يتساءل الكثيرون عن سبب حصول مصر على المراكز المتأخرة في تصنيفات التعليم على المستوى العالمي على مدار السنوات الماضية، سواء في التعليم الأساسي أو الجامعي، رغم وجود هيئة بمصر المفترض أنها تضع معايير الجودة، وتشرف عليها. الهيئة القومية لضمان جودة التعليم هي الكيان المكلف باعتماد الكليات والمنشأة بالقانون رقم (82) لسنة 2006، والذي نص على أن هذه الهيئة تتمتع بالاستقلالية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية العامة، وتتبع رئيس مجلس الوزراء، ومن المفترض أنها إحدى الركائز الرئيسية للخطة القومية لإصلاح التعليم في مصر، وذلك باعتبارها الجهة المسئولة عن نشر ثقافة الجودة في المؤسسات التعليمية والمجتمع وعن تنمية المعايير القومية التي تتواكب مع المعايير القياسية الدولية؛ لإعادة هيكلة المؤسسات التعليمية وتحسين جودة عملياتها ومخرجاتها على النحو الذي يؤدى إلى كسب ثقة المجتمع فيها، وزيادة قدراتها التنافسية محليًّا ودوليًّا، وخدمة أغراض التنمية المستدامة في مصر، إلا أن ذلك الدور لم يكن له نتائج فعلية على واقع التعليم بمصر، اللهم إلا التريب قبل الأخير على مستوى العالم. وقال الدكتور وائل كامل، المدرس بكلية التربية جامعة حلوان، إن هيئة ضمان الجودة والاعتماد قيدت اسميًّا لهدف وفعليًّا لهدف آخر، فبداية إنشائها كانت لضمان جودة التعليم، لكن الخطوات الفعلية التي تم بناؤها عليها كانت تؤكد عمل مظلة موحدة لجميع الكيانات التعليمية بمصر، حتى عندما تدخل الخصخصة، وتُفعَّل اتفاقية الجات على أرض الواقع، تصبح المؤسسات الأجنبية كلها مع المصرية تحت مظلة واحدة تحكمهم، بعيدًا عن تميز الجامعات الحكومية، ويخضع الجميع لقانون الجودة، وتكون المعاملة موحدة بين جميع الكليات بمصر. وأوضح "كامل" أن الجودة عندما طُبِّقت، أصبحت شكليات، ولا تتحدث عن مشاكل المناهج وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وأصبحت عبارة عن "تستيف أوراق"؛ لأنهم يريدون أن يثبتوا فقط أن لديهم عددًا من الأرقام يؤكد أن المدرسة أو الجامعة الحكومية معتمدة، بحيث عندما تدخل المؤسسات الأجنبية، يتم معاملتها نفس المعاملة. وأضاف أن هيئة ضمان الجودة وضعت معايير محلية خاصة بها، يتم قياس جودة التعليم عليها، وليس لها علاقة بالمعايير العالمية، مشيرًا إلى أنه عند إنشاء الهيئة في 2006 كانت مكلفة بنشر ثقافة الجودة إلا أنه لم يحدث ذلك، فمنذ بداية إنشاء الهيئة تحول الموضوع لاحتكار وبيزنس. وأشار إلى أن حصول الكليات على اعتماد الجودة يتم بناء على "تستيف" أوراق الكلية، بمعنى أنه عندما تريد الكلية أن تحصل على الجودة والاعتماد، يتم مطالبتها بتقديم أوراق عن نقاط الضعف والقوة بالكلية وطرح حلول لنقاط الضعف، يتم تقديم كافة المستندات على أوراق دون معرفة أن هذا التصحيح تم فعليًّا أم لا، ودون الالتفات إلى المشاكل الحقيقية للجامعة. كليات يملأ أساتذتها استبيانات الجودة بدل الطلاب ولفت"كامل" إلى أن بعض الكليات يصل بها الأمر في حصولها على الجودة بأن تقوم لجنة الهيئة بجمع الاستيانات التي يجب أن تعبر عن آراء الطلبة في مستوى التعليم بالكلية، عن طريق أعضاء الهيئة أنفسهم، دون أخذ آراء الطلاب، وذلك عن طريق عمل ندوة لأعضاء التدريس تحت أي مسمى، ويتم ملء الاستبيانات، وتقدم إلى الهيئة للحصول على الجودة والاعتماد، موضحًا أن الهيئة نفسها تشرف وتوجه وتقيم وتظهر النتيجة، لأنها تملك سلطة مطلقة دون مراقبة. وأوضح أن حصول مصر على الترتيب قبل الأخير جاء بناء على قياس مستوى التعليم على أرض الواقع، بناء على استبيانات من أعضاء هيئة التدريس والطلاب ورجال أعمال عن مستوى الخريج المصري، على عكس ما تقوم به الهيئة من قياسات تعتمد على الأوراق، مشيرًا إلى أننا لم نصل حتى الآن إلى قياس مستوى التعليم على أرض الواقع، كما أن لدينا جمودًا منذ السبعينيات في التعليم والأبحاث الجديدة، فما زلنا ندرس مناهج متأخرة، والأبحاث والمناهج الجديدة ما زالت حبيسة الأدراج والمكتبات. هيئة الجودة غير معتمدة دوليًّا وكشف الدكتور محمد زهران، مؤسس تيار استقلال المعلمين، أن هيئة ضمان الجودة والاعتماد غير معتمدة دوليًّا، "يعني زيها زي المدرسة الخاصة غير المرخصة، يعني شهادات الاعتماد التي تصدرها الهيئة من سنوات للمدارس تبلّها وتشرب ميتها. فإذا كانت الهيئة لم تحصل على الاعتماد، فكيف تعتمد المدارس؟! مما يعني أن المجالات والمعايير والمؤشرات والممارسات التي صدَّعوا بها المدارس على مدار سنوات لا تتفق مع المعايير الدولية". وأضاف زهران أنه بعد صدور تقرير التنافسية العالمية (منتدى دافوس) بتصنيف مصر في المركز قبل الأخير على مستوى العالم في جودة التعليم للعام الرابع على التوالي، يستوجب الأمر إلغاء هيئة ضمان الجودة والاعتماد التابعة لرئاسة الوزراء، لافتًا إلى أن المدارس التي تم اعتمادها أغلبها هبط المستوى التعليمي بها بعد الاعتماد، والهيئة تعلم ذلك، ورغم ذلك مستمرون في الاعتماد لمدارس دون المستوى.