تزامنا مع استمرار الهبّة الجماهيرية الفلسطينية بالأراضي المحتلة لاسترجاع حقوقه المنهوبة، شهدت الأممالمتحدة معركة أخرى كان أبرزها الانتصار الذي حققته الدبلوماسية الفلسطينية الثلاثاء الماضي، ويتضمن التصويت على القرار الذي يؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، باللجنة الثالثة "لجنة الشئون الاجتماعية والثقافية والإنسانية" التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. واعتُمد القرار بأغلبية 171 دولة لصالح القرار، وعارضته 6 دول (كندا، إسرائيل، جزر المارشال، ميكرونيزيا، بالاو، الولاياتالمتحدة)، وامتنعت 4 دول عن التصويت (الكاميرون، هندوراس، جنوب السودان، تونغا)، ويعيد القرار التأكيد من جديد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في دولته المستقلة فلسطين، ويحث جميع الدول والوكالات المتخصصة ومنظومة الأممالمتحدة على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني حتى نيل حقه في تقرير مصيره، ويشدد القرار كذلك على الحاجة الماسة لاستئناف وتسريع المفاوضات في إطار عملية السلام بالشرق الأوسط، استنادا إلى قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة ومرجعيات عملية السلام ومبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق. وبعد التصويت ألقت مستشار البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأممالمتحدة، نادية رشيد، كلمة أعربت فيها عن شكر وتقدير فلسطين لكل الدول التي صوتت لصالح القرار، مشيدة بالتأييد الساحق له، وهو يبعث برسالة واضحة إلى إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، بضرورة وقف سياساتها وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني ورفضها لحل الدولتين، وأنه قد حان الوقت لإنهاء الاحتلال حتى يصبح السلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين حقيقة واقعة. وفي هذا السياق؛ قال الدكتور "جهاد الحرازين" القيادي الفتحاوي إن الكل يعلم أن هذا القرار الذي خرج من اللجنة الخاصة بالشئون الاجتماعية والإنسانية، يأتي في سياق الجهد الدبلوماسي الفلسطيني المدعوم عربيًا والذي استطاع أن يحصد هذا القرار الخاص بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وفيما يخص مكاسب فلسطين من هذا القرار، أكد "جهاد" أن قرارات هذه اللجنة التي تخص الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة، ولكنها تأخذ الصيغة التدليلية باتجاه ترسيخ حق الدول ومن الممكن استخدام وتحويل قرارات الجمعية العامة في سياق الملزم إذا تم استخدامها تحت ما يسمي بمجلس السلم الدولي، مؤكدًا أنه لابد أن تعمل فلسطين على أن تتحول تلك القرارات واستخدامها في سياق المنظمات الدولية خاصة التي تتعلق بمجلس الأمن والتي قد تحولها إلى إلزامية على الاحتلال. وأضاف أن القيادة الفلسطينية لجأت في هذا التوقيت إلى المؤسسات والمنظمات الدولية للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تحفظ الحقوق والحريات وتنظم العلاقة بين الدول في كافة الأوقات، خاصة وأن هناك قرارات دولية صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان تتعلق بالصراع الدائر في المنطقة بين الفلسطينيين والاحتلال الصهيوني، الأمر الذي دفع القيادة إلى تغيير أوراق اللعبة، لاسيما وأنه لا يوجد هناك توازن في القوى بين الشعب الفلسطيني الأعزل والاحتلال المدجج بأعتى الأسلحة المتطورة. من جانبها؛ قالت وزارة الإعلام الفلسطينية إن هذا القرار انتصارًا لحقوق الشعب الفلسطيني، وتأييدًا لمساعيه التواقة إلى الحرية، واعترافًا بأن حقبة الاحتلال في طريقها إلى الزوال، وأكدت الوزارة أن قرار لجنة الشئون الاجتماعية والثقافية والإنسانية في الجمعية العامة، الذي تم اعتماده بأغلبية 171 دولة؛ يحمل إشارات واضحة داعمة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس.