انتهت القمة السعودية الأمريكية المؤجلة منذ مايو الماضي، وتشير التصريحات إلى ارتياح ظاهري وتعاون بناء، لكن هل تعيد هذه القمة فعليًا الأجواء بين البلدين إلى سابق عهدها، وتنهي مرحلة الاضطرابات لا سيما مع تباين وجهات نظر كلا البلدين فيما يخص النووي الإيراني والأزمة في سوريا؟ استهل العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز" والرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لقائهما بالتأكيد على تعزيز العلاقات بين الولاياتالمتحدة والمملكة، ووصف العلاقات بالتاريخية، وإعطاء الزيارة الصفة "التأسيسية" لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، تستعيد العقد التأسيسي الأول بين الرئيس "فرانكلين روزفلت" والملك الراحل "عبد العزيز آل سعود"، في محاولة من الطرفين لكسر الجمود الذي شاب العلاقات خلال الفترة الماضية. اللافت في هذه القمة أن السعودية أظهرت بعض المرونة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما وضح جليًا من خلال تصريحات وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" الذي قال إن "بلاده تدعم الاتفاقية النووية التي توصلت إليها المجموعة السداسية مع إيران، والتي ستمنع طهران من الحصول على سلاح نووي، ما سيسمح بتعزيز أمن المنطقة، عندما يتم البدء بتنفيذها". يبدو أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" سعى إلى الحصول على موافقه سعودية على الاتفاق النووي في الوقت الذي يستعد فيه الكونجرس إلى التصويت على هذا الاتفاق بعد أيام، لكن في الوقت نفسه ترك "أوباما" للعاهل السعودي حرية التشبث بموقفه حيال الأزمة السورية، بل قد يكون الأخير حصل على ضمانات أمريكية بإستبعاد الرئيس السوري "بشار الأسد" من أي حل سياسي في سوريا، وهو ما ظهر في تصريحات "الجبير" بأن "موقف بلاده بالنسبة إلى سوريا لم يتغير". الأزمة في اليمن وجدت مساحة كبيرة على الطاولة السعودية الأمريكية، حيث بدت الرياض وكأنها تريد أن تخرج من المستنقع الذي أدخلت نفسها فيه وخسرت بسببه الكثير من استقرارها وأمنها القومي ومكانتها العربية، لكن هذا لا ينفي ضرورة الخروج منه مرفوعه الرأس، وهو ما أكده العاهل السعودي من خلال تعبيره عن رغبة بلاده في إيجاد حل إنساني للمعضلة الإنسانية في هذا البلد عبر تخفيف الحصار برعاية الأممالمتحدة، مع الإشارة إلى أن أسس الحل السياسي تقوم على القرارات الدولية ذات الصلة وعلى مخرجات الحوار الوطني، حيث شدد الجانبان على الحاجة الماسة إلى تطبيق قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، بما في ذلك القرار الرقم 2216 من أجل تسهيل انتقال سياسي مبني على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومقررات الحوار الوطني. يرى مراقبون أن القمة السعودية الأمريكية سعى الملك "سلمان" إلى استغلالها للترويج لابنه "محمد بن سلمان" خليفة له في العرش السعودي، حيث ظهر ذلك من خلال إعلان "الجبير" أن الرؤية السعودية لتلك العلاقة الاستراتيجية قدّمها ولي ولي العهد السعودي نيابة عن والده الملك للرئيس "أوباما". كانت الصحافة الأمريكية قد استبقت القمة بالإعلان عن صفقات أسلحة كبيرة تضع فيها وزارة الدفاع الأمريكية اللمسات الأخيرة، حيث قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن أولى رسائل الطمأنينة للجانب السعودي هي وضع وزارة الدفاع الأمريكية اللمسات الأخيرة لصفقة أسلحة بين الرياض وواشنطن تقدر قيمتها بنحو مليار دولار، لشحن ترسانة أسلحة للسعودية، وكشف مسئولون في الإدارة الأمريكية، النقاب عن أن صفقة الأسلحة لا تشتمل مقاتلات حربية، ولكنها تتضمن منظومة صواريخ لمقاتلات أف-15 كانت قد اشترتها السعودية من أمريكا في وقت سابق. وفي ذات الشأن قال مسئول بارز في الإدارة الأمريكية إن "هناك مجموعة أخرى من الخيارات الأمريكية تهدف لتعزيز الدفاعات السعودية، تم مناقشتها أيضًا بين أوباما والملك سلمان"، مشيرًا إلى أن وزير الدفاع الأمريكي سيلتقى بنظيره السعودي الأمير "محمد بن سلمان بن عبد العزيز"، كذلك قطعت الرياض شوطاً طويلاً في مناقشاتها مع الحكومة الأمريكية لشراء فرقاطتين، في صفقة قد تتجاوز قيمتها مليار دولار، حيث يمثلان حجر الزاوية لبرنامج تحديث بمليارات الدولارات تأخر كثيراً لسفن أمريكية قديمة في الأسطول السعودي، وسيشمل زوارق حربية أصغر حجمًا، وأكد "الجبير" عقب القمة توقيع الصفقة، مشيراً إلى أنها "تشمل ذخائر وقطع غيار".