صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه سيكلف وزير الاتصالات، بن علي يلدريم، بتشكيل الحكومة الجديدة فور استقالة، رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، من رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وقال أردوغان: إن المؤشرات تدل على وجود إجماع كبير في صفوف حزب العدالة والتنمية على التوجه إلى المؤتمر العام بمرشح واحد لرئاسة الحزب، وسيتم انتخاب «يلدريم» بشكل رسمي رئيسًا للحزب خلال المؤتمر الاستثنائي المقرر عقده غدًا الأحد، وبعد ذلك يقدم أحمد داود أوغلو استقالته. يأتي ذلك بعدما زكى حزب العدالة والتنمية، الخميس الماضي، وزير الاتصالات والنقل والملاحة البحرية، بن علي يلدريم، مرشحًا وحيدًا لخلافة أحمد داود أوغلو في رئاسة الحزب وبالتالي رئاسة الحكومة، حيث أكد أوغلو أنه لا ينتوي الترشح لرئاسة الحزب من جديد، بعد أن اندلعت العديد من الخلافات بينه وبين اردوغان، وبالتالي سيكون منصب رئيس الحكومة التركية مشغولًا، حيث ينص النظام الداخلي للحزب الحاكم في تركيا على أن يتولى رئيس الحزب رئاسة الحكومة. قال يلدريم في خطاب ألقاه بعد ترشيحه: إنها مسؤولية كبيرة، سنبذل ما بوسعنا وسنعمل في انسجام تام مع كل الرفاق في الحزب على كل المستويات، بدءًا برئيسنا المؤسس والقائد رجب طيب أردوغان، وكافة رفاقنا داخل حزبنا، من أجل الوصول إلى أهداف تركيا الكبرى. يتحدر بن على يلدريم البالغ من العمر 60 عامًا، من عائلة متواضعة من اترزينجان، وتلقى تعليمه في الكلية البحرية التابعة لجامعة إسطنبول التقنية ليتخصص في مجال الهندسة والعلوم البحرية، قبل أن يحصل على شهادة الماجستير من الجامعة البحرية الدولية في مدينة مالمو بالسويد في مجال السلامة البحرية وحماية البيئة عام 1991، التي درس خلالها إدارة المجال البحري في مختلف الدول الأوروبية على مدى ستة أشهر. تولى يلدريم العديد من مشاريع البنى التحتية، فعلى مياه مضيق البيسفور نفذ يلديريم، المهندس في مجال المنشآت البحرية أولى مشاريعه، عندما تسلم إدارة الطرق البحرية لأسطنبول منذ عام 1994 إلى 2000، وكان أردوغان حينها يتسلم رئاسة البلدية منذ عام 1994 إلى 1998، وعندما أسس أردوغان حزب العدالة والتنمية في 2001، لم يتخل عن يلديريم وعينه نائبًا برلمانيًّا عن مدينة إسطنبول بين عامي 2002 و2007، وعن مسقط رأسه أرزينجان بين عامي 2007 و2011، وعن مدينة إزمير بين عامي 2011 و2015، كما تولى يلدريم حقيبة الاتصالات والنقل والملاحة البحرية بشكل شبه متواصل منذ عام 2002. يعتبر وزير الاتصالات والنقل والملاحة البحرية، بن على يلدريم، من المقربين الأكثر وفاءً للرئيس رجب طيب أردوغان، حيث يعتبر يلدريم رفيق الأخير منذ انتخابه رئيسًا لبلدية اسطنبول في عام 1994، كما تولى يلديريم الإشراف على مشاريع البنى التحتية العملاقة، التي توجه إليها المعارضة والمدافعون عن البيئة انتقادات حادة، والتي كان أبرزها مشروع المطار الدولي الثالث في شمال غرب العاصمة، الذي تسبب في قطع الغابات وسيكون قادرًا على استقبال 150 مليون مسافر سنويًّا، ومن المقرر أن يبصر النور في 2017، الأمر الذي دفع البعض إلى القول أن اختيار اردوغان ليلدريم كرئيس للحكومة والحزب الحاكم يرجع إلى حملة تعزيز سلطات رئيس الدولة التي يشنها أردوغان منذ فترة. يرى بعض المراقبين أن المهمة الرئيسة لرئيس الحكومة المقبل داخليًّا، ستكون إتمام مشروع التغيير الدستوري الذي يريده أردوغان ويسعى نحوه منذ فترة طويلة، لنقل البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي، يتسلم بموجبه رئيس الدولة القسم الأكبر من صلاحيات رئيس الحكومة، ليصبح رئيس الوزراء مجرد أداة بيد السلطة التنفيذية ويستجيب لأوامره كافة، الأمر الذي أكدته تصريحات يلديريم التي أدلى بها في أول لقاء معه بعد إعلان ترشحه للمنصب، قائلًا: "الآن، سنقيم نظامًا رئاسيًّا. يثير احتمال تعزيز أردوغان لسلطاته بشكل إضافي، قلق معارضيه في الداخل الذين يتهمونه بنزعة سلطوية، خصوصًا بعدما كثف الملاحقات القضائية بحق صحفيين بتهم الإهانة، ومحاولاته دفع البرلمان التركي لإقرار مشروع لرفع الحصانة عن نواب موالين للأكراد، كما اتسع انتقاد اردوغان من مجرد معارضة داخلية إلى خارجية، حيث وجه بعض المسؤولين الأوروبيين انتقادات حادة للرئيس التركي الذي سيطرت نزعته السلطوية على سياسته الداخلية والخارجية بشكل ملحوظ، وكان آخر تلك الانتقادات ما وجهه رئيس البوندستاج الألماني، نوربرت لاميرت، حيث انتقد الطموحات السلطوية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وقال لاميرت: إن تصرفات أردوغان تندرج للأسف في إطار استمرارية مجموعة كاملة من الأحداث التي تحمل تركيا على الابتعاد الدائم عن المبادئ التي تنظم الديموقراطية في رأينا، وتطرق لاميرت إلى قانون رفع الحصانة عن النواب الأكراد، قائلًا: إن أردوغان يؤكد بذلك طموحاته السلطوية.