رغم وفاة 9 أطفال من أبناء المنزلة في الدقهلية منذ بداية فبراير الجاري؛ نتيجة لنوع من الفيروسات المسببة للنزلات المعوية، حسبما أكدت نتائج العينات المستلمة من لجنة إدارة الطب الوقائي بمديرية الصحة، إلا أن الأطباء ما زالوا عاجزين عن تشخيص المرض. وهناك تأكيدات بأنه ليس وباءً؛ نظرًا لأن الحالات المتوفاة كانت من أماكن مختلفة. "البديل" توجهت للقاء بعض الأهالي والمسؤولين؛ في محاولة لكشف غموض هذا المرض. يقول رامى حسن الصاوى، والد أحد الأطفال المتوفين داخل المستشفى: أصيب طفلي وابن عمه المقارب له فى العمر بنزلة معوية شديدة وإسهال مستمر، مع احمرار شديد في الوجه، وذهبنا بهما إلى طبيب في عيادة خاصة، فحولهما على الفور إلى مستشفى المنزلة العام؛ لتركيب محاليل، وهناك بدأت رحلة العذاب، حيث وجدت 10 أطفال فى غرفة واحدة، والطبيب يأتى مرة واحدة فقط فى اليوم؛ ليكشف على الأطفال، وأذهلني كمية القاذورات المتواجدة داخل العنابر والقطط التي تنام بجوار المرضى. ورغم حالات الوفيات المتتابعة للأطفال، إلا انهم لم يأخذوا عينة دم واحدة لتحليلها. وأضاف الصاوي: الممرضات لم يأتين إلى الأطفال لمتابعتهم ومتابعة المحلول المعلق لهم، ولا نراهن إلا بعدما ينادي الأهالى عليهن مرارًا وتكرارًا. وجاءت حالات أطفال أخرى مماثلة لحالة طفلى، فقامت الممرضة بإعطائهم حقنة، وقلن لذويهم "يلا روَّحوا بولادكم"، لدرجة أننى قلت لإحدى الأمهات، وكان طفل في حالة يرثى لها: لا تتركي المستشفى؛ لأن هناك عدوى لا نعرفها تصيب أطفالنا، ويجب أن يعلق ابنك محلولًا؛ حتى يعوض السوائل التي يفقدها بالإسهال. إلا أنها فضلت أن تخرج سريعًا، بعدما رأت كمية الأطفال المصابين، إضافة إلى الإهمال الواضح في العنابر. وتابع الصاوى: طفلي مات، ولم يأخذ المستشفى منه أي تحاليل؛ لمعرفة نوع المرض الذي أصابه، وغيره الكثيرون ماتوا داخل المستشفى وخارجه. متسائلًا: لو أن هذا العدد من الأطفال فى بلد آخر غير مصر، هل كان سيتم إهمالهم، أم سيأخذون العينات فورًا لتحليلها، ويقدمون لهم الإسعافات العاجلة، ويعزلونهم سريعًا، لا أن يتركوهم يموتون كما حدث معنا؟ وعند سؤاله: هل ستوافق على فتح القبر على طفلك؛ لأخذ عينة لتحليلها؟ أجاب: لا طبعًا. ووجه رسالة شديدة اللهجة لمديرية الصحة بالدقهلية قائلًا: اتقوا الله. أين الرقابة على مستشفى المنزلة والإهمال وعدم النظافة منتشران فيه؟ فقد وجدتهم ينظفونه فقط عندما يكون هناك مرور أو زيارة لرئيس القطاع. وقال فايز محمد، من أهالي المنزلة، إن الأطباء في العيادات الخارجية لا يكشفون بضميرعلى المرضى؛ كي يأتوا لهم فى عياداتهم الخارجية، فيتم قطع التذكرة بجنيه وربع، وكل المرضى يتم صرف نفس العلاج لهم من صيدلية المستشفى، فهل يعقل أن كل المرضى بالعيادات الخارجية يشكون نفس الشكوى؟ مؤكدًا أن العيب في المسؤولين الذين لا يأتون إلى المستشفى بشكل مفاجئ للرقابة عليه، مطالبًا محافظ الدقهلية بأن يأتي متخفيًا، ويقف في طابور قطع التذاكر؛ ليرى معاناة الغلابة بنفسه. على الجانب الآخر أكد أحد الأطباء بالمستشفى – رفض ذكر اسمه – أن المستشفى لم يقم بعمل أي فحوصات طبية أو أخذ عينات من الأطفال المرضى، وتعامل مع الموقف بمنتهى السلبية وكأنه أمر طبيعي، مشيرًا إلى أنه لن يتم التعرف على سبب وفاة الأطفال؛ لأنهم دُفِنوا، ولن يقبل ذووهم أخذ عينات من جثمانهم بعد الدفن، بالإضافة إلى أن معظم المسؤولين داخل المستشفى ينتمون لنفس القطاع الصحي، كما أن التذاكر والأوراق الدالة على دخول الأطفال للمستشفى في هذا التوقيت متواجدة لديهم، وسيتم التلاعب بها وتقفيلها إداريًّا؛ حتى ينتهي الموضوع دون محاسبة أحد. وبالحديث مع رئيس مكافحة العدوى بمحافظة الدقهلية الدكتورة هبة الشريف، قالت إن هذا الموضوع من الموضوعات الشائكة والخطيرة، وإن وكيل مديرية الصحة بالدقهلية الدكتور سعد مكى عقد اجتماعًا عاجلًا لجميع الإدارات، ومنع أي تصريحات صحفية أو الحديث مع وسائل الإعلام في ذلك الموضوع إلا من خلاله فقط. يذكر أن الدكتور خالد الصياد، إخصائي طب الأطفال بالمنزلة، كان قد نشر على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "حتى الآن لم يصلنا من إدارة الطب الوقائي بمديرية الصحة تحديد لنوع الفيروس المسبب لحالات الوفاة المفاجئة، ولكن ما نستطيع أن نؤكده أنه لا يوجد أي انتشار وبائي للفيروس، كما أن آخر حالة وفاة حدثت منذ أكثر من أسبوع، وسأقوم بإذن الله بإعلان أي جديد في هذا الموضوع حتى يطمئن الناس".