أكد الدكتور الهلالي الشربيني٬ وزير التربية والتعليم والتعليم الفني٬ أن مبادرة الاستثمار في التعليم التى عُرضت على عدد من المستثمرين سيتم إعادة بلورتهإ وإرسالها إلى مجلس الوزراء؛ تمهيدًا لطرح المرحلة الأولى منها. الوزير ذكر خلال ورشة عمل المبادرة أنه لن يستطيع تحديد مصروفات الطلاب، ولكن سيتم التحديد وفقًا لكل مدرسة؛ بناء على تكلفة بنائها، وسيطبق على المدارس التي سيتم إنشاؤها ضمن مبادرة الاستثمار في التعليم التي يتولاها مستثمرون، والتي يتكلف الفصل في بنائه وفقًا لهيئة الأبنية 300 ألف جنيه. الطريف في الأمر أن الوزير صرح بأن هذه المدارس تستهدف الطبقة المتوسطة، رغم أنها مناظرة للمدارس الرسمية للغات، كما أن هذا المشروع ليس مقتصرًا على محافظتي القاهرة والجيزة، وهو ما يتعارض مع واقع الكثافة التي قد لا نرى أثرها داخل محافظات الأقاليم. كما أوضح الوزير أن حق الانتفاع بالأراضي والمدارس التي يتم إنشاؤها عن طريق المستثمرين سيكون 30 سنة٬ وستتم إضافة 10 سنوات أخرى٬ بعدها تؤول ملكية الأرض إلى الوزارة وهيئة الأبنية التعليمية٬ وأن المستثمر عليه أن يقدم المبنى جاهزًا خلال سنة من تاريخ توقيع العقد، وهو ما يدعو للاندهاش من إمكانية الاستفادة من مدارس بعد أن يمر عليها 40 عامًا، فهل ستصلح بعد ذلك للتعليم؟ الدكتور محمد فوزي، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، قال إن الكثافات المدرسية بالفصول تقتصر على عدد من المدن في بعض المحافظات، وتختفي في البعض الآخر، خاصة الأقاليم، موضحًا أن ادخال المستثمرين في إنشاء المدارس بالمحافظات التي من الممكن أن تنعدم بها الكثافة يجعل المستثمرين يفرضون سيطرتهم على خارطة التعليم. وأضاف فوزي أن حديث الوزير حول ربط تحديد المصروفات بتكاليف إنشاء المدارس غير عادل، ومعنى ذلك أن المدرسة ذات التكاليف المرتفعة في بنائها ستكون مصروفاتها أعلى من الأقل في التكلفة، وهو ما يتعارض مع العدالة، خاصة وأن هذه المدارس تعتبر حكومية، كما أن هذا يتعارض مع القانون والدستور اللذين نصا على المساواة بين جميع المواطنين. وكشف أيمن البيلي، الخبير التعليمي، أن الحكومة بدأت في عملية الخصخصة بالمدارس التجريبية لغات، ثم التجريبية الرسمية (عربي)، ثم رياض الأطفال التجريبية؛ لتحل هذه المدارس تدريجيًّا محل التعليم الحكومي المجاني تصاعديًّا. وشدد على أن ما يحدث يعد جريمة تقتل فكرة العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة وحق التعليم الجيد لكل مواطن، كما أنه يتعارض مع مواد الدستور المصرى، ويخالفه مخالفة واضحة مباشرة ومتعمدة فيما يتعلق بمجانية التعليم ما قبل الجامعي وإلزام الدستور للدولة بأن يكون التعليم حقًّا لجميع أبناء المجتمع. وأشار إلى أن هناك خطرًا يهدد الأمن القومي جراء عدم وجود ضوابط تحكم إحداث تغييرات في المناهج، وتمكن قلة من أصحاب المال المنتفعين بالمدارس من فرض إرادتهم المتمثلة في مصالحهم وأرباحهم، بغض النظر عن الأهداف التربوية والتعليمية، التي من المفترض تحقيقها من العملية التعليمية في المجتمع. وأوضح أن إجحاف حق الفقراء في التعليم الجيد يؤسس لتربة خصبة للعنف بكل أشكاله من إرهاب وجريمة وانحراف فكري وسلوكي وإجهاض للإبداع وحرمان للمجتمع من طاقات غالبية أبنائه، وتحويلهم إلى منفذين وليسوا مبتكرين أو مبدعين؛ مما يعني أن صورة المستقبل لهذا الوطن تزداد غموضًا وضبابية أكثر مما هى عليه الآن.