ينوي حلف شمال الأطلسي مناقشة دعوة روسيا إلى محادثات رسمية هي الأولى بينهما منذ عام 2014، بهدف إعادة توازن العلاقات بعد تضررها البليغ على خلفية أحداث أوكرانيا وإسقاط تركيا عضو الناتو للقاذفة الروسية. ذكرت وكالة فرانس برس، رغم الخلافات بين الطرفين إلا أنهما يقران بضرورة الشفافية على خلفية سلسلة الأزمات التي من بينها أوكرانيا والحرب في سوريا، وبحسب الوكالة فإن محادثات الناتو وروسيا من المفترض أن تكون نهاية فبراير المقبل بعد اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في 10 فبراير. وقالت فرانس برس، إن المحادثات ستتناول الملف الأوكراني وآخر لم يذكره، لكن توقع كثيرون أنها إشارة للملف السوري، مضيفة لا يزال يتعين علينا التحدث مع روسيا عن الأمر وعن الأجندة المحتملة، وبالطبع ستكون أوكرانيا على القائمة، ولكن علينا أن نرى ما هي البنود الأخرى التي ستكون على الأجندة. وطبقا للوكالة الفرنسية، فإن الهدف إجراء سلسلة من اجتماعات المجلس قبل قمة زعماء دول الحلف التي ستعقد في عاصمة بولندا في يوليو المقبل، معتبرة أن استئناف الاتصالات مع روسيا من خلال المجلس لا يعد مؤشراً على تراخي موقف الحلف، لكن رغبته في إدارة أفضل للعلاقات التي يرجح أن تكون صعبة لسنوات مقبلة. خلفيات الصراع الروسي الأطلسي أوكرانيا علق حلف شمال الأطلسي جميع أشكال التعاون العملي مع روسيا بعد تصاعد الأزمة في أوكرانيا وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، إلا أنه قرر عدم حل ما يعرف بمجلس الحلف الأطلسي وروسيا. في بروكسل 1 إبريل 2014، اتفق وزراء الخارجية بحلف شمال الأطلسي الذي يضم 28 دولة، على تعليق جميع التعاون العسكري والمدني مع روسيا، حيث أدان الوزراء ضم روسيا «غير القانوني» لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وبحث الوزراء حينها خيارات تشمل اتخاذ قواعد عسكرية دائمة في دول البلطيق لطمأنة أعضاء الحلف من دول أوروبا الشرقية. وضم روسيا لجزيرة القرم لم يكن وحده مصدر الخلاف الروسي الأطلسي، فمؤخراً بدأ الناتو وأوكرانيا بالتلويح بورقة انضمام الأخيرة للأطلسي، وكان الرئيس الأوكراني بوروشينكو قد أعلن سابقاً أن أوكرانيا يمكن أن تجري استفتاء حول الانضمام إلى الناتو بعد 7 سنوات، ولا يمكن أن تتقدم بطلب بهذا الشأن إلا بعد إجراء استفتاء، وكان البرلمان الأوكراني قد ألغى في ديسمبر 2014 الوضع الحيادي للبلاد، بينما تقضي الاستراتيجية العسكرية الأوكرانية التي أقرت مؤخراً، بالعودة إلى سياسة التقارب مع حلف الناتو وضرورة تكيف القوات الأوكرانية مع مواصفات الناتو بشكل تام قبل عام 2020. وبالمقابل حذرت موسكو عبر خارجيتها من أي محاولات أوكرانية للانضمام إلى الناتو، قائلة، إن مثل هذه الجهود في الماضي أدت إلى تجميد الاتصالات السياسية الروسية الأوكرانية، وصداع في علاقات الناتو وروسيا، وانقسام عميق داخل المجتمع الأوكراني. إسقاط تركيا للقاذفة الروسية قال مندوب روسيا الدائم لدى حلف شمال الأطلسي، ألكسندر غروشكو، في ديسمبر الماضي، إن الناتو يتحمل مسؤولية إسقاط القاذفة الروسية، مشيرا إلى أن حلف شمال الأطلسي غطى على تركيا سياسيا في هذه المسألة وهو ما يحمل الحلف المسؤولية عن إسقاط القاذفة، مضيفًا في الواقع حلف شمال الأطلسي لم يعط التقييم المبدئي لعمل غير مشروع، وهو غطى على سياسة أنقرة، العضو في التحالف، ولذا فإن الحلف مسؤول عن الحادث، مشيرًا إلى أن موقف الناتو يظهر من جديد أن السياسة تتفوق على الموضوعية والمنطق السليم. وكان الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، أكد سابقاً أن موقف الناتو يتطابق مع تقييم تركيا للحادث، معرباً عن دعم الحلف لحق تركيا في حماية حدودها، ودعا إلى ضبط النفس والعمل على تجنب تصعيد التوتر. إسقاط القاذفة الروسية سو24 من الجانب التركي عضو الناتو، يدل على وجود صراع خفي بين روسيا وحلف شمال الأطلسي على الملف السوري، خاصة بعد التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا العام الماضي. استعراض القوى وتطورات المشهد قالت المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي، كارمن روميرو، في 12 أغسطس الماضي، إن روسيا خططت لتدريبات في عام 2015 تفوق ما خطط له الناتو من تدريبات ب10 مرات. تصريحات روميرو، جاءت تعليقاً على تقرير شبكة القيادة الأوروبية تحت عنوان الاستعداد للأسوأ، هل تزيد التدريبات العسكرية لروسيا وحلف شمال الأطلسي من احتمال وقوع حرب في أوروبا؟، قالت فيه المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً لها إن روسيا تستعد لنزاع مع حلف شمال الأطلسي، والحلف يستعد لمواجهة محتملة مع روسيا. وفي المقابل اتهم الروس تصريحات حلف الناتو وقالوا بأنها تتغافل عن نقطة مهمة هي أن حلف شمال الأطلسي هو من ينقل قواته ومعداته العسكرية من وراء البحار ليجري قرب الحدود الروسية مناوراته، بخلاف روسيا التي تجري تدريباتها على أراضيها. يذكر أن مناورتين كبيرتين أجرتهما روسيا وحلف شمال الأطلسي، الأولى مناورة التحقق من جاهزية القوات المسلحة الروسية في مارس العام الماضي، والثانية سلسلة تدريبات الحلفاء في درع الناتو في يونيو من العام نفسه، ورأى خبراء أن تلك المناورات أظهرت أن الجانبين درسا الإمكانات المحتملة لدى بعضهما البعض، وبحثا نظرياً خطط الحرب.