سياسات مريبة وإجراءات قاسية يمارسها أصحاب رؤوس الأموال تجاه العمال، تراوحت بين الفصل التعسفي والإجازات الإجبارية، بحجة تدهور الوضع الاقتصادي العام، مما أثر على الوضع المالي للشركة أو المصنع، مدركين جيدًا أن العمال ومطالبهم ليسوا من أولويات الحكومة، متناسين أن الحراك الغضب بدأ بالثورة العمالية، عندما كانت إضرابات عمال غزل المحلة في ديسمبر 2006 وسبتمبر 2007 و6 إبريل لعام 2008، ومراحل من الصراع والحراك حتى ثورة 25 يناير، لكن المسؤولين حتى الآن يتجاهلون العمال، ويتعاملون مع احتجاجاتهم بالعنف. ازداد في الفترة الأخيرة عدد العمال المضربين بمختلف المصانع والشركات،توسعت من عمال النظافة لتشمل عمال شركة الزيوت المتكاملة، مرورًا بعمال المحاجر حتى عمال "فيردي" للسيراميك، لتكون آخر الشركات التي أعلنت العصيان والإضراب عن العمل حتى الآن. وكان المئات من عمال النظافة التابعين لجهاز التجميل والنظافة بمحافظة السويس أعلنوا إضرابهم، بمقر الجهاز بطريق السويسالإسماعيلية للمطالبة بمستحقاتهم المالية، وتأخر اعتمادها من قِبَل مسؤولي ديوان عام المحافظة، وسط تعنت شديد من المسؤولين بالمحافظة وتجاهل مطالبهم، فضلًا عن التلويح والتهديد بالحبس والاعتقال للمحتجين من العمال، خاصة بعد تعدد الشكاوى بامتلاء صناديق القمامة وبعثرتها في شوارع المحافظة. من جانبهم أكد العمال أن التهديدات لن تثنيهم عن مطالبهم بصرف رواتبهم ومستحقاتهم الشهرية، معلنين إفراغ حمولتهم من القمامة أمام ديوان عام محافظة السويس، في حالة استمرار تجاهل مطالبهم أو حبس واعتقال أي منهم، فضلًا عن تأكيدهم عدم الحصول على أي مميزات، ويلقون معاملة سيئة من جميع المسؤولين، ولا يلقون الرعاية الصحية أو العلاج اللازم، حيث إنهم يتعرضون لأمراض خطيرة يوميًّا. كما نظم عمال شركة الزيوت المتكاملة بالسويس، وقفة احتجاجية أمام ديوان عام محافظة السويس، فضلًا عن اعتصام باقي زملائهم أمام أبواب المصنع بمنطقة الأدبية الصناعية بالسويس؛ احتجاجًا على طرد رئيس مجلس إدارة الشركةنحو 600 عامل بالمصنع، ورفض صرف رواتبهم للشهر الثاني على التوالي، وطالب العمال من خلال وقفتهم بتدخل المسؤولين بالسويس لإنقاذهم وأسرهم من التشرد، وطالبوا الدولة بجميع أجهزتها التنفيذية بالوقوف إلى جوارهم آملين في عودتهم إلى العمل، بعد أن أغلق صاحب المصنع أبوابه في وجههم، وتبليغهم بقرار تصفية وبيع المصنع وتسريح العمالة، ردًّا على شركات التأمين؛ لرفضها صرف خسائر حريق الشركة بالكامل وتأخرها في صرف هذه التعويضات. ولم يقف الأمر بالزيوت المتكاملة عند هذا الحد، فقد شهد المصنع حالة من الشغب والكر والفر، إثر اعتداء مجهولينب"الشوم والعصي والحجارة"، وفتح البعض النار على عمال المصنع المعتصمين من خلال اسطوانات البوتاجاز، في محاولة لفض الاعتصام بالقوة ، مما أسفر عن عدد من الإصابات، قبل أن تتدخل قوات الأمن لفض الاشتباكات، وتلقي القبض على بعض من مثيري الشغب، وسط اتهامات موجهة لمالك المصنع باستئجار وجلب "بلطجية" وتحريض السائقين وعمال المقاول لفض الاعتصام بالقوة. وتدخلت قوة من قسم عتاقة لفض الاشتباكات، كما ألقت القبض على بعض من مثيري الشغب، وتم احتجازهم بالقسم تمهيدًا لعرضهم على النيابة، فيما وجه العمال أصابع الاتهام لمالك المصنع باستئجار "بلطجية"، ونقلهم بحافلات المصنع الخاصة بنقل العمال، ومشاركة السائقين وعمال اليومية لمهاجمة العمال المعتصمين في محاولة لفض اعتصامهم بالقوة. وقال جمال حسن، أحد العمال: نتهم مالك المصنع بأنه وراء هذا الاعتداء واستئجار "البلطجية" لفض اعتصامنا بالقوة، مشيرًا إلى أنهم يشعرون بالمرارة والظلم؛ لصدور قرار بتسريحهم، مما يشردهم وأسرهم، مناشدين وزيرة القوى العاملة ورئيس الحكومة التدخل ورفع الظلم عنهم وإنصافهم. وتابع حسن: قوة المصنع 600 عامل و100 موظف بالمقر الإداري بعباس العقاد، فضلًا عن العمالة الموسمية، وتلقينا إخطار غلق المصنع بغضب؛للتلاعب بمستقبلنا وتشريد أسرنا، واستغلالنا كورقة ضغط على شركات التأمين لصرف كامل مستحقات الخسائر التي خلفها حريق شب بالمصنع في أكتوبر 2014 الماضي، ووحصلوا على معظمها، مضيفًا أن العمال بصدد الدخول في إضراب عن الطعام، حتى يصل صوتهم للمسؤولين. شمال سيناء.. الاحتجاجات "تزيد الطين بلة" شمال سيناء..المحافظة التي لا تهدأ أبدًا، رغم أنه لا صوت يعلو على صوت التفجيرات والرصاص هناك، إلَّا أن المحتجين لم يصمتوا عن حقوقهم خلال الفترة الماضيةخلال عهد السيسي. "الوطني لتنمية سيناء".. رشوة ومحسوبية في 20 مارس 2015 انتفض أهالي شمال سيناء ضد الجهاز الوطني لتنمية سيناء، منددين باختيار الموظفين على أساس الوساطة والمحسوبية من المعارف بالجهاز، وعدم توفير فرص عمل مناسبة لأبناء المحافظة، وتطور الأمر إلى تنظيم وقفة أمام الجهاز للمطالبة بحله. وقال المهندس عماد البلك، أحد الداعين للوقفة وقتها: الجهاز منذ سنوات يرتكب وقائع فساد، تبلورت في تعيين أصحاب النفوذ والمعارف داخل الجهاز. وجاء رد الجهاز بأنه لا تلاعب في مسابقات الجهاز، وما يحدث افتراءات للوقيعة بين الجهاز والأهالي الذين يحبونه والقائمين عليه. احتجاج العاملين بمستشفى العريش العام شهد مستشفى العريش العام في النصف الأول من العام الحالي وتحديدًا في شهر أبريل، تنظيم العشرات من العاملين وطاقم التمريض وقفة احتجاجية، للمطالبة بمستحقاتهم المالية، المتمثلة في عدم صرف حافز جذب العمالة المقرر للمناطق النائية ومساواتهم بالمغتربين، وتطور الأمر للإضراب عن الطعام عقب تجاهل هذه المطالب، وبعد ساعات من الإضراب عن الطعام تدخل المحافظ ووكيل وزارة الصحة لإنهاء الأزمة. جاء الإضراب عن الطعام بعد أيام من الاحتجاجات تجاهلها وكيل وزارة الصحة والمسؤولينكافة، حتى تم التصعيد للإضراب عن العام، وأكد مصدر طبي بمستشفى العريش، أن الأزمة وقتها كانت تتمثل في عدم حصول الأطباء وفريق التمريض الجدد على نسبة 250% بدل المناطق النائية، رغم تعرضهم لمخاطر خلال توجههم إلى مقر عملهم بشكل يومي. وبعد استمرار الإضراب لساعات، نجح اللواءعبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، والدكتورطارق خاطر، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، في إنهاء إضراب الممرضات والعاملين بالمستشفى، بعد وعدهم باتخاذ إجراءات عاجلة لحل الأزمة وسماع مطالبهم. كذلك نظم عدد من العمال والإداريين ب"العمالة الموسمية" بمستشفى العريش العام، في منتصف أبريل 2015، اعتصامًا داخل مبنى المستشفى، على خلفية فصلهم تعسفيًّا عن العمل منذ ديسمبر 2013، وعدم تعيينهم، رغم تلقيهم وعودًا من المسؤولين عقب الفصل بالتعيين. وتعود الأزمة إلى فصل إدارة مستشفى العريش العام ما يزيد على 33 عاملًا وإداريًّا من "العمالة الموسمية" في ديسمبر 2013، وفؤجئ العمال بهذا القرار واشتكوا للمسؤولين، الذين وعدوهم بأن تكون الأولوية لهم في مسابقات مقبلة ستعلن عنها وزارة الصحة، وستكون لمحافظة شمال سيناء حصة بها، وأكد العمال أنه منذ ذلك الوقت لم يتم الإعلان عن أي مسابقات أو تعيينات. جنوبسيناء.. الاحتجاجات والسياحة رغم حالة الركود السياحي الذي تشهده المحافظة، إلَّا أنها ليست بين أولى المحافظات في الاحتجاج العمالي، لقلة الاحتجاجات التي تشهدها محافظة جنوبسيناء. في 16 أكتوبر الماضي، نظم العشرات من العاملين بالأنشطة البحرية، بجنوبسيناء، وقفة أمام مستشفى شرم الشيخ الدولي؛ احتجاجًا على منع تراخيص المراكب والجلاس بوت واللنشات السياحية. ورفع المحتجون لافتات مكتوبًا عليها "لا للفساد، نعم للرئيس في محاربة الفساد، نعم لتقنين الأوضاع، نعم للمساواة، نعم للعيش الكريم". وقال صاحب إحدى الشركات بمجال الأنشطة البحرية: التراخيص تخرج للمحاسيب فقط. وتساءل صاحب شركة ألعاب مائية: كيف لشركات متخصصة بالألعاب المائية تمنع عنها تراخيص المراكب واللنشات البحرية، وكيف يعملون بدونها؟! مطالبًا بفتح التراخيص بدون استثناءات. من جانبه أعلن اللواء خالد فودة، محافظ جنوبسيناء، عن نجاح المحافظة في القضاء على الاضرابات وتعطيل بيئة العمل من خلال المفاوضات والحوار، لذلك لم تتعطل أي منشأة سياحية أو مصانع على مستوى المحافظة. وأكدت وزارتا القوى العاملة والتأمينات أن هناك متابعة مستمرة للمنشآت التي تعاني من مشكلات؛ للوقوف على آخر تطورات الموقف وتهدئة العمال للحد، فضلًا عن صرف إعانات للعاملين بالمنشآت المتعثرة من صندوق مواجهة حالات التوقف الطارئ أو صندوق إعانات الطوارئ، بالإضافة وزارة القوى العاملة تتلاحم مع العمال بمواقع الاحتجاجات العمالية عبر غرفة عمليات؛ لمتابعة تطورات الموقف بها، ومحاولة إيجاد الحلول الملائمة قبل تفاقم الأوضاع.