مع تزايد حجم الواردات المصرية للخشب من الخارج التي تجاوزت ال9 مليارات جنيه وارتفاع أسعار الأثاث، ظهرت الحاجة إلى زراعة الأشجار الخشبية محليا. وتعد شجرة الباولونيا من أفضل الأنواع التي تجود زراعها في مصر، خاصة الأراضي غير الصالحة لزراعة المحاصيل، فالشجرة تنمو في المناطق الفقيرة، وتتحمل دراجات الحرارة المختلفة والظروف البيئية الصعبة. ويعتبر خشب الباولونيا من أجود الأنواع عالميا، ويزيد سعر المتر منه عن 4 آلاف جنيه، ويتميز بصلابته ووزنه الخفيف ومقاومته للحريق والحشرات، خاصة النمل الأبيض، ويصلح لجميع المصنوعات الخشبية «الأبواب، والشبابيك، والأثاث» لما يتمتع به من صفات تصنيعية كمقاومته للثني والرطوبة ، كما أنها ذات عائد اقتصادي مرتفع، فيمكن زراعة 200 شجرة في الفدان، وفي ميعاد الحصاد بعد 7 سنوات، يكون إجمالي مبيعات الفدان 784 ألف جنيه، ويصل إلى مرحلة النضج مرة أخرى في مدة تتراوح بين 3 – 5 سنوات، وتتكرر نفس العملية حتى يصل عمر الشجرة 100 عام. تمتاز «الباولونيا» بسرعة نموها مقارنة بالأنواع الأخرى، فتنمو شهريا بمعدل واحد متر خلال السنة الأولى بعد زراعتها، ويصل طولها خلال السنة الخامسة أو السادسة إلى أكثر من 20 مترا، وتكون عندئذ صالحة للقطع والتسويق والصناعة، كما أن جذر الشجرة مرن وقوي ويتعمق في الأرض حتى 20 مترا باحثا عن المياه الجوفية والرطوبة. وشجرة الباولونيا مناسبة جدا لإقليم البحر المتوسط والمناخ الصحراوي، وتعيش في درجة حرارة من 10 درجات تحت الصفر إلى 45، وأحيانا أكثر، وتروى بمياه الصرف الصحي المعالج، وتنمو في درجات حموضه تصل إلي 8 ph، كما أنها تعاود النمو مجددا من ذات الجذع بعد قطعها كل 5 إلى 6 سنوات. وتدخل أوراق الشجرة في صناعة الأعلاف لتغذية الماشية؛ لاحتواء أوراقها الجافة المتساقطة في الشتاء على 18 % بروتين، كما يمكن أن تقام بمزارع الباولونيا مناحل لإنتاج العسل بالتغذية على زهورها، ما يضاعف جدوي زراعتها اقتصاديا. ويمكن إحاطة الأراضي الزراعية بشجرة الباولونيا لتشكل مصدا للريح في المناطق المفتوحة، كما أن سرعة نموها وجمال أزهارها تشكل أفضل الأنواع لأشجار الزينة في الحدائق العامة والخاصة، وجذورها تعمل على تخليص التربة من الأملاح الزائدة وتخفض من درجة الحموضة التي تعمل عائقا لزراعة البقوليات والمحاصيل، كما أن أوراق الشجرة المتساقطة خلال فصل الشتاء تمد التربة بالأزوت، ما يجعل المنطقة المزروعة صالحة لزراعة المحاصيل، ويمكن أيضا استخدام أوراقها وبذورها وأليافها في إنتاج الوقود الحيوي. وتعد شجرة الباولونيا صديقة للبيئة؛ لأنها تعد بديلا جيدا للغابات المهددة بالانقراض، فيمكن الحصول على غابة خلال ستة أشهر فقط، كما أن كبر حجم أوراقها يجعلها تعمل كالإسفنجة العملاقة في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو وإنتاج الأكسجين. وتتصدى «الباولونيا» لظاهرة الاحتباس الحراري، كما أنها تطهر الأراضي وتزيد من خصوبتها، ولها قدرة على مقاومة ظاهرة التصحر بتثبيت التربة التي تساهم في تقلص الرقعة الزراعية.