسبوعية، وسبق ذلك تعيينه نائبا لرئيس جهاز المخابرات لشؤون العمليات ومن ثم أصبح رئيسًا للجهاز. الإعلام أحال العبادي الثلاثاء الماضي، أيضا رئيس شبكة الإعلام العراقي محمد عبد الجبار الشبوط، إلى التقاعد، وكانت وثيقة مسربة قد تداولتها وسائل إعلام محلية كشفت في وقت سابق عن قبول العبادي استقالة قدمها الشبوط. الإقالات تكمل قرارات مجلس الوزراء سلسلة الإقالات تزامنت مع نشاط لحركة مجلس الوزراء العراقي، حيث عقد الثلاثاء الماضي، جلسته الاعتيادية برئاسة العبادي وحضور الوزراء الكرد بعد أكثر من شهر على مقاطعتهم لجلسات المجلس، عقب اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء في ال30 إبريل الماضي. وجرى خلال الجلسة الموافقة على مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية التي تم التوصل إليها مع صندوق النقد الدولي الداعمة للإصلاحات الاقتصادية والمالية للحكومة العراقية ومكافحة الفساد وتعزيز الرقابة المالية والشفافية وإدارة النقد. ويرى مراقبون أن سلسلة الإقالات تأتي انعكاسًا واضحًا للأهداف والقرارات التي أعلنها مجلس الوزراء العراقي. خطوات إصلاحية سابقة للعبادي كان العبادي وافق منتصف شهر سبتمبر من العام الماضي على مشروع قانون "إلغاء قانون مناصب نواب رئيس الجمهورية"، وأعلن حزمة إصلاحات ألغى بموجبها مناصب نواب رئيس الجمهورية نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي، ونوابه صالح المطلك وبهاء الأعرجي وروز نوري شاويس، وتقليص عدد أفراد حماية المسؤولين العراقيين، وألغى مخصصات أصحاب الدرجات العليا من الموظفين والمتقاعدين من أجل تخفيض الإنفاق الحكومي بسبب الأزمة المالية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالميا، وأطلق حزمة من الإصلاحات لمحاربة الفساد.