كلمات كثيرة تثير انتباهنا وأذهاننا حينما ترد على مسامعنا لأول مرة، وذلك لأنها تظل خافية في الثراث لسنوات كثيرة، إلى أن يأتي من يعيد إحياءها مرة أخرى، بالإضافة إلى أن هناك قصصًا تراثية تعيش عليها شعوب كاملة، فالتراث الموسيقي مليء بمثل هذه القصص والكلمات. "يا زريف الطول" جملة تراثية متداولة ببلاد الشام، يرجع أصلها إلى القرى الفلسطينية، فقد غنت معظم الفرق التراثية الفلسطينية أغنية "يا زريف الطول"، حتى أصبحت لونًا غنائيًّا مشهورًا حتى اليوم، إلى أن دخلت عالم المنافسة بين الفنانين الفلسطينيين، فأبدعوا وتألقوا بأدائها وبما أدخلوه عليها. كلمة "ظريف الطول" في هذا السياق تحتمل معنيين: الأول بحرف الظاء، وهو استحسان القوام الممشوق، والثاني بحرف الزاي، من الزرافة، ويعني أيضًا القوام المتسق الممشوق. وتحكي الأغنية عن الإلهة "عناة"، وهي أحد الآلهة الكنعانية القديمة، والتي أعجبت بشخص يدعى "ظريف الطول"، واستحسنته، ونشأت بينهما علاقة، إلا أن أهل "عناة" رفضوا تلك العلاقة، وحبسوها ومنعوها من رؤيته. ترتب على ذلك حزن "ظريف الطول" وكره البقاء في قريته بلا معشوقته "عناة"، فاتخذ قراره بالهجرة والرحيل، فحزنت "عناة" حزنًا شديدًا عندما علمت بقراره، فأرسلت إليه قصيدة تقول فيها: يا ظريف الطول وقف أقول لك.. رايح ع الغربة وبلادك أحسن لك خايف يا المحبوب أتروح وتتملك.. وتعاشر الغير وتنساني أنا يا ظريف الطول يا سن الضحوك.. ياللي رابي في دلال أمك وأبوك يا ظريف الطول يوم إلى غربوك.. شعر رأسي شاب والظهر انحنى يا ظريف الطول وين مهاجر وين.. نتمنى من الله ترجع عنا هين بلكي أنا وأنت بنتلاقى ع العين.. ونغني عتابًا ونصدح ميجانا انتشرت الأغنية بين أهالي القرى الفلسطينية، خاصة مع تهجيرهم من أراضيهم، وامتزجت بشجن واضح في باقي كلمات الأغنية، التي أضيفت إليها فيما بعد، حتى قرر الفنان المصري حمزة نمرة، في الحلقة الثالثة من برنامج "ريمكس" الذي يقدمه على شبكة التليفزيون العربي، أن يقدم الأغنية الفلكولورية بطريقته الخاصة. وقابل الفنان في نفس الحلقة الفرقة البريطانية الفلسطينية الأصل "فورتي سيفين سول"، وقاما معًا بعمل ريميكس للأغنية الفلسطينية الفلكولورية، حتى انتشرت الأغنية الفلسطينية الشهيرة في شوارع العاصمة البريطانية لندن، جاذبة انتباه المارة لألحان شرقية غير معتادة على الآلات الموسيقية الغربية، كما حققت نجاحًا واسعًا وانتشارًا في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي عربيًّا. وأجاد الفنان نمرة اللهجة الفلسطينية الغنائية بشكل مميز، وذلك بمشاركة فرقة 47SOULوفرقة الحنونة الفلسطينية، حيث تقدم الأغنية هذه المرة بشكل مصور واستعراضي في شوارع لندن.