عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، اليوم مباحثات قمة على هامش مشاركته في أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، المنعقدة حاليا بالرياض، وتناولت المباحثات خلال القمة سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية، والتطورات الجارية على الساحة العربية، خاصة الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية، والأوضاع باليمن وليبيا، بالإضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، في تصريحات صحفية، إن الرئيس السيسي والملك سلمان حضرا في ختام المباحثات مراسم التوقيع على محضر إنشاء مجلس تنسيق سعودي- مصري لتنفيذ إعلان القاهرة، بحيث يتولى الإشراف على تقديم المبادرات وإعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية بين البلدين في المجالات المشار إليها في إعلان القاهرة. إعلان القاهرة اتفق الجانبان المصري والسعودي في 30/7/2015 على وضع حزمة من الآليات التنفيذية بالمجالات التالية: 1- تطوير التعاون العسكري والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، 2- تعزيز التعاون المشترك والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، 3- تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين والعمل على جعلهما محورًا رئيسيًا في حركة التجارة العالمية، 4- تكثيف الاستثمارات المتبادلة السعودية والمصرية بهدف تدشين مشروعات مشتركة، 5- تكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين لتحقيق الأهداف المرجوة في ضوء المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، ومواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها المرحلة الراهنة، 6- تعيين الحدود البحرية بين البلدين. ويرى مراقبون أن الاتفاق على وجود قوة مشتركة وخصوصاً في هذا الوقت يعد ضرباً من الخيال، هذا لتعقد المصالح وتشعبها بين مصر والسعودية واختلاف وجهات النظر في حماية كلٌ منهما لأمنه القومي في ساحات الصراع الملتهبة في وقتنا الحاضر، سواء بليبيا أو سوريا أو اليمن. في لبيبا السعودية تعارض الرئيس عبدالفتاح السيسي في ليبيا والدفاع عن أمن مصر القومي خصوصاً بعد تنامي داعش فيها واعتدائهم على مواطنيين مصريين بالذبح، فمشروع القوة العربية المشتركة كان "شبه مفصل على الحالة الليبية"، فمصر كانت تقود دعوة للتحرك العسكري لدعم قوات حفتر، كما إن هذا المشروع -الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل نحو ثمانية أشهر، في نهاية مارس الماضي، وأعلن حصوله على إجماع عربي على تشكيل هذه القوة- لم يكن في حقيقة الأمر يحظى بحماسة أو دعم أي جهة عربية أخرى باستثناء الإمارات، وحكومة طبرق الليبية الراعية للجنرال خليفة حفتر، فالسعودية كانت مترددة تجاه المشروع، وعلى ما يبدو أن الدبلوماسية القطرية نجحت في إقناعها بأن تشكيل القوة مخاطرة، وأن أي تورط في ليبيا قد يتسبب في تعقيد الأمور أكثر. في سوريا أتي التقارب المصري السوري الأخير بدعم من الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، ليشكل نقطة خلاف بين القاهرةوالرياض، حيث تتخذ الرياض موقفا عدائيا واضحا من الرئيس السوري "بشار الأسد" منذ بداية الأزمة، إلا أن العلاقات المصرية السورية بدأت تتخذ منحنى مختلفا عن رغبات السعودية، وبدأت الرياض تدرك ذلك في القمة العربية الأخيرة التي عقدت بشرم الشيخ، حيث رفضت مصر حضور أيًا من ممثلي المعارضة السورية، على عكس رغبة الرياض التي كانت تريد حضورًا للمعارضة في هذه القمة، وهو ما يشير إلى أن القضية السورية أولى نقاط الشقاق بين الحليفين، أضف إلى ذلك ترحيب مصر بالتدخل الروسي في سوريا وترك مصير الرئيس السوري بشار الأسد بيد الشعب السوري، وهي نقاط زادت من توتر العلاقات المصرية السعودية. في اليمن موقف مصر من الحرب السعودية في اليمن كان نقطة خلاف بين البلدين، فبالرغم من إعلان مصر انضمامها إلى التحالف في أول الأمر، إلا أنها لم تشارك بفاعلية في التحالف العسكري وظلت مترددة في موقفها، بالإضافة إلى استقبالها وفود معادية للرئيس اليمني "منصور هادي" الذي تستضيفة السعودية، كما أن مصر تدخلت في رعاية مباحثات تهدف لتسوية سياسية، وهو ما ترفضه السعودية قبل تحقيق تقدم ميداني معين يكون ورقة ضغط أثناء المفاوضات، وفي نفس الوقت رأت القاهرة أن المملكة تخطو خطوات سريعة باتجاه الدوحة وأنقرة، وهي تعرف جيدًا أن قطر وتركيا داعمين إقليميين لجماعة الإخوان المسلمين وهو الأمر الذي لا يقبله النظام المصري، حيث تعلم الرياض جيدًا أن ملف الإخوان المسلمين مغلق تمامًا بالنسبة للقاهرة، ومع ذلك تسعى لدعمهم والاستفادة منهم في اليمن والتعامل مع هذا الملف كورقة ضغط. إعلان القاهرة يساهم في تعزيز العلاقات بين مصر والسعودية، ولكن يبقى السؤال مطروحاً، في حال لم يتم التوافق على أهداف القوة العربية المشتركة والغاية منها؟، فهل تبقى البنود الاستثمارية والتجارية والتعاون الاقتصادي قائماً بين البلدين أم هذا مرتبط بذاك؟.