أصدرت مؤسسة شركاء من أجل الشفافية (PFT) تقريرها الشهري الثالث من "سلسلة تقارير دفتر أحوال الفساد" والذي يغطى شهر سبتمبر الماضي لهذا العام، حيث دشنت المؤسسة منذ أول يوليو 2015 مرصدا لتتبع وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها من خلال وسائل الإعلام والأجهزة الرقابية وسلطات التحقيق المعنية، فضلا عن متابعة إجراءات الدولة المعنية بالقضية. وكشف تقرير المؤسسة عن 85 واقعة فساد بانخفاض قدره 20% عما تم رصده في شهر أغسطس الماضي، كما أشار إلى أن تصريحات الحكومة المرتبطة بمكافحة الفساد كانت "أكثر كثافة" هذا الشهر عن ذي قبل، وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك الضجة السياسية والإعلامية التي صاحبت الكشف عن فضيحة فساد وزارة الزراعة، ثم تغيير الحكومة، وبالتالي ميل عدد كبير من المسئولين لإعلان مواقف تبدو متشددة تجاه الفساد داخل قطاعاتهم. وأوضح التقرير أنه بالرغم من ذلك، ظلت الحلول التشريعية "غائبة" عن المشهد، فرغم استقالة الحكومة، إلا أن الدولة لم تتدخل خلال شهر سبتمبر بقوانين وقرارات من شأنها التعاطي مع ظاهرة الفساد المنتشر في مصر، والأنشطة التي نظمها عدد من الهيئات والمنظمات الحكومية والمتعلقة بمكافحة الفساد، تهدف ظاهريا إلى توعية موظفيها وتأهيلهم للانخراط في جهود مكافحة الفساد، كما أنها من الناحية العملية تفتقد للترابط والمنهجية والتخطيط السليم بما يسمح بقياس أثرها ومردودها على سلوكيات وممارسات الموظفين داخل تلك الهيئات فيما بعد. وأضاف التقرير أن وزارة التموين والمحليات، جاءا على رأس القطاعات التي تشهد فسادا للشهر الثاني على التوالي برصيد 18 ، 12 واقعة بالقطاعين على التوالي خلال شهر سبتمبر 2015 ولفت التقرير إلى عدد من القضايا قيد التحقيق تحتل المرتبة الأولى ضمن وقائع الفساد خلال شهر سبتمبر برصيد 60 قضية، تليها القضايا قيد المحاكمة برصيد 14 قضية، ثم القضايا التي تم الحكم فيها برصيد 7 قضية، وأخيرا، تأتي القضايا التي لم يتم التحقيق فيها في المرتبة الأخيرة برصيد 4 قضايا فقط. وقال الدكتور عاصم عبد المعطى، رئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد والوكيل السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، إن الفساد خلال عام 2014 ترتب عليه إهدار مابين 170 إلى 200 مليار جنيه وما يقارب ربع الموازنة العامة للدولة. وأضاف "عبد المعطى" أن هناك عددا من الآليات لمواجهة الفساد، أولاً تحديد أسباب الفساد تمهيدًا لاتخاذ إجراءات لمعالجته، ثانيا وجود 3 سلطات منفصلة تماما عن بعضها، وهم "التنفيذية والتشريعية والقضائية". وأكد رئيس المركز المصرى للشفافية أن مكافحة الفساد فى مصر تحتاج تفعيل الأجهزة الرقابية واستقلاليها عن الأجهزة التنفيذية حتى لا يكون رئيس الأجهزة الرقابية ولاؤه لمن عينه ويضطر إلى أن يتغاضى عن الفساد مقابل الحفاظ على الكرسى. وغى نفس السياق، أوضح الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أهم آليات مواجهة الفساد فى مصر، فصل الأجهزة الرقابية عن السلطة التنفيذية فى مصر والمسيطرة على جميع السلطات، بجانب الوعى الجماهيرى وتفعيل دور المجتمع المدنى لمواجهة الفساد ومراقبة أداء المسؤولين.