برلماني: قانون المجلس الأعلى للتعليم والتدريب ضربة البداية لإصلاح المنظومة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 29 مايو 2023    برلمانية تطالب بسرعة إنشاء شركة المصريين بالخارج للاستثمار    إلزام 327 جهة بتطبيق منظومة توحيد معايير احتساب ضريبة المرتبات    رئيس الوزراء يُوجه بالتوسع في تصنيع العدادات مسبوقة الدفع والذكية محليًا    ارتفاع أرباح أكتوبر فارما هامشيا خلال الربع الأول    وزير الإسكان يبحث مع غرفة التطوير العقاري سبل دعم القطاع والتحديات التي تواجهه    إصابة 8 فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي بمدينة جنين    كوريا الشمالية: نبدى استعدادا للقاء قادة اليابان إذا تطلعوا لتحسين العلاقات    زلزال بقوة 4.4 درجة يضرب ولاية آسام الهندية    مواعيد مباريات الإثنين 29 مايو 2023.. الأهلي في اختباره الأخير قبل نهائي الأبطال    تقييم صلاح أمام ساوثامبتون من الصحف الإنجليزية    اسكواش - تأهل ثلاثي دجلة إلى ربع النهائي.. ومؤمن ونور الطيب يودعان منافسات الجونة    "رياضة النواب" تقدم روشتة تحقيق أفضل النتائج في أولمبياد باريس وتطالب برفع الوعي    نشاط رياح وأمطار وارتفاع حرارة.. خريطة الظواهر الجوية حتى السبت المقبل    أولياء امور طلاب الثانوية العامة بسلامون والقرى المجاورة يستنكرون قرار امتحان أبنائهم بمدينة المنصورة .    مصرع ستينى في حادث تصادم دراجة نارية وتريلا ببنها    جوجل يحتفي اليوم بذكرى ميلاد الروائي الراحل "عبدالرحمن منيف"    حفلة على الضيق.. تامر حسنى يغنى مع ركاب داخل طائرة "فيديو"    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الأهلي وسيراميكا الليلة    هل حُرّمت الصلاة بعد العصر؟.. «الإفتاء» توضح    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 5 فلسطينيين من أنحاء مُتفرقة بالضفة الغربية    اليوم.. «طاقة النواب» تناقش موازنة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء للعام المالي 2023-2024    وزير التعليم العالي يتابع استعدادات المعاهد الخاصة لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    "صناعة الشيوخ" تطالب الحكومة بمساعدة المشروعات المتعثرة لإعادة تشغيلها    ضمن حياة كريمة.. الصحة: إطلاق 6 قوافل طبية للكشف وعلاج المواطنين مجانا    سر رغبة كبار السن في تناول الحلويات    عميد تجارة طنطا: رسالتي دعم أبنائي الباحثين وحمل الطفلة كان صدفة| خاص    مواقيت الصلاة في محافظات مصر.. الإثنين 29 مايو    كثافات مرورية على الطريق الدائري ومحوري صفط و26 يوليو    بعد قليل .. بدء محاكمة 111 متهما في قضية طلائع حسم الإرهابية    انتهاء أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية بالبحر الاحمر    إعادة فتح ميناء نويبع البحري وانتظام الحركة الملاحية    احنا بننقل بس | اعترافات مثيره لشقيقين متهمين بحيازة 22 كيلو حشيش    باستثمارات 8 مليارات جنيه.. «بروق للتطوير» تتوسع بمشروعاتها بالعاصمة الإدارية    وزيرا البيئة والري يناقشان جهود تطبيق مفهوم الاقتصاد الأزرق في مصر    حسين فهمي: وافقت على دوري في «سره الباتع» بكلمة من خالد يوسف    بالصور.. عمر خيرت يتألق في حفل التجمع الخامس بحضور كامل العدد    بايدن ورئيس مجلس النواب يتوصلان إلى اتفاق لرفع سقف الدين الأمريكي    مبابي أفضل لاعب في فرنسا رابع مرة على التوالي    قوات أمن الحدود الهندية تسقط طائرة باكستانية بدون طيار بمنطقة البنجاب    دعاء سورة البقرة لفتح أبواب الخير.. اللهم ارزقني فضلها وبركتها    بينهم مسيرات وصواريخ.. أوكرانيا تعلن إسقاط أكثر من 40 هدفا جويا روسيا في كييف    مكملات الكولاجين، تساعد على إنقاص الوزن وتخفيف آلام المفاصل    دعاء ما بين الفجر والصبح.. اللهم ارزقني علما نافعا وشفاء من كل داء    حنان مطاوع: مضيت على مسلسل سره الباتع دون قراءة الدور    من حمام غرفة الملابس.. فرجاني ساسي يكشف موقفا طريفا مع طارق حامد.. فيديو    عبدالملك: انضمام حسام عبدالمجيد لمنتخب مصر "هزار".. وكوكا صفقة مفيدة للأهلي    حقيقة ارتفاع أسعار الأدوية.. الشعبة توضح    استمرت 10 ساعات.. تامر هجرس: خضعت لعملية جراحية أنقذتني من الشلل    سانا: الدفاعات السورية تتصدى لأجسام معادية فوق دمشق    كنائس زويلة الأثرية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة مصر    «في مزاج أكتر من كده».. عمرو أديب يعلق على غناء شيرين لسيرة الحب خلال حفلها بجدة (فيديو)    خالد يوسف: عمرى ما هكفر ب30 يونيو وهتفضل ثورة مستحقة وحتمية حماها الجيش    هل الميت يسمع كلام الحي عند قبره أو بعيد عنه؟.. الإفتاء تجيب    تامر هجرس يكشف حقيقة خلافه مع محمد رمضان بسبب فيلم الديزل (فيديو)    أمانة الشباب بحماة الوطن ببني سويف تنظم يوما ترفيهيا للمسنين والأيتام    أوقاف الإسماعيلية تقيم احتفالية للأطفال ضمن أنشطة البرنامج الصيفي بالتل الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إزاحة داود أوغلو.. «الأردوغانية» لا تحتمل رأسين
نشر في البديل يوم 07 - 05 - 2016

أعلن أمس رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، تنحيه عن رئاسة حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم في تركيا منذ2002، وذلك في مؤتمر صحفي بمقر الحزب بالعاصمة التركية أنقرة، سبقه اجتماع بين داود أوغلو وقادة الحزب، وقبله اجتماع بينه وبين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأربعاء المنصرم وصفته أوساط سياسية وإعلامية تركية بأنه كان مشوب بالتوتر بين "الأخوة".
وقال داود أوغلو (57 عام) أمس أن مؤتمراً استثنائياً سيعقد في الثاني والعشرون من الشهر الجاري لاختيار رئيساً جديداً للحزب وللحكومة التركية، في وقت عصيب على المستوى الداخلي والخارجي في تركيا، سواء فيما يتعلق بالصراعات بداخل الحزب الحاكم، والذي سبب داود أوغلو استقالته بأنه "لن يكون سبب في انقسام الحزب"، أو فيما يتعلق بأزمة النظام التركي السياسية الذي يُريد له أردوغان أن يتحول إلى نظام رئاسي بدلاً من النظام البرلماني، في وقت يتم فيه القضم من شعبية وأصوات ومقاعد "العدالة والتنمية" في الانتخابات البلدية والبرلمانية، وهو الأمر الطارئ بعد سنوات من اكتساح الحزب وتقزيم منافسيه على كافة المستويات، بالإضافة إلى عدد من القضايا المركبة بين ما هو داخلي وخارجي وتتخذ طابع أمني، مثل مسألة اللاجئين والاتفاقية الأخيرة التي عقدتها أنقرة مع الاتحاد الأوربي، أو ما يتعلق بمواجهة تمدد النفوذ الداعشي في الداخل التركي. هذا بخلاف التعقيدات التي أوجدها أردوغان في السنوات الأخيرة على المستوى الخارجي، والتي حولت مجهودات داود أوغلو إبان توليه وزارة الخارجية، تتحول من "صفر مشكلات" إلى كل المشكلات.
وتأتي المفارقة في تنحي داود أوغلو ليس فقط من ناحية التوقيت وخلفية التوتر بينه وبين أردوغان، ولكن أيضاً أنهما معاً كانا يشكلان مع الرئيس السابق، عبدالله جُل ثلاثي صعود "العدالة والتنمية" لسدة الحكم في تركيا، وحتى قبل ذلك الأمر بخلفياتهما الاجتماعية والسياسية الواحدة، واعتماد أردوغان على داود أوغلو في رسم سياسات الحزب وخاصة الخارجية منذ 2003 بصفته مستشار أردوغان إبان تولي الأخير رئاسة الوزراء وحتى 2014، ومن ثم إطلاق يد الأول في رسم استراتيجية السياسة الخارجية التركية، واعتماده منذ 2009 لسياسة "صفر مشكلات" للدبلوماسية التركية وعلاقة أنقرة بدول المنطقة والعالم، وبشكل خاص وضع معادلة علاقات جديدة بينها وبين دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة.
وطبقاً لتسلسل الأحداث فإن هناك دلالات عدة على أن عزل داود أوغلو يأتي ضمن سياق إنفراد أردوغان بالقرار داخل "العدالة والتنمية" واستئثار عدد من المحيطين به في دائرته القريبة بمن فيهم من أقربائه بسير العمل داخل الحزب بمعزل عن الحكومة ورئيسها وبعيداً عن القنوات الشرعية، وذلك في وقت يتخذ فيه أردوغان ذريعة التآمر عليه وعلى الحزب والنظام التركي ضد أي معارض له ولإجراءاته التي باتت تهيئ البلاد لنظام رئاسي يتيح له التحكم الكامل بعدما استنفذ مرات توليه لرئاسة الوزراء بحسب الدستور التركي، وهذا بالضبط ما دفعه لاختيار داود أوغلو لتولي هذا المنصب لإدارة الحكومة من خلاله كمرحلة انتقالية بين النظام البرلماني والرئاسي، وهو بالإضافة إلى العلاقة المميزة بين الرجلين وكفاءة الأخير شكلوا الأسباب الرئيسية لاختيار أردوغان لخليفته في الحزب والحكومة، ناهيك عن حاجة الأخير إلى وجه مقبول غربياً يستطيع تدوير عجلة العلاقات في وقت متعثر عج بالعراقيل على مناحي عدة متعلقة بالتغيرات في الشرق الأوسط.
هذه الأسباب كانت نفسها سبب لتصاعد الخلاف بين الرجلين والتي دار محورها حول نهج أردوغان في السياسة الخارجية والداخلية في السنوات الثلاث الأخيرة، فحتى بعد تعيين داود أوغلو في رئاسة الحكومة قبل عامين كان أردوغان قد أتى على إرث وإنجاز الأول كوزير للخارجية وتحويل سياسة "صفر مشكلات" إلى مشاكل وخلافات اشتبكت فيها أنقرة مع معظم دول المنطقة وأوربا والولايات المتحدة؛ فنتيجة طريقة التدخل التركي في شئون المنطقة العربية منذ 2011 باتت تركيا على عداء مع معظم أنظمة المنطقة، كذلك كان الأمر بالنسبة للدعم الذي وفرته الاستخبارات التركية للتنظيمات الإرهابية في سوريا وبإدارة أردوغان وأفراد من أسرته، مروراً باستثمار أزمة اللاجئين السوريين واستخدامها كورقة ضغط على دول الاتحاد الأوربي، وهو ما جعل وجود داود أوغلو على رأس السلطة التنفيذية –ولو صورياً- يشكل فرصة لإيجاد أرض وسط بين الغرب وأنقرة، وهو ما حدث فعلاً على صعيد تسوية أزمة اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوربي والاتفاقية التي عُقدت بينهم مؤخراً، والتي أدار مراحلها داود أوغلو بمعزل عن التدخلات "الأردوغانية" وبصفته رئيس الوزراء.
وفي هذا السياق رأت مجلة فورين بوليسي أن "الغرب وواشنطن فقدوا برحيل داود أوغلو الوجه المريح المعتدل في أنقرة، في وقت شكل فيه الرجل الإصلاحي المعتدل جسر ثابت وسط الاضطراب السياسي والاهتزاز الذي تعاني منه أنقر (..) وأن الأمر سيكون له تداعيات سلبية على العلاقة بينها وبين واشنطن خاصة فيما يتعلق بالحرب على داعش والتي تعتبر الأخيرة أن الحكومة التركية شريك فيها، ومع رحيل داود أوغلو فإن مهمة واشنطن ستكون أكثر صعوبة بسبب عثرة التفاوض مع أنقرة حول الأمر السابق الذي ترهنه الأخيرة بعدة ملفات على رأسها ملف الأكراد ودعم الولايات المتحدة لهم في سوريا أمام داعش وانسداد أفق التعاطي التركي مع هذا الأمر برحيل داود أوغلو".
الأمر نفسه شكل مبعث للقلق لدول الاتحاد الأوربي، حيث شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم من جديد على ضرورة إنفاذ الاتفاق حتى بعد رحيل داود أوغلو، وذلك بموازاة ارتفاع نبرة انتقاد الاتفاق في أروقة السياسة التركية ودوائر الحكم القريبة من أردوغان، وعدم رضاها عن الاتفاق الذي أبرمه رئيس وزرائهم مع الاتحاد الأوربي، وهو الأمر الذي شكل "القشة التي قسمت ظهر البعير" في العلاقة بين أردوغان وداود أغلو.
وبعيداً عن السبب المباشر الذي أدى إلى افتراق داود أوغلو عن السياسة "الأردوغانية" فإن مُجمل طريقة إدارة الرئيس التركي للسياسات في الداخل والخارج أضحت تخرج عن كونها شكل من أشكال السياسة العامة التي قام عليها حزب "العدالة والتنمية" والمشروع النهضوي التركي منذ بداية الألفية الجديدة، إلى تلخيصها مع المصلحة التركية في شخص أردوغان بشكل تتماهى فيه الفروق بين شخصه ومنصبه وما يطمح إليه وما بين مقتضيات السياسة والحكم وديمومة الاستقرار في بلد عانى في السنوات الخمس الأخيرة من اهتزازات داخلية وخارجية جعلت أردوغان ونهجه في إدارة الحزب والحكم محل انتقاد حتى من الرئيس السابق عبدالله جُل ناهيك عن المعارضة التركية.
هذا المسلك وازاه تمحور تكتل داخل "العدالة والتنمية" ومؤسسات الحكم في تركيا تلتحق بشخص أردوغان وتطمح إلى تركيز السلطة في يده، إلى حد اعتبار أن تولي داود أوغلو قبل عامين لرئاسة الحكومة كان بمثابة "أمانة" أعطاها له أردوغان وأن الأول قد "خانها" بتصرفه بمعزل عنه ووفق صلاحيات منصبه والدستور التركي، وتمهيداً لتحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، وهو ما لم ينتظروا تحقيقه حتى الانتخابات البرلمانية القادمة المبكرة والتي تأتي وسط مؤشرات بتراجع شعبية "العدالة والتنمية"، وهو ما جعل أردوغان يقفز على "المرحلة الانتقالية" التي مثلها داود أوغلو ويدير ملفات خارجية وداخلية متجاوزا إياه إلى حد الاصطدام الذي بطبيعة التركيبة الحالية في مكونات الحكم في تركيا تميل إلى صالح أردوغان الذي يخرج من كل أزمة واجهته داخلياً أو خارجياً وهو أكثر تعصباً وأكثر تشككاً ما جعله يميل إلى ربط المناصب في الحزب والدولة في المقربين منه، وأخرهم وزير الطاقة الشاب بيرات بيرق، زوج بنت أردوغان والمرشح بقوة لخلافة داود أوغلو في رئاسة الحزب والحكومة التركية وأن يكون طوع يد أردوغان حتى حسم التحول الوشيك في نظام الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.