يعتبر اكتشاف استخدام الحاويات في نقل البضائع منذ أواخر الخمسينيات بمثابة حجر زاوية في تطور صناعة النقل البحري؛ بما أفرزته من تغيرات جذرية في صناعة النقل، وأصبحت الحاوية المشحونة بالبضائع قادرة على التحرك من موقع إنتاج السلعة وحتى وصولها إلى أسواق الاستهلاك، وهو ما أطلق عليه نظام النقل من الباب إلى الباب حتي جاء عصر تعدد وسائل النقل براً وبحراً في منظومة متكاملة تحقق السرعة والسلامة وانخفاض التكلفة. وتحولت وسائل النقل بدخولها هذه المنظومة إلى وسائط تخدم حركة تدفق البضائع من خلال البر والجو والبحر، وأصبح نظام النقل متعدد الوسائط هو العمود الفقري لعمليات تدفق البضائع من المنتج للمستهلك. ويشمل نظام النقل متعدد الوسائط أنشطة متعددة ترتبط بالإنتاج والتوزيع والتخزين بكفاءة عالية وتكلفة اقتصادية، وهو ما نظمته اتفاقية النقل متعدد الوسائط التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة عام 1973 تحت رعاية منظمة "الأنكتاد" التى تم اعتمادها في مؤتمر الأممالمتحدة عام 1980 في جنيف بمشاركة 84 دولة منها 51 دولة نامية. وفور تولي اللواء سعد الجيوشي، وزارة النقل، أكد ضرورة تنمية مفهوم وأسلوب النقل متعدد الوسائط فى دول المنطقة وتوحيد الجهود فى التغلب على الصعوبات التى تواجه العمل بهذه المنظومة من خلال توحيد الإجراءات المتبعة على الحدود البرية والموانئ البحرية بين الدول العربية. وشدد "الجيوشي" على ضرورة إرساء قواعد مستدامة لتطوير منظومة النقل البحرى فى المنطقة العربية؛ لمواكبة التطور العالمى فى هذا القطاع، خاصة فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية للموانئ من أجل استيعاب التطور المستمر فى احجام السفن وما يتطلبه من تطوير معدات الشحن والتفريغ والإدارة الإلكترونية. وتأتى أهمية النقل متعدد الوسائط من المزايا المتعددة التي تعود على صاحب البضاعة، فاستخدام أكثر من وسيلة في صورة متكاملة لنقل البضائع يؤدى حتماً إلى الاستفادة من المزايا التي تتمتع بها كل وسيلة من حيث التكلفة والسرعة والأمان، ومن ثم فإن النتيجة النهائية الحصول على خدمة نقل بتكلفة أقل وبجودة أعلى مع الاستخدام الأمثل لوسائل النقل، ما يؤثر بالإيجاب على الاقتصاد القومي، وهنا من الأهمية إدراك أن الاعتماد علي النقل متعدد الوسائط بأشكاله المختلفة كأحد الاختيارات المتاحة أمام صاحب البضائع له مجموعة من المحددات أهمها وفق الخبرة الأوروبية مسافة رحلة البضائع. يقول الدكتور فتحي السيد التوني، أستاذ اقتصاديات النقل ووكيل المعهد القومي للنقل، إن الاهتمام بالنقل متعدد الوسائط في الوقت الحالي يعد ضرورة ملحة للنهوض بالاقتصاد المصري، موضحا أن قطاع النقل متعدد الوسائط يؤدى وظيفة جوهرية مهمة بين مختلف قطاعات الاقتصاد القومي، فقطاع النقل يخلق نوعاً من التشابك الاقتصادي بين القطاعات الأخرى، وبما يدعم هيكل الاقتصاد القومي. وأضاف "التوني" أن قطاع النقل يعتبر أحد الدعامات الأساسية للإنتاج، كما أن هناك علاقة وثيقة بين النقل والتقدم الاقتصادي، المرهون بمدى التقدم والتطور فى وسائل النقل، فتحسين ميزان المدفوعات عن طريق زيادة الصادرات يتوقف على مدى كفاءة خدمات النقل لما لها من تأثير على تكلفة التصدير، وبالتالي أسعار الصادرات وتكلفة الحصول علي الواردات. ومن جانبها، قالت الدكتورة سلوى المهدي، خبير النقل الدولي، أن تفعيل دور النقل متعدد الوسائط في مصر حاليا يعد خطوة أولى للنهوض بقطاع النقل البحري داخل مصر، مضيفة أن جميع وزراء النقل السابقين أكدوا على تنمية الدور البحري من خلال تفعيل النقل متعدد الوسائط، لكنه لم يحدث بشكل حقيقي. وأوضحت "المهدي" أن اللواء سعد الجيوشي يتحرك بخطوات ثابتة وواضحة في ملف النقل البحري، ما يؤكد أن دور النقل متعدد الوسائط سوف يفعل بشكل حقيقي خلال المرحلة المقبلة. وأكدت خبير النقل الدولي أنه بتفعيل دور النقل متعدد الوسائط، سوف تدخل مصر في مرحلة جديد من الدمج بين الاقتصاد والمجال البحري، وسوف تنهض مصر فى المجالين، بالإضافة إلى تفعيل دور النشاط الاقتصادي المصري الذي يشهد غموضا في الوقت الحالي بسبب ارتفاع سعر الدولار.