ما زالت المزادات العلنية التي تباع فيها الآثار المصرية على مرأى ومسمع من الجميع مستمرة دون توقف، فيما اقتصر دور وزارة الآثار على رصد القطع التي تعرض في المزادات الخارجية، وآخرها مزاد «سوذبي» العلني بالولايات المتحدةالأمريكية، والذي أعلن عن بيع 42 قطعة فرعونية نادرة، وعلى رأسها تمثال مصنوع من البازلت للملك تحتمس الثالث، والذي يُعَدُّ من التماثيل التي لا مثيل لها، بمبلغ 8 ملايين و986 ألفًا و500 دولار. وكانت الإدارة العامة للآثار المستردة بوزارة الآثار قد رصدت أنه في ديسمبر الحالي سيتم بيع آثار فرعونية مصرية، ضمن معروضات مزادات صالتي "سوذبي" بالولايات المتحدةالأمريكية ومزاد "كريستي" بلندن وصالة مزادات "ميلون" بفرنسا. وتأتي مشكلة وزارة الآثار في عدم وجود سند قانوني يثبت أن الآثار التي تعرض في المزادات العلنية مسروقة من مصر، ولذلك يصعب استردادها. يقول أحمد شهاب، رئيس اتحاد آثار مصر لحماية الأثر والبشر، إن بيع الآثار المصرية في المزاد العلني أصبح ظاهرة بشكل ملحوظ في الآونة الأخير في لندن وباريس وأمريكا والكيان الصهيوني وغيرها. وأوضح شهاب أن أبرز الآثار المصرية التي بيعت في المزادات العلنية تمثال «سخم كا» بمبلغ 15.76 مليون جنيه استرليني في صالة مزادات "كريستي" بلندن، و3 مشكاوات أثرية مصرية في مزاد بتركيا، قيل إنها كانت بمخازن متحف الحضارة، وفى انتظار مزادين آخرين لبيع تراثنا الأثري، ومع ذلك لم تتخذ الوزارة أي إجراءات حاسمة لإيقاف تلك المزادات. وأشار أحمد صالح، باحث المصريات، إلى أن موضوع تزايد المزادات في الفترات الأخيرة عائد إلى الإعلام وتغطيته، مشيرًا إلى أنه من المعروف أن صالات المزادات في العالم لها مواعيدها المحددة التي تعلن عنها بشكل دوري وفي نشرات لروادها أو على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف صالح "أما عن علاقات المزادات بالآثار المصرية، فمن المعروف أنها لا تعلن عن التفاصيل الدقيقة لقطع الآثار المصرية، فلا تعلن عن أصحاب القطع التي يعرضونها للبيع ولا تفاصيل الملكية، وهو ما يسبب لنا مشاكل في تتبعها إذا ما أعلنت عنها في نشراتها أو على مواقعها". وتابع "لدينا إدارة وظيفتها تتبع المزادات اسمها «إدارة الآثار المستردة»، مع تحفظي على هيكل هذه الإدارة؛ لأنها مجموعة من الأفراد تعمل بمكتب الوزير وليست لديها إمكانيات، ولا تضم قانونيين متخصصين في القانون الدولي، ولا تملك توثيقًا كاملاً لكل القطع الأثرية المسروقة في مصر؛ وبالتالي فعملهم يدخل في نطاق الهواية وليس الاحترافية"، مشيرًا إلى أنه توجد مشكلتان هامتان: الأولي أن الإجراءات تتحرك ببطء ما بين وزارة الآثار ووزارة الخارجية والسفارات، والثانية أن تسجيل القطع الأثرية في أغلب مخازن مصر ورقي، وهو غير معترف به في المزادات أو المحاكم الخارجية. وأكد أن الحل الأساسي هو تفعيل دور الإدارة المختصة، وهي إدارة الآثار المستردة وإعطاؤها إمكانيات مناسبة، وتعيين كوادر فنية وقانونية بالإدارة، بالإضافة إلى الإسراع في تسجيل آثارنا إلكترونيًّا بدلاً من التسجيل الورقي. أما النقطة الهامة، وهي محاولة تغيير القانون الدولي لحماية التراث الثقافي والطبيعي بالتعاون مع منظمة اليونسكو؛ لأن أغلب آثارنا المعروضة بالمزادات هي آثار مهربة غير مسجلة، أو آثار تم تهريبها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.