في الوقت الذي توقع المحللون باستحالة دخول روسياوتركيا في حرب شاملة، بعد إسقاط أنقرة الطائرة الروسية على الحدود السورية التركية، تصاعدت تصريحات مسئولي الجانبين في الفترة الأخيرة، حتى تحدثوا عن احتمالية التصعيد العسكري، ولم يقتصر الأمر عن إمكانية بدء حرب بين روسياوتركيا على أصحاب نظرية المؤامرة وبعض المحللين، فعلى سبيل المثال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن أن تركيا ستخترق المجال الجوي لسوريا، لكن في حال وجه الطراد "موسكو" أو "إس – 400″ ضربة للمخترق فستبدأ الحرب. قالت روسيا أيضا إن لها حق الرد العسكري، مؤكدة أن هذا الحادث قتل عمد لجنودها وينبغي أن يكون هناك عقاب لهذا الفعل، وأضاف رئيس مجلس النواب الروسي سيرغي ناريشكين: نعلم مَن قاموا بذلك وينبغي محاكمتهم عليه، في الوقت ذاته سيكون هناك رد من الجانب الروسي قطعا بما يتماشى مع القانون الدولي وإلى جانب ذلك فإن روسيا لها الحق أيضا في الرد العسكري. رغم ضعف هذا الاحتمال، إلا أن كلام المسئولين الأتراك والروس يأتي في وقت تشهد الحدود السورية التركية قصفًا روسيًا، ما يطرح سؤالًا كيف يبدو شكل الحرب في هذا التوقيت؟. رد بحري روسي ثمة ترجيحات تتحدث عن قيام روسيا برد بحرى على إسقاط تركيا لطائرتها بسبب التواجد البحري للقوات الروسية بالمتوسط وربما تقوم البحرية الروسية بالتعرض للسفن التركية وإطلاق النيران على تلك السفن، وقالت منظمة العدل والتنمية بالشرق الأوسط إن روسيا تعتزم استعادة مضيقي البوسفور والدردنيل والممرات المائية بين تركيا وبلغاريا والتي حصلت عليها تركيا بموجب قرار من الأممالمتحدة. وأضافت المنظمة أن تدخل حلف الناتو حال دون استهداف روسيا للسفن التركية وزاد احتمالات التوغل العسكري الروسي بدول كأوكرانيا، استونيا واوبخاريا وجورجيا والشيشان، مؤكدة أن القلق التركي من التواجد الروسي داخل سوريا، يأتي في ظل مخاوف من اتساع النفوذ الروسي المتنامي مما سيؤدى بنهاية المطاف إلى مطالبة روسيا باستعادة مضيقي البوسفور والدردنيل بعد بسط تركيا نفوذها على تلك المضايق البحرية. مازالت الممرات المائية التي تربط بين تركيا وبلغاريا واليونان تمثل ورقة الضغط رئيسية ضد الأتراك حال تمدد النفوذ الروسي خاصة مضيق البوسفور ومضيق الدردنيل الذي يربط بين قارة آسيا وأوروبا وقبرص وما زالت جزيرة قبرص وهى جزيرة صغيرة متنازع عليها بين تركيا واليونان تمثل تحديا كبيرا لتركيا بسبب عدم اعتراف الأممالمتحدة بالجزء التركي من الجزيرة. ضربات نووية وحرب شاملة ميخائيل ألكسندروف، وهو خبير بارز في مركز الدراسات العسكرية والسياسية، أكد في تقرير نشره موقع «روسيا اليوم» أن موسكو في حال الدخول في حرب مع تركيا ستكون مضطرة لاستخدام الأسلحة النووية فورا لأنه سيكون المصير الوجودي للأمة الروسية على المحك، وأضاف ألكسندروف: سيكون حينها من الخطأ عدم استخدام روسيا للأسلحة النووية، لأن الغرب وتركيا سيحاولون جر روسيا إلى حرب تشبه حرب شبه جزيرة القرم، حيث سيجري تصعيد بطيء، وستبدأ العمليات العسكرية في منطقة القوقاز وتدمير التجمعات الروسية في سوريا، الغرب بالطبع سيساعد تركيا وسينقل مجموعات قتالية إلى هناك وسينشر بعضا من الطيران الحديث.. ستكون حينئذ حرب استنزاف وإنهاك. وأضاف: من وجهة نظري، إذا ما اشتعلت الحرب مع تركيا فيجب أن تكون قوية وواسعة وسريعة، يجب علينا حينئذ البدء فورا بضربات نووية توجه إلى البنية التحتية الأساسية للمواقع العسكرية في تركيا، ليس في المدن حيث يعيش السكان بل على المقرات والمراكز الرئيسية للاتصالات ومستودعات الذخيرة والمطارات والموانئ وذلك خلال الساعات القليلة الأولى من الحرب، يجب علينا تدمير البنية التحتية العسكرية بأكملها في تركيا. وتابع: حتى أننا في هذه الحالة لن نحتاج لضرب الصواريخ البالستية لكن قد يكون من اللازم استخدام بضع صواريخ باليستية لتدمير الدفاع الجوي التركي، وهنا سيكون كافيا الصاروخ "إسكندر إم" برؤوس نووية، وبعد تدمير البنية التحتية العسكرية سنتجه فورا لاحتلال مناطق المضائق. الغارات الروسية ضد التركمان محللون أتراك لا يستبعدون التدخل العسكري التركي إذا تم التصعيد من جانب روسيا ضد التركمان في سوريا، وقال المحلل السياسي التركي «بورهان كوز أوغلو»: سيكون الخيار الأخير بالنسبة لتركيا هو التدخل العسكري المباشر، هو خيار أخير ولكنه غير مستبعد، وبالتوازي مع ذلك تقوم الحكومة التركية على الأغلب بتقديم دعم عسكري للمقاتلين التركمان. وشدد على أنه في حال شعرت تركيا أن الأمر بات يشكل تهديداً لأمنها القومي فإنها لن تتردد في فعل كل ما يمكن من أجل حماية نفسها كما تفعل الآن ضد تنظيم داعش وضد مسلحي حزب العمال الكردستاني داخل وخارج الأراضي التركية. إسقاط روسيا لطائرة تركية قالت صحيفة زمان التركية في معرض حديثها عن احتمالية الحرب بين روسياوتركيا أنه قد ترد موسكو بإسقاط مقاتلة تركية تنتهك المجال الجوي السوري حتى وإن كان ذلك بشكل غير متعمد، مؤكدة أنه في هذه الحالة ستكون أنقرة وحيدة، فإما أن تصمد أو تدخل في حرب مع روسيا بمفردها بعدما ظهر في الأيام القليلة الماضية أنها لم تحصل على الدعم الكافي من الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي، لذلك قد تبقى وحيدةً في مواجهة إحدى أكبر القوى النووية بالعالم. الأسلحة الروسية وميزان القوى سيرجي بيرماكوف محلل روسي نائب مدير مركز تاوري للمعلومات التحليلية تحدث لموقعPolitonline.ru الروسي قائلًا: يربح في الحرب الحديثة مَن يكون لديه مزيج من أنواع القوى ومَن يستخدم نظام قيادة وسيطرة قتالية ومعلوماتية، وروسيا في هذه الحالة متفوقة، فلديها نظامها الخاص للملاحة عبر الأقمار الصناعية (غلوناس) ولديها نظام تحكم هجومي ومعلوماتي يخبر بالوضع على مسرح العمليات العسكرية بشكل مباشر، مؤكدًا أن تركيا عسكريا دولة قوية نوعا ما، لكن ليس بما يكفي لطرح تحد عسكري حقيقي لروسيا، فموسكو تملك أسطولا بحريا قادرا على توجيه ضربات بعيدة المدى، وليس فقط من حوض البحر الأسود. وأضاف: بالطبع، سوف يُستخدم الطيران الحربي، فهو منشور حاليا ليس فقط على أراضي روسيا، ولكن هناك قاعدة في سوريا، وهذا يعني أن زمن التحليق للوصول إلى المواقع على أراضي تركيا أصبح بالفعل أقل، وهكذا تركيا في وضع غير مجدي بسبب أنها لن تكون لديها جبهة واحدة مفتوحة، بل تهديد عسكري مباشر من عدة جبهات. ويكمل "بيرماكوف" قائلا: أما بخصوص حلف الناتو، فتركيا عضو كامل فيه، وهذا يعني أن المادة الخامسة للحلف تنطبق بالتأكيد عليها، لكن نظرا لعدة اعتبارات وخوفا من التدخل في النزاع فسيكون واجبا على جميع دوله أن تتفق بشكل لا لبس فيه على المعتدي الذي يجب أن يعمل ضده الحلف، عندها يجب أن يكون العدوان مباشرا، أي ضربة مباشرة ضد تركيا من بلدنا، ونحن لن نفعل ذلك، وأضاف: إذا ما أثارت تركيا النزاع وبدأت به، فهنا لن يكون من المؤكد أن يطبق الناتو المادة الخامسة، فالعدوان شيء والاعتداء شيء آخر، وعندما يكون البلد نفسه سبب النزاع ويجر بذلك حلف شمال الأطلسي فسيحاول الحلف التملص منه، فلا أحد على الإطلاق يريد أن يدخل في صراع مباشر مع روسيا، وذلك واضح لماذا، لأن التصعيد هنا يمكن أن يؤدي إلى حرب نووية.