«الكواليس».. مرآة كاشفة لقضايا الفرق المستقلة والمرأة المبدعة

كواليس الفن عالم جاذب ومثير للجمهور؛ لما له من غموض وسحر خلف أضواء العمل الفني، كما تعكس الكواليس عالمًا صغيرًا يمثل نموذجًا كاشفًا للمجتمع ككل، وهذا ما تقدمه فرقة سبيل للفنون في عرضها المسرحي "الكواليس"، الذي قدمته مؤخرًا على خشبة مسرح الفلكي، من تأليف وإخراج د. داليا بسيوني.
تدور أحداث العرض في الأيام الأخيرة قبل افتتاح أحد عروض فرقة مسرحية مستقلة، فيما يفاجئ بطل العرض مخرجته بانسحابه؛ بسبب مشاركته في عمل تليفزيوني؛ ليتخلى عن العرض وعن علاقته العاطفية بالمخرجة، التي كانت ترفض الاعتراف باستغلاله لها عاطفيًّا.
يتجاوز العرض مشاكل الفرقة الفنية؛ لمحاولة إنقاذ العرض وتقديمه في موعده، وينطلق إلى آفاق أوسع، سواء في عالم صناعة الفنون أو المحيطين الاجتماعي والثقافي اللذين تدور خلالهما أحداثه، كاشفًا للعلاقات بين فريق العمل وانسحاب الممثلين من المسرح لصالح الدراما التليفزيونية دون الاهتمام بالمحتوى المقدم ونظرة المجتمع للفنان والمرأة، خاصة في عالم الفن، سواء كممثلة أو قائدة للعمل ككاتبة أو مخرجة، ومشاكل الفرق المستقلة، خاصة إنتاجيًّا.
العرض نسوي الطابع مثل كافة عروض مؤلفته ومخرجته، يناقش وضعية المرأة في العمل الفني، وهو نموذج كاشف لوضعية اجتماعية عامة، لا سيما حين تكون المرأة في موضع القيادة.
قسمت المخرجة خشبة المسرح إلى ثلاثة أقسام: الأول في مواجهة الجمهور، تدور فيه لقاءات بروفات العرض، وفي جانب المسرح غرفة تبديل الملابس، وفيها تدور حوارات ممثلات العرض الكاشفة للنظرة الاجتماعية للممثلة، وغطت خلفية الخشبة شاشة تعرض عليها بعض مشاهد من بروفات الأداء للعرض المسرحي المفترض تقديمه.
حوارات العرض تمثل مرآة اجتماعية للموقف من حضور المرأة في العمل الفني كمبدعة، واختارت كاتبته أن تحمل شخصية المؤلفة التي أدتها داليا بسيوني بعضًا من ملامح المؤلفة المخرجة أستاذة المسرح بجامعة حلوان، سواء بتركيبتها ككاتبة وأكاديمية، أو بانشغالها بقضايا المرأة والمسرح، كما أن العرض الذي يفترض أن الفرقة تعده، وتظهر بعض ملامحه على الشاشة الخلفية هو "سحر البرلس" -2012- آخر عروض فرقة سبيل من تأليف وإخراج داليا البسيوني.
مسرحية "الكواليس" مستوحاة من المسرحية الأمريكية "ستيج دوورز" – أبواب خشبة المسرح – تأليف إدنا فيربير وجورج س. كوفمان، التي تتعرض لحضور المرأة في المسرح الأمريكي في عشرينيات القرن الماضي. لعب بطولة الكواليس: نادين الشيتي، حسن عبد الله، نانسي علم الدين، أحمد الشربيني، ومدرونا سليم. سينوغرافيا سعد سمير، ملابس نرمين سعيد، فيديو أحمد السيد.
أسست المخرجة داليا بسيوني فرقة سبيل للفنون 1997، وأخرجت 18 عرضًا مسرحيًّا في مصر وإنجلترا والولايات المتحدة. ركزت فيها على قضايا المرأة، منها "سوليتر" من تأليفها وإخراجها وبطولتها. شاركت بها في عدة مهرجانات، ونالت عنها جائزة الصندوق العربي للفنون والثقافة. وفي أعقاب ثورة 25 يناير قدمت عرض المسرح التوثيقي "حواديت التحرير"، كما ترجمت نصوصًا لعدد من الكاتبات الغربيات.