بدأت حالة من تبادل الاتهامات بين الجانبين، الإيراني والسعودي على إثر حادثة تدافع مشعر منى، الذي سقط خلاله ما 770 قتيل وما يجاوز 1000 مصاب، وكان نصيب إيران منهم حوالي 90 قتيل وعدد من الجرحى، مما حدا بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي باتهام السلطات السعودية بالإهمال في حماية الحجاج وتنظيم الحج ككل، وهو ما كان رد السعودية عليه عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بأن الحادث مؤامرة إيرانية! الحادث الأليم أعاد طرح نقاط خلافية قديمة متعلقة باحتكار السعودية لتنظيم شعائر الركن الخامس في الإسلام، سواء بالمنح والمنع –تم منع اليمنيين من أداء الحج هذا العام- أو بالتنظيم الداخلي الذي أدى الإهمال فيه لحوادث متعددة في موسم الحج الحالي وأخرها مشعر منى، هذا الحادث ألقى الضوء على السابق وما يتعلق بالأساس بالصراع ما بين المملكة والجمهورية الإسلامية وكيف كانت ردود فعل الأخيرة وانعكاساتها في صُحفها اليوميين الماضيين. سياسيًا، اعتبرت إيران أن المملكة العربية السعودية مقصّرة في أداء وظائف حماية الحجاج وتقديم الخدمات لهم مطالبة بتدويل مهمة رعاية الحجاج والإشراف على بيت الله الحرام، إذ أوضح القائد الإيراني، علي خامنئي، أن سوء الادارة والاجراءات غير الملائمة هي التي تسببت بحادث التدافع خلال اداء مناسك الحج في منى، معلناً الحداد في بلاده لمدة ثلاثة ايام، وذلك بعد إعلان وفاة 90 حاجًا إيرانيًا مع ترديد السفير الإيراني لدى لبنان السابق، غضنفر ركن ابادي، ضمن المفقودين في التدافع، فأعلن رئيس هيئة الحج والعمرة الإيراني، سعيد اوحدي، أن عدد القتلى من الحجاج الإيرانيين بشكل مبدئي بلغ 90 حاج، ثم أعلن أن العدد بلغ 131 مع ارتفاع عدد المصابين والمفقودين. فيما كلف الرئيس الإيراني، حس روحاني، قبل توجهه إلى نيويورك وزارة الصحة والهلال الأحمر بمتابعة أمور علاج المصابين في حادثة منى، موجها بالقيام بالإجراءات اللازمة لنقل جثامين الحجاج الإيرانيين بسرعة اضافة إلى المصابين والعلاج، وخلال حديثه في قمة التنمية المستدامة عبر فعاليات الأممالمتحدة، ابدى روحاني أسفه للحادثة التي وقعت في منى تاركة ورائها عدد من المصابين والقتلى، مشددا على ضرورة التحقيق السريع مع المتضررين وكذلك بحث أسباب وعوامل وقوع هذه الحادثة والحوادث المشابهة في موسم الحج لهذا العام. كما صرح مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية، حسين أمير عبد اللهيان، أن الخارجية في طهران استدعت القائم بالأعمال السعودي لدى إيران، أحمد المولد، لطلب توضيحات بخصوص الحادث، متهمًا المسؤولين السعوديين بأنهم نظموا بطريقة سيئة الاجراءات الامنية خلال الحج، وأعلن أن إيران اقامت وحدة استقبال خاصة في مكان الحادث لمساعدة الحجاج الايرانيين، وذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية، أن السلطات السعودية، لم تمنح تأشيرة دخول للوفد الإيراني، المكلف من قبل طهران، بتقصي حقائق حادثة التدافع في "منى"، التي أودت بحياة مئات الحجاج. إعلاميًا، هاجمت الصحف واسعة الانتشار المملكة، إذ كتبت صحيفة "ابتكار" في صدر صفحتها الأولى "مسلسل عجز آل سعود" معتبرة أن الحج هذا العام من أكثر الأعوام المميتة للحج ولم يكن ليمر بضعة أيام من كارثة سقوط الرافعة في الحرم المكي إلا وزادت الأخبار عن كارثة أخرى قد حلّت وتتزايد أعدادها…. وتحولت ملابس الأحرام البيضاء إلى كفن وعاد الحجاج الإيرانيين إلى منازلهم ولكن في تابوت"، وقال أحد شهود العيان للجريدة، إن موسم الحج العام الجاري كان بلا نظام، الحجاج كانوا يتألمون من العطش، ويفقدون وعيهم، ويقع أحدهم فوق جسد الأخر، ويؤكد شهود عيان سودانيين الذين شهدوا حادثة مني أن حج هذا العام كان أكثرهم انعداما للتنظيم بين الأعوام الثلاث الماضية مؤكدا على كلام سلفه. فيما قالت "كيهان" المقربة من القائد الإيراني، "آل سعود يبنون تل من القتلى"، إن كارثة مقتل 1300 حاج وعدم جدارة أسرة آل سعود على إدارة مراسم الحج احتلت عناوين العديد من الجرائد ووسائل الإعلام العالمية، وحمل العالم آل سعود المسؤولية الرئيسية لمقتل مئات من الحجاج خلال رمي الجمرات وذلك بعد مرور أسبوعين من سقوط الرافعة على المصلين في الحرم المكي تاركة وراءها 107 "قتيل" واصابة 238،… ومن بين "القتلى" في منى كان هناك 132 إيراني منهم 6 مجهولي الهوية بجانب إصابة عدد من الحجاج الذين يقضون فترة علاجهم في مستشفيات إيرانية في منى ومكة وعدد من المستشفيات السعودية الأخرى. أما صحيفة "اعتماد"، سردت تحت عنوان "مذبح منى" أحداث الواقعة مشيرة إلى أقوال أحد الحجاج الإيرانيين 65 عام الذي رأي بعينيه تدافع الحجاج وكيف دفن العشرات تحت بعضهم في القوافل، "صبرت ل 20 عام حتى أتمتع بالحج ولكن الآن الصور التي بقيت لي من الحج لحظات مرة لمقتل العشرات من الأقارب والأصدقاء"، مضيفًا أنه بعد فترة فتح عينيه، ورأي بجانب الجنازات أن الجميع مرتدي لباس الإحرام، ويقول ابنه للجريدة، إن اباه بعد 24 ساعة من وقوع هذه الحادثة اتصل به واخبره بصحة حاله، ويمكن بصعوبة تذكر جنازات قتلى الحادث الذين كانوا في الأرض لساعات. ونقلت "اعتماد" رواية "الديار اللبنانية"، اضافة إلى رواية اثنين من الناجين الحادثة إلى الاسوشيتدبرس، أن الحادثة وقعت إذ اصطدم موجتين عكسيتين من الحجاج ببعضهم البعض ووقعوا على أنفسهم، فيما يقول الحاج المصري عبد الله لطفي، 44 عامًا، رأيت البعض يقع أرضًا مصطدما بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ووقع على رأسهم عددا أكبر وارتفع الأشخاص فوق بعضهم البعض ليتمكنوا من التنفس"، كما يضيف لطفي، لا يجوز على الإطلاق أن تصطدم موجتين بشريتين عكسيتين، وفي هذا الشأن لا يوجد أي استعداد بين المسؤولين في السعودية في الممر. كذلك عنونت جريدة "آرمان"، "منى مقبرة الحجاج"، واعتبرت أن حج هذا العام هو أكثر الأعوام حزنًا، بداية من سقوط الرافعة في المسجد الحرام ثم حدوث واقعة منى والتي لقي على إثر كلتا الحالتين آلاف من القتلى والمصابين، مشيرة إلى أن المسؤولين سعوا إلى تبرير الحادثة في محاولة لانتفاء المسؤولية من على عاتقهم بدون حتى تقديم الأعتذار، فيما أوعز المتحدث باسم الداخلية السعودية سبب الحادثة إلى حرارة الجو وتعب الحجيج، مدعيًا، وفق الجريدة، أن تحرك الحجاج في مسيرات عكس الأخرى وتصادم المجموعتين سببًا في الزحام وحادثة منى، مشيرة إلى أن الحادثة التي تعزي إيران والعالم الإسلامي فيها، فإن جميع العزائيات الظالمة من نصيب الشيعة. فيما اعتبر الكاتب، مصطفى داننده، كارثة منى وسقوط الرافعة والحرب على اليمن، نهاية حكم الشباب عديم الخبرة في السعودية، مشيرا إلى أن حكم الملك سلمان شهد تغيرات ادت إلى حكم حركات متطرفة بزعامة الأمير، محمد بن سلمان، الذي تبوأ منصبي وزير الدفاع وولي ولي العهد، وهي التحولات التي اطلق عليها القائد الإيراني السيطرة على شؤون المملكة من جانب بعض من الشباب عديم الخبرة.