في توثيق نادر للمآسي التي تعرضت لها المخيمات الفلسطينية في لبنان في السبعينات، يعرض مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة في التاسعة مساء اليوم الاثنين بمسرح الفلكي الفيلم التسجيلي الطويل "تل الزعتر.. لأن الجذور لا تموت" تكريما لذكري المخرجة اللبنانية الراحلة نبيهة لطفي "يناير 1937- يونيه 2015". الفيلم إنتاج 1977 وهو من أوائل الأفلام التي رسمت ملامح مسيرتها الفنية، وعرضت رؤاها السياسية، حيث ظلت القضية الفلسطينية انتماء أصيلا للمخرجة قومية الهوي، تعرض فيه المخرجة للحياة اليومية لسكان المخيم من اللاجئين الفلسطينيين قبل وبعد تدمير المخيم، بدأت التصوير في المخيم بالفعل صيف 1975 في مشروع فيلم عن المرأة العاملة الفلسطينية في أكبر المخيمات في لبنان، تل الزعتر، و الذي تعطل عقب نشوب الحرب الأهلية اللبنانية، وعادت إلي القاهرة في انتظار توقف القتال للعودة للتصوير، لكن وحشية الحرب طالت المخيم ودمرته فقررت أن تعود إلي لبنان، لتصور فيلما يحكي ما حدث بالمخيم، من خلال شهادات من نجوا من النساء والأطفال من تل الزعتر واللاجئين إلى الدمور، وأضافت لها المادة التي صورتها قبل حصار المخيم وأعادت من خلالها بناء قصة تل الزعتر قبل وبعد المجزرة في مقارنة موجعة بين عالم ينبض بالحياة في جزئه الأول والموت الثقيل الذي يخيم علي جزئه الثاني. بسبب المشاكل التي تعرضت لها من جراء مواقفها القومية ونشاطها السياسي في الجامعة و التضييق من إدارة الجامعة الأمريكية بموطنها لبنان، حيث كانت تدرس العلوم السياسية، انتقلت نبيهة إلي مصر 1955 حيث منح الرئيس عبد الناصر حينها منحا لتعليم الطلبة العرب الذين تعرضوا مثلها للتضييق بسبب مواقفهم الثورية في القضايا العروبية. درست الأدب في البداية وتخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية 1957، ما لبثت أن التحقت بأول دفعة بمعهد السينما لتكون أول فتاة تتخرج في قسم الإخراج 1964، لتبدأ مسيرتها السينمائية إلي جانب موجة جديدة من السينمائيين المجربين فشاركت في تأسيس جماعة السينما الجديدة عام 1986، كماعملت في مركز الفيلم التجريبي تحت إشراف المخرج شادي عبد السلام وساهمت في تأسيس جمعية السينمائيات عام 1990. طوال مسيرتها عبر قرابة نصف قرن ظلت وفية للسينما التسجيلية، فأخرجت العديد من الأفلام منها: (تحية كاريوكا)، (شارع محمد علي) و(عشش الترجمان) و(تل الزعتر.. لأن الجذور لن تموت)، (ألفية القاهرة)، (دير القديسة كاترين)، (الكونسرفتوار)، (عروستي)، (حسن والعصفور)، وكان آخر أفلامها تحية لأستاذها في (عالم شادى عبد السلام). كما كانت لها طلات قليلة كممثلة في السنوات الأخيرة في أعمال متميزة منها فيلمي"عين شمس" لإبراهيم البطوط، "رسائل البحر" لداوود عبد السيد، ومسلسل "الخواجة عبد القادر"، والفيلم الروائي القصير، "زيارة يومية" للمخرج الشاب ماجد نادر الذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة من مهرجان الفيلم العربي.