في ظل الوضع المأساوي والمعاناة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون السوريون في الأعوام الماضية، بعد اشتداد الأزمة السورية، تظهر تصريحات في مختلف الأوساط، تنتقد عدم فتح أمريكا حدودها أمام هؤلاء، وتبدى امتعاضها من ألا يجد اللاجئون السوريون مأوى في أمة عرفَت على مدار تاريخها باستقبالها لأكبر عدد من اللاجئين والمهاجرين. وفي خطوة توضح مدى تعامل الإدارة الأمريكية مع الأزمة وتخوفها من استقبال السوريين، رفضت القنصلية الأمريكية في تركيا منح تأشيرة لمبرمج سوري يدعى مجاهد عقيل، رغم دعوته من جوجل؛ وذلك لسبب وحيد يكمن في جنسيته السورية وخشية طلبه اللجوء. عقيل ذو ال25 عامًا كان قد تلقى دعوة رسمية من شركة جوجل؛ لحضور مؤتمر في الولاياتالمتحدة، يتخلله انعقاد جلسات وندوات، تركز على تطور الإنترنت وتطبيقات الجوال، حيث رشحته بعد التواصل معه؛ ليتحدث في مؤتمرها السنوي عن تطبيقه "غربتنا". يعمل عقيل مهندس إلكترونيات في مدينة غازي عنتاب التركية، وابتكر تطبيقات عدة لتخفيف العبء عن اللاجئين السوريين في تركيا ومساعدتهم في كسر حاجز اللغة، منها تطبيقا "ترجم لي لايف" و"غربتنا". ورغم أنه أكد أكثر من مرة أنه لن ينوي اللجوء إلى أمريكا، وأن سفره فقط لحضور المؤتمر، لكن يبدو أنه سيواجه أحد متاعب اللاجئين، وهو التشكك الأمني من قِبَل الدول المستضيفة، حيث وقفت التأشيرة الأمريكية حاجزًا أمام حضوره المؤتمر، ورغم إرسال جوجل خطابًا إلى القنصلية الأمريكية، أعربت فيه عن استعدادها لتحمل كامل تكاليف رحلة وإقامة عقيل التي لن تستغرق أكثر من 7 أيام، إلا أن الطلب قوبل بالرفض؛ ما سيحرمه من الذهاب للحديث أمام آلاف المطورين عن منصته وتجربته. ورغم أن الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما تعهدت في وقت سابق من العام الماضي بزيادة عدد اللاجئين الذين من المقرر أن يسمح بدخولهم الولاياتالمتحدة؛ ليصل إلى 10 آلاف، على أن تكون أغلب هذه الزيادة من السوريين، إلا أنه لم تفتح أبوابها حتى الآن إلا لألف فقط. وبينما يحاول نشطاء حقوق الإنسان إقناع أوباما بقبول المزيد من السوريين، تظهر المخاوف الأمنية والمشاعر المناهضة للهجرة، والعقبات البيروقراطية؛ لتقف في طريق هذه المساعي الدولية، التي اصطدمت بالقوانين الأمريكية، حيث وافق مجلس النواب الأمريكي في أواخر العام الماضي، بأغلبية ساحقة، على مشروع قانون جديد ينص على فرض قيود على استقبال اللاجئين القادمين من العراق وسوريا في الولاياتالمتحدة، وحظي المشروع بموافقة 289 عضوًا في مجلس النواب مقابل اعتراض 137، وكان أغلب المؤيدين من الحزب الجمهوري، إضافة إلى 47 عضوًا بالحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه أوباما. وبعيدًا عن التعهدات الأمريكية التي لم تنفذ بشأن اللاجئين السوريين، لا تلقى هذه التعهدات قبولًا في الولاياتالمتحدة من المسؤولين، خاصة المرشحين للرئاسة الأمريكية، حيث أعلن العديد منهم اعتراضهم على استقبال اللاجئين السوريين، كما هدد بعض المحافظين بمنع اللاجئين من دخول ولاياتهم، ودعا دونالد ترامب المرشح الوحيد للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل إلى اعتماد إجراءات أشد بكثير، إذ طالب بمنع كل المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة حتى إشعار آخر. وتعتمد الولاياتالمتحدة في استقبالها اللاجئين السوريين على الكثير من الفحوصات الأمنية، وقال مسؤول بمكتب الهجرة في أمريكا: بموجب التدابير الأمنية نستبعد أعدادًا كبيرة من الناس الذين يشكلون خطرًا محتملًا على الولاياتالمتحدة. وفي هذا الصدد اعترفت كيلي جوجر، نائب مدير مكتب القبول في وزارة الخارجية الأمريكية لشبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" بعملية الفرز الطويلة التي تقوم بها السلطات الأمريكية، وأكدت أن بموجبها "قد لا ترى أمريكا أعدادًا كبيرة من اللاجئيين لبضع سنوات مقبلة". وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقرير سابق لها: إن جهود إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لزيادة أعداد اللاجئين السوريين بالولاياتالمتحدة تتحرك بشكل بطيء جدًّا. وأشارت إلى أن أعداد اللاجئين السوريين في الولاياتالمتحدة ربما لا تصل إلى العدد الذي وعد به الرئيس الأمريكي، والذي حدده ب10 آلاف لاجئ على الأقل بنهاية السنة المالية الحالية. فبعد مرور أكثر من 9 أشهر على تعهد الرئيس الأمريكي، لم تسمح الولاياتالمتحدة سوى لأقل من الثمن، حيث بلغ عددهم 1000 لاجئ سوري، واعتبرت الصحيفة أن تلك الوتيرة البطيئة لاستقبال اللاجئين السوريين في الولاياتالمتحدة تقوض مساعي الراغبين في استقبال اللاجئين بأمريكا.