شهدت «الطماطم» خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعا جنونيا لأسعارها، على الرغم من استنباط أصناف جديدة تمتاز بمقاومتها للعديد من الأمراض والآفات وللإجهادات البيئية، فضلاً عن سلامتها وتماسكها بخلاف السلالات القديمة التى كانت عرضة للتلف بشكل أسرع، إلا أن التطور الإنتاجى لم يصاحبه تطور تصنيعى يساعد فى القضاء على مشكلة الفاقد التي تصل إلى 40% من إجمالي ناتج المحصول، وهى المشكلة الأساسية التى تواجه محصول الطماطم. وتزرع الطماطم في 3 عروات على مساحة 400 ألف فدان بإنتاجية تبلغ 10 ملايين طن، جعلت مصر تحتل المركز الخامس عالميا في إنتاجها، وفى نفس الوقت فإن أكثر من مليونى طن تتعرض للتلف كل موسم. يقول أحمد الشريف، خبير الاقتصاد الزراعي والخضر، إن أفضل طريقة للتغلب على تقلبات أسعار الطماطم، تصنيع الطماطم وتحويلها إلى صلصة، مضيفا أن محافظات الصعيد تمتلك مقومات تجعلها في صدارة المحافظات المصرية المؤهلة بقوة لتكون نواة انطلاق لعدد من مصانع إنتاج صلصة الطماطم فى العالم، وما علينا إلا استغلال الميزات الإنتاجية والتسويقية التى نمتلكها بالفعل. وأوضح "الشريف" أن مصر تحتل مكانة متميزة بين دول العالم فى إنتاج الطماطم، فوفقا لمؤشرات منظمة الفاو، فإن مصر تتأرجح بين المركزين الثالث والخامس من بين أكبر 5 دول فى العالم إنتاجاً لمحصول الطماطم منذ عام 2008 وحتى الآن، وتشمل القائمة الولاياتالمتحدة والصين والهند وتركيا، مؤكدا أن سوء معاملات ما بعد الحصاد فى مصر تحول دون انتقالها من دولة منتجة لمصدرة للطماطم، فمحطات الفرز قليلة نسبياً مقارنة بحجم الإنتاج، فضلاً عن أن كمية كبيرة من المحصول تهدر أثناء عمليات النقل والتداول. وأكد على أهمية التصنيع في تخفيف وطأة ارتفاع أسعارها خلال فترات تأخر إنتاج العروات، التى يصاحبها نقص فى الكميات المعروضة ما يؤدى إلى زيادة الطلب فترتفع الأسعار، لافتا إلى أن صناعة صلصة الطماطم ستعمل على حل مشكلتين، الأولى التصدى للفاقد فى المحصول، والثانية مواجهة غلاء أسعارها فى فترات تأخر العروات. وطالب خبير الاقتصاد الزراعي بضرورة التوسع فى إنتاج أصناف الطماطم ذات الجودة العالية التى تمتاز بتماسكها لتلبية احتياجات المصانع، الأمر الذى يتطلب إبرام عقود تسويقية بين المزارعين والمصانع، ستحقق عدة مكاسب، فى مقدمتها تحقيق اطمئنان المزارع بالحصول على ربح يجزى زراعته، وبالتالى زيادة المساحة المزروعة، متابعا: "فى أوقات عديدة، نجد أن المزارعين يتركون المحصول فى الأرض باستخدامه كسماد للتربة؛ لأن تكلفة حصاده ونقله تكون أكبر من سعر بيعه، كما أن نظام التسويق المجمع يواجه مشكلة تفتت الحيازات التى تترك آثارها على توفير مستلزمات الإنتاج والتسويق". من جانبه، قال إيهاب شوقي، مهندس زراعى، إن محصول الطماطم يتعرض لإصابات حشرية وفطرية وبكتيرية أثناء عملية النقل والتداول، ويمكن لأى ثقب صغير فى ثمار الطماطم أن يصيبها بالتلف السريع، وهناك العديد من الآفات التى تصيب الطماطم وتؤدى إلى خسائر كبيرة قد تطيح ب80% من المحصول، لعل أبرزها حشرة صانعات أنفاق الطماطم "توتا أبسلوتا" التى ظهرت فى مصر عام 2009، وتسببت حينها فى خسائر كارثية للمحصول؛ لأنها تهاجمه فى سائر مراحله الإنتاجية إلى أن تمت مواجهتها من خلال برامج المكافحة المتكاملة للآفات. واختتم: "لا شك أن إقامة مصانع الصلصة ومناشر التجفيف فى صعيد مصر، سيساهم بشكل كبير فى الحد من انتشار تلك الآفات التى تلازم المحصول خلال مراحل إنتاجه، وبالتالي الحفاظ على قيمته الاقتصادية".