لجوء الدولة إلى الاقتراض من البنك الدولي هو الحل المعتاد لسد عجز الميزانية، و يدفعها دائمًا إلى رفع الدعم وتخفيض الرواتب، وغير ذلك من القرارات التي تمس المواطن البسيط، بهدف الحصول على القرض المطلوب. ويظن البعض أن الدولة مجبرة على تلك السياسات الاقتصادية تنفيذًا لشروط فرضها البنك على الدولة لمنحها القرض المقصود، لكن حقيقة الأمر أن الدولة هي من تفرض على نفسها تلك الشروط، كضمانة للإصلاح الاقتصادي. فبحسب بيانات للبنك المركزي، بلغ حجم الدين الخارجي 46.1 مليار دولار بنهاية ديسمبر2015، فيما ارتفع إجمالي الدين العام المحلي لنحو 259. 2 تريليون جنيه في نهاية سبتمبر الماضي، مقابل 116. 2 تريليون جنيه نهاية يونيو من نفس العام. التأثيرات الاجتماعية بالأمس كشف البنك الدولي عن الشروط التي تم الاتفاق عليها مقابل منح مصر قرضًا بمليار دولار لدعم الموازنة العامة، تضمنت الشروط تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي في الفترة من 2014 إلى 2018، يشمل خفض الدعم وأجور العاملين بالدولة، وتحرير قطاع الطاقة نسبيًّا، ومنح تسهيلات للاستثمار المباشر. الوثيقة التي أصدرها البنك السبت، أوضحت الزيادات التي سيتم تطبيقها طبقًا للبرنامج الإصلاح الاقتصادى المتضمن 4 محاور، في مقدمتها الضوابط المالية التي تستهدف زيادة ضريبة الدخل على الشركات، وضريبة المبيعات على السلع والخدمات من 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، العام الماضي إلى 6.7% عام 2018، ويتضمن المحور الثاني خفض أجور الموظفين من 8.2% العام الماضي إلى 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018، فيما يقضي المحوران الثالث والرابع بإفصاح الحكومة عن استراتيجيتها لإدارة الدين، والمراجعة الداخلية في جميع الهيئات والوزارات، وخفض دعم الطاقة من 6.6% إلى 3.3% العام الجاري، على أن تنخفض تدريجيًّا عام 2018. وبعد الحصول على القرض في 17 ديسمبر الماضي، في إطار موافقة البنك الدولي على منح مصر قرضًا بقيمة ثلاثة مليارات على ثلاث سنوات، ظهرت الاستجابة السريعة لتنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي تعهدت الدولة بتنفيذه، حيث نشرت الجريدة الرسمية أمس قرارًا جمهوريًّا رقم 25 لسنة 2016 بزيادة الجمارك على بعض السلع المستوردة، مع الإبقاء على الجمارك المقررة، منذ إعمال القرار الجمهوري 184 لسنة 2013 على معظم السلع، مما يعني رفع الأسعار على المستهلكين. وشمل القرار بعض الفاكهة وعطور ومستحضرات للتجميل والعناية بالأسنان وأصناف السراجة والعدة لجميع الحيوانات، وأطر من خشب للصور أو اللوحات أو المرايا أو ما يماثلها، وكذلك أدوات المائدة وأدوات المطبخ من الخشب، وبطاقات بريدية مطبوعة أو مصورة، وبطاقات مطبوعة للتهاني والدعوات، وتقاويم من جميع الأنواع، مطبوعة كانت أو من تقاويم المكاتب ذات الأوراق المنفصلة. كما شمل التعديل أجهزة آلية تدار باليد تزن 10 كجم أو أقل، للاستعمال في تحضير أو تهيئة أو تقديم الأطعمة أو المشروبات. الحكومة صاحبة الشروط قال الدكتور مصطفى الدمرداش، الخبير الاقتصادي: الحكومة تقدم برنامج إصلاح اقتصادي للبنك الدولي، يدرسه البنك ويناقشه، إذن البنك يناقش خطة الحكومة للإصلاح فيعتمدها أو يصوبها، وبالتالي ليس هو من يشترط، لكن الحكومة هي من تقدمت بطلب للحصول على قرض لتمويل خلل في الاقتصاد المصري، وهذا الخلل نتيجة أخطاء والخطة لإصلاح هذه الأخطاء هي تلك الشروط، فتعتبر التزامًا من قِبَل الحكومة للإصلاح. وأضاف الدمرداش أن الحكومة هي من لديها خلل، وهي من تقدم برنامج الصلاح، موضحًا أن الصندوق لا يفرض شروطًا للإصلاح ضد مصالح الدولة، مشيرًا إلى أن الحديث عن فرض البنك الدولي شروط كلام تضحك به الحكومات على الشعوب؛ لأن العلاج يكون قاسيًّا وموجعًا، وفكرة نسبه إلى الضغوط يعد نوعًا من المناورات السياسية، فالحكومات تظهر أنها مجبرة على ذلك أمام الشعوب. وأوضح أن كل ما يتم تنفيذه بعد ذلك أجزاء من الخطة، فعلى سبيل المثال زيادة الضرائب على مجموعة سلع ما خطة لتقليل الاستيراد بهدف المحافظة على العملة الدولارية، ولعل ذلك يكون دفعة للصناعة المحلية، شريطة أن تقوم على الكفاءة والمعايير الصحيحة، وهي تعد فرصة أن كل سلعة يمنع استيرادها تعزز من رواج المنتج محلي، لكن المشلكة أن السوق المصرية لا تعمل على تطوير المنتج بما يساعده على منافسة السلع المستوردة. وقال الدكتور يوسف محمد، الخبير الاقتصادي: منع استيراد سلع أو رفع أسعارها يكون لفترة معينة؛ لأن هناك اتفاقيات دولية على مصر الالتزام بها وإلَّا ستكون بمعزل عن العالم، موضحًا أن الحل هو العمل على إنشاء مصانع للإنتاج المحلي، والاعتماد على الزراعة في إنتاج هذه السلع التي منع استيرادها أو رفع زيادة أسعارها، لافتًا إلى أن رفع الأسعار ليس له علاقة باتفاقيات البنك الولي؛ نتيجة القروض التي حصلت مصر عليها مؤخرًا.