لاشك بأن العلاقات السعودية الإيرانية تمر بالكثير من العقبات والتوترات، ملفات عديدة تم فتحها بين البلدين وتسببت في أزمة دبلوماسية كبيرة وعلى رأسها العدوان السعودي على اليمن، فالبلدين على طرفي نقيض من الحرب اليمنية، وفي معظم الملفات الحيوية في المنطقة، لكن فاجعة "منى" جاءت لتشعل فتيل جديد زاد من توتر العلاقات الإيرانية السعودية، لتصبح هي حديث الساعة في مراكز القرار الإيراني والسعودي على حد سواء. الرئيس الإيراني "حسن روحاني" وصف ما حدث "بكارثة تدمي القلب"، فيما خرج المرشد الأعلى الإيراني "على خامنئي"، بتصريحات ينتقد فيها السلطات السعودية، ويقول إن "سوء الإدارة وإجراءات غير ملائمة كانت وراء حادث التدافع المفجع خلال أداء مناسك الحج في مِنى قرب مكة"، مضيفًا أنه "على حكام السعودية أن يعتذروا للأمة الإسلامية والعوائل المكلومة، بدل افتعال الضجات، وأن يتحملوا مسئولية هذا الحادث العظيم واتخاذ الاجرءات اللازمة لمواجهته"، كما طالبت إيران السعودية بأن يتم إشراكها في التحقيق حول الحادث. منابر الجمعة تناولت الحادث أيضا، حيث قال خطيب جمعة في أحد مساجد العاصمة الإيرانيةطهران، "يجب محاكمة السعودية في المحكمة الدولية"، محملًا المملكة السعودية مسئولية ما وصفها ب"الكارثة"، ومتهمًا إياها بكونها "ليست أهلاً لإدارة الحجّ"، وطالب الخطيب الدول الإسلامية ب"مراجعة المحكمة الدولية من أجل الذين فقدوا حياتهم خلال الحادث"، وضرورة "تحديد القتلى والجرحى، وطلب جواب من السعودية بهذا الخصوص". البرلمان الإيراني دعا السعودية لشرح أسباب الحادث أو التخلي عن حقها في تنظيم هذا الحدث الذي يجمع أكثر من مليوني مسلم بمكةالمكرمة كل عام، مؤكدين أنها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها السعودية عدم كفاءتها، وطلب لبرلمان الإيراني نقل إدارة الحج إلى منظمة التعاون الإسلامي، حيث إن السعودية لا تمتلك الأهلية اللازمة لإدارة مناسك الحج. على الجانب الشعبي؛ خرج آلاف الإيرانيون في مظاهرات بعد صلاة الجمعة الماضي، ينددون بحادث تدافع الحجاج بمنى، ويرفعون الأعلام السوداء على ضحاياهم ومطالبين السعودية بالتخلي عن تنظيم موسم الحج ثانية، وهم يهتفون "الموت لعائلة آل سعود". انتقاد طهران لسلطات الرياض وصل إلى درجة تحميل خطباء الجمعة مسئولية ما حدث للسلطات السعودية، واتهامها بأنها "غير قادرة على تنظيم موسم الحج". الدافع الأكبر للحكومة الإيرانية خلف هذا الهجوم على السعودية يرجع إلى رفض الأخيرة دخول لجنة طبية إيرانية لتفقد الجرحى والبحث عن المفقودين من رعاياهما، حيث أعلنت إيران أن السلطات السعودية رفضت السماح لطائرة "بوينغ 747″ تابعة للخطوط الإيرانية بالهبوط في مطار جدة لنقل جثامين ضحايا أحداث منى، مطالبة بإرسال طائرة أصغر حجمًا، كما لم تعطِ السلطات السعودية تأشيرات دخول للوفد الإيراني الباحث عن المفقودين. على صعيد متصل؛ تحاول السعودية التنصل من مسئولياتها في البحث عن الضحايا المفقودين، حيث قالت وسائل الإعلام السعودية إن السفير الإيراني السابق في لبنان "غضنفر ركن آبادي" لم يسافر إلى السعودية لأداء مناسك الحج، وقد دخل السعودية باسم مستعار وعن طريق غير رسمي، إلا أن طهران أكدت توجّه "أبادي" إلى الحج بجواز سفره العادي، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية "مرضية أفخم" إن "جميع المعلومات التي تخص الحجاج الإيرانيين، ومنهم الدبلوماسي الإيراني السابق في لبنان هي بمتناول أيدي السلطات السعودية الرسمية، وطريقة دخول الدبلوماسي الإيراني إلى السعودية لا تحتوي على أي شائبة قانونية"، وأضافت أفخم "جواز سفر غضنفر ركن أبادي مختوم بختم تأشيرة للحج، وهو الآن مصنّف ضمن لائحة أسماء المفقودين في حادثة مشعر منى"، مؤكدة أن "كل الأنباء المتداولة والمتعلقة بهذا الأمر والتي تروّج لدخوله إلى السعودية، بطريقة غير قانونية، غير صحيحة ولها أهداف مشبوهة".