آلاف المواطنين البسطاء يفتقرون إلى حقوقهم الآدمية ويعيشون في الظلام الدامس والأمراض التي تأكل أجسادهم الضعيفة، ورغم ذلك تغفل الحكومة عن معاناتهم وكأنهم يعيشون ببقعة خارج مصر.. هم سكان 43 جزيرة ببحيرة المنزلة التى تقع على حدود ثلاث محافظات هي الدقهلية ودمياط وبورسعيد. قال فايز محمد عبد الفتاح، من سكان جزيرة ابن سلام، إن بحيرة المنزلة أكبر بحيرة على مستوى الجمهورية ويوجد بها 43 جزيرة ومنها جزر أثرية مثل جزيرة ابن سلام، التي تضم تلا أثريا وقبر الصحابى الجليل عبد الله بن السلام، وقد عاصرت عدة حضارات منها الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية، ويسكنها ألفا أسرة، ولا يوجد بها خدمات من كهرباء ومياه وصرف صحى ووحدات صحية، مما يتسبب في توطن الأمراض المعدية بين الأهالي، بالإضافة إلى قوات الثروة السمكية التى تأتى وتهدم البيوت أحيانًا، وتتهمنا بأننا متعديين على البحيرة برغم أننا متواجدين منذ مئات السنين كما وجدنا آباءنا وأجدادنا. وأوضح فايز، أنه صدر قرار رقم 694 لسنة 2011 من هيئة الثروة السمكية بتشكيل لجنة لمعرفة كيفية استغلال بحيرة المنزلة والجزر والمراحات التى عليها، وكنت أحد أعضاء هذه اللجنة، وتم الاتفاق على تقنين أوضاعنا عن طريق تأجير الجزر وأماكن بالبحيرة للاستزراع السمكي مقابل حق الانتفاع، وهو يمثل دخل للدولة وأيضا لنا كأهالي الجزر، بما أننا نستطيع عمل مزارع سمكية وننتج كميات كبيرة منها، ثم بيعها لتجار السمك. وفي نفس السياق، قال زكى محمد خياط، من أهالي جزر بحيرة المنزلة، إن البحيرة تبلغ مساحتها أكثر من 750 ألف فدان، وتقلصت بعد شق قناة السويس، وعند ترسيم الحدود أخدت الشرقية والإسماعلية الأجزاء الخاصة بها وتم تجفيفها وأصبحت أراض زراعية، وأيضا محافظة الدقهلية جففت جزءا كبير من البحيرة، فالكل يتنصل منها ولا نعلم هل هى تتبع بورسعيد أم الدقهلية، فعندما نطالب بالخدمات تتنصل كلا المحافظتين من تبعية الجزر، وعندما تخرج قوات شرطة المسطحات والثروة السمكية لمداهمة الجزر والصيادين، تخرج مرة من الدقهلية وتقول إننا نتبعها، ثم تأتى قوات من بورسعيد وتقول إننا نتبعها، ولذلك نحن مطاردون من المحافظتين في المداهمات الأمنية، ولا نتبع أيا منهما في الخدمات. وأضاف الخياط، أن البحيرة كانت بها أراض زراعية على الجزر، وكانت تنتج القطن، والدليل وجود جمعية زراعية للجزر منذ عام ،1984 والأهالى يملكون حيازات يصرفون من خلالها الأسمدة، بالإضافة إلى وحدة الطب البيطرى. وتابع الخياط، زارنا اللواء سماح قنديل، محافظ بور سعيد الأسبق، وعندما شاهد وضع الأهالى خصص قطعة أرض وميزانية لإقامة مستشفى داخل إحدى الجزر لخدمة الأهالى من المنحة الأمارتية والجهة المكلفة بالإنشاءات هى القوات المسلحة، ولكن هيئة الثروة السمكية صاحبة الولاية على بحيرة المنزلة عطلت الإجراءات حتى الآن، ورفضت العمل بالمستشفى. وبالانتقال إلى جزيرة الكنيسة إحدى جزر بحيرة المنزلة، قالت مرفت محمد، إحدى سكان الجزيرة، نحن نعيش في الظلام الدامس على "لمبة الجاز"، ولا توجد مياه، ويأتى تجار المياه على المراكب يبيعون لنا برميل المياه بخمسة جنيهات، رغم أنها غير نظيفة ومليئة بالصدأ، ولكننا نضطر لشربها وإعداد الطعام بها، بالإضافة إلى السيدات والمواليد حديثى الولادة الذين يتعرضوا للموت يوميا، فإذا شعرت المرأة الحامل بآلام فى الليل لا تستطيع أن تركب مركب لتقطع مسافة كبيرة حتى تذهب إلى المستشفى فى مركز المطرية بالدقهلية أو أقرب مكان ببورسعيد، ولهذا تنتظر السيدة حتى الصباح مما يعرض الأم أو المولود للمخاطر أو الوفاة. من جانبه قال مجدى زتهر، مدير عام بحيرة المنزلة، إن الجزر والمراحات بها ثلاث مدارس لخدمة التلاميذ وبها وحدة صحية واحدة، وبالطبع غير كافية لخدمة ال43جزيرة، والأهالى هناك يعتمدون على تربية الثروة الحيوانية والطيور داخل الجزر وتمثل مصدر دخل جيد لهم ونحن نوفر لهم الخدمات البيطرية بجميع الجزر المتواجدة داخل البحيرة. وأشار زاهر، إلى ملف يطلق عليه تقنين الأوضاع والذى يعود بالفائدة على ساكنى جزر البحيرة والدولة، فالأول يستأجر الأهالى من الحكومة الأراضى التى يعيشون عليها والتى تقدر بمساحة 26 ألف فدان لكى يتم توفير الخدمات داخل تلك الجزر، موضحًا أن البحيرة بالجزر التى عليها تتبع 5 محافظات، ولو افترضنا أن الفدان يؤجر بحق انتفاع 200 جنيه سنويا -وهذا مبلغ زهيد- ليعود على الدولة بقرابة 7 مليون جنيه سنويا يمكن من خلالها تقديم كافة الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية من طرق ومياه وصرف ووحدات صحية وتوصيل كهرباء، وهذا الملف قيد الدراسة بهيئة الثروة السمكية بوزارة الزراعة.