أثار قرار السلطات التونسية الخاص بإلقاء القبض على مواطن رفع العلم الفلسطيني على أسطح منزله جدلًا واسعًا في تونس، لاسيما على مواقع التواصل الاجتماعي التي أبرزت غضب التونسيين، خاصة بعد أن تم توجيه تهمة الإرهاب له، مطالبين بأن تتعامل السلطات التونسية بالمثل مع المواطنين اليهود في البلاد، متسائلين لماذا رفضت قبل ذلك السلطات القبض على مواطنين يهود رفعوا علم إسرائيل فوق منازلهم؟. وكان عدد من اليهود التونسيين رفعوا عام 2013 علم الكيان الصهيوني على منازلهم في جزيرة جربة جنوب شرق تونس كوسيلة للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاجتماعية السيئة بعد ثورة الياسمين، وهو ما أثار موجة استنكار شديدة في تونس. ونقلت صحيفة الشروق التونسية عن التومي بن فرحات محامي المتهم عبد القادر البلبلي، أنه تمت إحالة موكله إلى المحكمة الخاصة بمكافحة الإرهاب بتهمة رفع علم فلسطين، مؤكدًا أن دوافع القبض على موكله لوضع العلم الفلسطيني فوق سطح منزله وتم التنبيه عليه من الأمن التونسي لإزالة العلم، إلا أنه تمسك بالرفض وعليه تم القبض عليه حتى تم عرضه على النيابة العمومية والتي قررت حفظ الملف والإفراج عنه. تزايدت ردود أفعال الساسة والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي غاضبين من اعتقال السلطات التونسية لأحد المواطنين بتهمة رفع علم فلسطين، وأكد محامي «البليلي» أن موكله وقع عليه عنف لفظي ومادي من قبل عناصر الأمن الذين تولوا مرافقته إلى محكمة «قرمبالية»، ولم يتوقفوا عن ذلك إلا بعد تأكدهم من وجود محام سيدافع عليه. وتساءلت ناشطة على صفحتها الخاصة بموقع التواصل فيس بوك تدعى حبيية "هل سيتم القبض على كل تلميذ يحمل محفظة تحمل صورة علم بريطانيا أو أمريكا؟..هل سيتم إيقاف كل مواطن يرتدي تي شيرت به علم دولة غير تونس؟، مؤكدة أن هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان حادثة أخرى لكن كان تعامل السلطة معها مختلف تمامًا. وأضافت «الضحية كان التونسي البسيط فهناك واقعة تم فيها رفع علم الكيان الصهيوني فوق منزل بمدينة قربة فتحرك أبناء البلدة نحو إنزاله وتمزيقه فكان رد السلطة حينها ليس إيقاف رافع العلم، بل إيقاف ومحاكمة من ثار لمواجهة تدنيس التراب التونسي برفعه تلك الراية البائسة». وخلال الشهر الماضي؛ تداولت الصحف بعض المعلومات عن قرب إعادة العلاقات التونسية الإسرائيلية، ورجحت مصادر مطلعة أن تؤسس تونس وإسرائيل علاقات دبلوماسية بداية شهر مارس المقبل، وأفادت أن لقاءات جمعت مؤخرا مسؤولين من إسرائيل وتونس في كل من عمان وأنقرة وستوكهولم, حيث تم مناقشة ترتيبات تنفيذ هذا القرار من خلال فتح سفارة إسرائيلية في تونس, وأخرى تونسية بتل أبيب في غضون الشهور القليلة المقبلة. وكانت السلطات التونسية فتحت مكتب اتصال إسرائيلي في العاصمة, وآخر في تل أبيب أواخر عام 2000 الماضي، لكن قرر الرئيس المخلوع بن علي وقفهما في القمة العربية التي عقدت بالقاهرة 2001، إلا أنه سرعان ما انتعشت العلاقة مرة أخرى بعد دعوة بن علي لرئيس الوزراء الصهيوني في ذلك الوقت آرئييل شارون لحضور القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس عام 2005. وأعاد التعديل الوزاري الأخير في تونس الجدل حول علاقة البلاد مع الكيان الصهيوني، على خلفية تعيين خميس الجهيناوي وزيرا للخارجية التونسية في حكومة الحبيب الصيد، ضمن تعديل وزاري نال ثقة البرلمان خلال يناير الماضي، الأمر الذي أغضب كثيرا من الساسة والنشطاء، لا سيما وأن الوزير المذكور كلف بمهام رئيس مكتب رعاية مصالح الجمهورية التونسية في تل أبيب، خلال تسعينات القرن الماضي، وذلك قبل أن يتدرج في المراتب العليا لوزارة الخارجية. وفي هذا السياق؛ ربط المدون التونسي البارز ياسين العياري واقعة القبض على «البلبلي» بما تشهده تونس في الوقت الراهن من تغييرات، وأكد في تدوينة له على موقع الفيس بوك أن رفع اليهود لعلم الكيان الصهيوني في جربة حرية تعبير، ورفع تونسي للعلم الفلسطيني جريمة توجب إيقافه، إنها بلد الجهيناوي (وزير الخارجية) والمسؤول الكبير والشريك غير الحليف للناتو.