يعتقد البعض أنه لم يرد ذكر جزيرة تيران المصرية في التراث أو الأدب، صحيح أن جزيرتي تيران وصنافير قبل تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطينالمحتلة لم يكن لهما الأهمية مثل الكثير من المناطق كون المنطقة العربية كلها كانت وحدة متجانسة وأيضا لأنه ولقرون طويلة كانت كل بلاد الشام والحجاز جزءا بشكل مباشر أو غير مباشر من السيادة المصرية سواءا تحت مسمى الخلافة أو مسميات اخرى، إلا أنه بالرغم من ذلك تحدث عن تيران العديد من المؤرخين والرحالة الذين أكدوا بشكل أو بآخر مصريتها وكونها جزءا وامتداد لأرض سيناء أو على الأقل وصفوها ووصفوا حالها وسكانها. ونستعرض سويا بعض المقتطفات الواردة في هذا الشأن في الأدب والتراث : 1) الإدريسي: نبدأ بالعالم الشهير والجغرافي المسلم المعروف الإدريسي المتوفي سنة 1160 م والذي ساهمت مؤلفاته وخرائطه في إحداث نهضة علمية كبيرة استفاد منها الأوربيون بشكل كبير أبان عصر النهضة. يصف الإدريسي في كتابه « نزهة المشتاق في إختراق الأفاق » الرحلة من مصر إلى المدينةالمنورة ، ويقول أن الطريق الرئيسي للوصول للمدينة من مصر يكون عبر أيلة "أم الرشراش" أو إيلات حاليا ولكنه يورد في نص كلامه أن هناك طريقا آخر يسلكه البعض ويصفه أنه يبدأ من مدينة عين شمس ثم إلى قرية المطرية حتى يصل المسافر شرقا إلى القلزم " السويس حاليا" ويقول بعدها أن المسافر يصل إلى « تيران » ويصفها حسب تعبيره بأنها " مكان خبيث تعطب فيه المراكب وعلى ضفته جبل قائم فإذا هبت عليه الريح تلوت ونزلت إلى البحر فيهيج موجه وتتلف السفن" ويقول الإدريسي أنه سمع من الأهالي " أن هذا هو الموضوع الذي غرق فيه فرعون" ! ومن نص كلام الإدريسي ووصف الناس له أن الجزيرة هي مكان غرق فرعون موسى يتضح أن الإدريسي يتحدث عن جزء طبيعي من سيناء حيث أنه وبعد ذلك الجزء يبدأ في وصف دخول الحجاز بطريقة يتضح فيها كون المسافر إذا وصل تيران يعتبر نفسه مازال في سيناء. 2) الرحالة الألماني نيبور: الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور المتوفي سنة 1815 ويعتبر حديث العهد بشكل كبير من تشكيل الدولة المصرية الوطنية الحديثة وهو مستكشف جغرافي وعالم رياضيات عمل في خدمة الدنمارك وشارك في رحلة شهيرة أمر بها ملك الدنمارك لاستكشاف مصر وسوريا والجزيرة العربية سنة 1760م. ورد ذكر جزيرة تيران مرتين في تدوين نيبور لرحلته حيث يصف انتقاله من ميناء الطور لرأس محمد القريبة من شرم الشيخ ويصف الشعاب المرجانية ويستطرد أنه أكمل بحرا من رأس محمد ويقول نصيا حسب ماورد في تدوينه " كأني بهم يفضلون أن يبحروا من رأس محمد إلى جزيرة تيران ومنها إلى الساحل العربي" حيث يتضح من سياق الكلام أن الوصول ل « تيران » لم يكن معناه لديه الوصول للجزيرة العربية وانما كأنه في جزء يعتبر امتدادا لرأس محمد وشرم الشيخ لينطلق منه إلى ما وصف ب "الساحل العربي" اي الجزيرة العربية. أما في الجزء الثاني الذي ورد فيه ذكر تيران فيعتبر أكثر وضوحا في الاستدلال حيث يقول نيبور أنه أثناء وقوفهم على جزيرة « تيران » ووقت الغروب لم يرى سوى السواحل المصرية ولم يظهر أي شيئ من البلاد العربية ! 3) جواد العلي: أما الدكتور جواد العلي المؤرخ العراقي الكبير المتوفي سنة 1987 فقد تحدث في موسوعته " تاريخ العرب قبل الإسلام" عن الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لجزيرة تيران حيث أكد أن البيزنطيين كانوا يسيطرون على الجزيرة لأهميتها في جباية الضرائب من السفن القادمة من الهند وويضعها في أهمية ميناء أيلة وميناء القلزم الكبيرين. 4) ياقوت الحموي: ولا نستطيع الحديث عن أي بقعة في التراث دون المرور على ذكرها في معجم البلدان للحموي صحيح أن المعجم لم يورد شيئا حول تبعية الجزيرة جغرافيا إلا أنه قال بشكل عفوي أن الجزيرة تقع بين " القلزم وأيلة" يعني السويس وإيلات الحالية يعني وضعها ضمن الإطار الجغرافي الدائر حول سيناء ولم يقل مثلا أنها تقع بين السويس والحجاز على سبيل المثال، كما أنه يورد أيضا ما سمعه بخصوص أنها موضوع غرق فرعون في اشارة غير مباشرة على اعتبار الناس لها من ضمن حدود ملك المصريين.