جاء قرار الموافقة على استقبال قلعة قايتباي بالإسكندرية الأفراح، لينال من قيمة القلعة التاريخية والأثرية، في مقابل حفنة جنيهات، كما يعرضها للسرقة والنهب، واحتمالية اندساس أحد المخربين ضمن مدعوي الأفراح وارتكاب أعمال إرهابية. قلعة قايتباي شيدت على أنقاض منارة الإسكندرية القديمة التي انهارت عقب زلزال عام 702 هجريًا في عهد السلطان الناصر محمد في نهاية جزيرة فاروس أقصى غرب المدينة، وبدأ السلطان الأشرف أبو النصر قايتباى بناءها عام882 ه حتى عام 884 ه، وكان سبب اهتمامه بالإسكندرية، كثرة التهديدات المباشرة لمصر من قبل الدولة العثمانية، التي هددت المنطقة العربية بأسرها، واهتم السلطان المملوكي قنصوه الغوري بالقلعة فزاد من شحنها بالسلاح. قال محمد توفيق، المنسق العام للمركز القومي لمكافحة الفساد بالإسكندرية، إن الموافقة على إقامة حفلات الزفاف داخل القلعة، بمثابة إهانة للتاريخ في مقابل حفنة جنيهات، متابعا: «حتى إذا لم تؤثر على المبنى التاريخي من الناحية الإنشائية، ستنال من القيمة التاريخية والحضارية للقلعة». وأضاف توفيق ل«البديل»: «القرار أعاد للأذهان نظام وفكر وسيطرة رجال مبارك، حينما تمت الموافقة على إقامة حفل زفاف الدكتور محمد كمال، أمين الإعلام بالحزب الوطني المنحل، داخل قصر محمد علي، بتوصية خاصة من لجنة السياسات آنذاك»، مطالبًا بمحاسبة كل من وافق على إهانة التاريخ بإقامة مثل هذه الحفلات. وتساءل توفيق: ماذا لو اندس أحد الإرهابيين وسط أهالي العروسين ونفذ عملية تفجير للإضرار بالتاريخ، وهل ستتولى مديرية الأمن حماية القلعة وتفتيش كل المدعوين أو المشاركين فى حفلات الزفاف؟، مضيفا: «اتصلت بوزيرالآثار وجارى تحديد موعد لإنهاء المهزلة التى طالت القلعة التاريخية». وأوضح الدكتور عزت زكي، رئيس قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، أن القلعة يمكن أن تستوعب احتفالية وطنية كعيد تحرير سيناء، وليس حفلات زواج أو ما يشابهها، مضيفا أن ساحة القلعة تشهد أفعالاً غير مستحبة كالرقص والمشروبات، خاصة أن «قايتباي» من المواقع الأثرية المهمة، وباستغلالها في تنظيم حفلات الأفراح سيعرضها للنهب والسرقات. وعن الأسباب التي أوردتها وزارة الآثار حول استغلال القلعة لزيادة الدخل نظرًا للوضع الاقتصادي المتأزم، قال قادوس ل«البديل»: «لانخفاض السياحة أثر كبير على الأوضاع الاقتصادية، لكن ليس معناه أن تلجأ الحكومة – على سبيل المثال- لبيع آثارها أملاً في القضاء على الأزمة»، متوقعا تحسن الوضع الاقتصادي، وعلى الوزارة ألا تلجأ لطرق تحصل منها على بعض الأموال ثم تنفق أضعافها على الترميمات والصيانة. وعلى الجانب الآخر، استنكر أسامة إسماعيل، مدير قلعة قايتباي، ردود الأفعال الرافضة لإقامة حفل زفاف داخل القلعة، قائلا: «إيه اللي أثر على القلعة من إقامة الحفلات، كده كده بتقام حفلات سواء في القلعة أو في الأهرام أو قلعة صلاح الدين بالقاهرة أو في أي مكان أثري». وتابع: «القلعة بالفعل مفتوحة للزيارات، ولا يوجد مشكلة في إقامة احتفالات داخلها بتصريح من الوزارة والدولة، خاصة أنها تقام في صحن القلعة وليس بداخلها»، مؤكدا عدم تأثر القلعة كأثر من إقامة حفلات الزفاف بها، مضيفًا: «من حق أي شاب مصري على وطنه أن يحتفل بفرحه في القلعة». وأشار إلى الاحتفالات التي تقام داخل قصري البارون ومحمد علي باشا، وكذلك مؤتمرات مصحوبة باحتفالات لمطربين، بخلاف مهرجانات أوبرا سيد درويش، مستنكرًا عدم الاعتراض عليها مقارنة بحفل القلعة لمجرد أنه «زفاف»، قائلا: «وبما أن الحفل لا يتعارض مع الذوق العام والأثر، فلا مانع من إقامته». وأوضح أنه غير مسؤول عن القرار، إنما اتخذه الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق، وليس الحالي، مؤكدا أن القرار يساعد على تنمية الاقتصاد، مشددًا على أن القلعة لم تتحول لقاعة أفراح، لكنها احتفالية، ويحرر محضر التنسيق بين وزارة الآثار والمحافظة ومنسق الحفل.