منذ عام 1948 والكيان الصهيوني ينتهج في فلسطين التاريخية سياسة لا يمكن لأحد أن ينفيها أو يتجاهلها عرفت باسم "التطهير العرقي"، إذ كان القادة الصهاينة يصدرون أوامر تقضي بتطهير المناطق التي كانت تستولي عليها قواتهم من مواطنيها الفلسطينيين، وذلك من أجل إيجاد مجتمع متجانس عرقيًّا ويقتصر على اليهود فقط، ولم يخف هؤلاء القادة ذلك، فقد صرح "موشيه دايان" في خطابه أمام طلبة التخنيون (المعهد الإسرائيلي للتكنولوجيا) في حيفا عام 1969 أنه جرى تشييد القرى اليهودية على أنقاض القرى العربية، وقال مخاطبًا الطلبة: "إنكم لا تستطيعون حتى معرفة أسماء هذه القرى، وأنا لا ألومكم؛ لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة، ليست الكتب فقط لم تعد موجودة، القرى العربية ليست قائمة أيضًا". طالت عملية التطهير العرقي مدينة القدس والقرى والبلدات المحيطة بها، ويذكر عالم الاجتماع "سليم تماري" أنه جرى تهجير سكان 38 قرية من أصل 40 قرية واقعة في المنطقة التي بقيت تحت السيطرة الصهيونية بعد توقيع اتفاقية الهدنة سنة 1949، وبلغ عدد المهَجَّرين آنذاك نحو 73 ألفًا و258 نسمة، يضاف إليهم سكان الأحياء العربية الواقعة غربي المدينة، والتي كانت من أكثر المناطق ثراءً وازدهارًا في الشرق الأوسط قبل 1948، وفقًا لبعض المؤرخين، لكن تم احتلالها وتطهيرها من العرب، والاستيلاء على منازلهم، وسلب ممتلكاتهم الخاصة، وأقدمت قوات الاحتلال الصهيوني على هدم قرى اللطرون الثلاث (عمواس، يالو، وبيت نوبا)، الواقعة غربي القدس، وتهجير سكانها. هذا بالإضافة إلى هدم حارة الشرف، التي شملت حي المغاربة وعدد من الأحياء المحاذية لها داخل البلدة القديمة، وتهجير سكانها قسرًا إلى مخيم شعفاط، وتشير المعطيات إلى إقدام سلطات الاحتلال على هدم حي المغاربة بالكامل، حيث أزيل آنذاك 135 منزلًا، كان يقطنها 650 فلسطينيًّا، بالإضافة إلى هدم مسجد البراق ومسجد الملك الأفضل، لتقدم بعدها الحكومة الصهيونية على بناء أحياء جديدة مخصصة للمستوطنين اليهود، فضلًا عن توطين البعض منهم في المنازل التي تم تهجير الفلسطينيين منها. في هذا السياق، قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي: أزمة اللاجئين في القرن العشرين بدأت تظهر مع التطهير العرقي لسكان فلسطين الأصليين على أيدي الكيان الصهيوني عام 1948، وخلال حرب يونية 1967، وبسبب استمرار التطهير العرقي للفلسطينيين، أقدمت الأممالمتحدة على تقسيم فلسطين، وكلفت منظمة الأونروا (وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين)، في عام 1949 بتوفير الأشغال العامة للاجئين الفلسطينيين. ويضيف الموقع أنه بعد حرب عام 1967، سيطر الكيان الصهيوني على الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وقطاع غزة، وأقر المجتمع الدولي أن هذا الاستيلاء يُعد احتلالًا عسكريًّا عدائيًّا، ومن خلال اتفاقية جينيف الرابعة، وضعت تل أبيب المدنيين الفلسطنيين تحت وطأة الاحتلال. ويشير الموقع الكندي إلى أن الاتفاقية تحمي المدنيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري، وينص الاتفاق على عدم تعرضهم للانتهاك (باستثناء الضرورة العسكرية)، والحفاظ على ممتلكاتهم الشخصية وعدم التعرض لها، وحصولهم على الغذاء الكافي والمياه والرعاية الطبية والتربوية والعمل. ويوضح الموقع أنه رغم كل هذه التعهدات والاتفاقيات، يواصل الكيان الصهيوني تنفيذ مخطط التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني بمساعدة المجتمع الدولي، لافتًا إلى أن الأونروا توفر اليوم المساعدة إلى 5.2 مليون لاجئ فلسطيني بجميع أنحاء الشرق الأوسط في سوريا والأردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، وتوفر الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمساعدات الطارئة ودعم البنية التحتية بميزانية قدرها 1.4 مليار دولار. ويشير "جلوبال ريسيرش" إلى أن نسبة البطالة في غزة هي الأعلى في العالم، و40% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 90% من المياه غير صالحة للاستهلاك البشري، بالإضافة إلى عدم وجود كهرباء؛ بسبب الهجمات الصهيونية التي دمرت محطات الكهرباء وحجبت الوقود، موضحًا أنه خلال العام الجاري، الأونروا غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية لعدة أسباب منها تزايد عدد اللاجئين، وخفض التمويل، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى سعر صرف اليورو. وبجانب ما سبق، تسعى سلطات الاحتلال الصهيوني لتغيير الوضع الديموغرافي في القدسالشرقية، من خلال استهداف الوجود الفلسطيني في المدينة والحد من عدد الفلسطينيين مقابل زيادة أعداد المستوطنين اليهود، وبانتهاج سياسات وإجراءات تحول دون تمكن أي فلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في الإقامة والعيش داخل القدس، وبالتالي ترغم الكثيرين من مواطني المدينةالفلسطينيين على الهجرة القسرية لخارجها، وتتمثل هذه السياسات في الحظر المفروض على جمع شمل العائلات الفلسطينية، والاستيلاء على الأرضي والممتلكات، وبناء المستوطنات الجديدة، وعزل المدينة عن باقي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وتضييق الخناق على المقدسيين في البناء وجعله شبه مستحيل، وهدم المنازل، والحد من حرية الفلسطينيين في الحركة والتنقل واختيار مكان الإقامة، بما في ذلك داخل القدسالمحتلة؛ فضلًا عن إنشاء جدار الضم والتوسع.