انتظام سير الانتخابات في 30 دائرة وسط متابعة مشددة| فيديو    ضبط شخص بالدعاية المخالفة للانتخابات بالبحيرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مارينا ومدينة العلمين الجديدة    الرقابة المالية: 168 مليار جنيه إجمالي استثمارات صناديق التأمين الخاصة    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    عاجل- السيسي وملك البحرين يؤكدان رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين ويشددان على إعادة إعمار غزة    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    كأس العرب| تشكيل مباراة المغرب وسوريا في ربع النهائي    يزن النعيمات صفقة الأهلي المحتملة في الميركاتو الشتوي    كشف ملابسات مقطع فيديو لبلطجي يحمل سلاحًا أبيض بالجيزة وضبط المتهم    محافظ الدقهلية: حملات مكثفة لتحصين الكلاب الحرة ضد مرض السعار    منحة أوروبية لتمويل إنشاء 5 صوامع حقلية في مصر    مراسلة «إكسترا نيوز» بالجيزة: الدولة تؤمّن انتظام العملية الانتخابية    «مشاكل الطلاب وكيفية حلها» لقاء تشاوري لأولياء الأمور بمدرسة ثانوية ببنى سويف    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام    لافروف: خسائر القوات الأوكرانية تتجاوز مليون فرد    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    الرئيس السيسي وملك البحرين: القضية الفلسطينية ستظل في صدارة الاهتمام العربي والدولي    تركيا تعلن استعدادها لإرسال قوات عسكرية لغزة    الهيئة الوطنية للانتخابات: السماح لأي ناخب بالتصويت حتى بعد إغلاق اللجان    ضبط محطة وقود بمركز منفلوط لتجميع أكثر من 8 أطنان سولار دون وجه حق    تقرير - قبل ربع النهائي.. السعودية تتفوق تاريخيا على فلسطين في كأس العرب    قائمة تونس - بن رمضان والجزيري ومعلول على رأس اختيارات الطرابلسي في كأس إفريقيا    محافظ كفر الشيخ يتابع فعاليات حملة التوعية بالأمن السيبراني    المشاط»: 2.7 مليار يورو محفظة التعاون الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    بعد 7 أيام بحث.. لحظة اصطياد «تمساح الزوامل» بالشرقية    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    وكيل تعليم الإسماعيلية يزور المعلم المعتدى عليه بمدرسة المجاورة فى المستشفى    الداخلية تضبط شخصاً ممارساً للبلطجة بالجيزة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل    فيلم «الست» يتخطى 2 مليون جنيه في أول أيام عرضه    وزير الثقافة يلتقي سفير اليونان بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون الثقافي    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن عن موعد دورته ال 47    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    هدى المفتي ضيفة برنامج آبلة فاهيتا.. السبت المقبل    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    «الصحة»: مصر تحافظ على خلوها من الحصبة الألمانية للعام الثالث    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الأنفلونزا بالعالم لكن لم نصل بعد لمرحلة الوباء    نائب محافظ الغربية يتفقد القافلة التنموية بتفهنا العزب    أكاديمية الشرطة تنظم محاضرتين للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    المستشار أحمد بنداري: فتح آخر لجنة بمنشأة القناطر بعد تعطل سيارة القاضي    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السيد الطناوي: "القفزة العظيمة للأمام" وجنون الدولة
نشر في البديل يوم 26 - 08 - 2015

سقطت الصين على أم رأسها إثر "قفزة ماوتسي تونغ العظيمة للأمام"، عشرات الملايين قضوا نحبهم لأن لا أحد في النخبة الصينية استطاع أن يقف في وجه الزعيم المبجل "ماوتسي تونغ" ليبين له مدى سذاجة أفكاره التحديثية، حتى عندما قضى ما يترواح بين 36 إلى 55 مليون صيني في مجاعة أفرزتها سياسات "ماو" ظل الهتاف يدوي في سماء الصين يحيا "ماوتسي تونغ" الذي لا يقهر!.
تجويع الشعب كان وسيلة "ماو" للنهوض بالصين، انتزع ملكيات الفلاحين الصغيرة فيما عُرف بنظام التعاونيات من أجل تمويل الصناعة، وسخَّرتهم الحكومة للعمل في المزارع والمصانع مقابل اللقمة التي لم تكن كافية لسد رمقهم، وبدلا من زيادة إنتاجية المحاصيل حدث تراجع كبير، كرس له فكرة سخيفة أخرى تراءت ل"ماو"، إذ أعلن الحرب على عصافير الدوري بزعم أنها تأكل المحاصيل، وطلب من الصينيين أن لا يسمحوا لها بأن تحط على الأراضي الزراعية، فنفقت أعداد كبيرة منها، وتكاثرت الحشرات، لتقضي على الجزء الأكبر من الحصاد!.
رغم الخسائر وتدهور الأوضاع من سيئ إلى أسوأ، تبارت الصحف في تمجيد "القفزة العظيمة للأمام"، مبرزة صورا وأرقاما لا علاقة لها بواقع بائس يتمرغ فيه الفلاحون الذين لجأوا من أجل سد جوعهم إلى أكل لحاء الأشجار والوحل الأبيض وسيقان الأرز..، بعد أن استولت الحكومة على محصولهم القليل، وشحنته إلى الاتحاد السوفيتي من أجل سد قرض ل"ماو" أراد عبره بناء مصانع لإنتاج الفولاذ، ضمن خطة طموحة، سعت لرفع إنتاجية الصين من 5 ملايين طن إلى 100 مليون في ثلاث سنوات فقط، الأمر الذي ما كان إلا بالتقارير الصحفية والأفلام الدعائية للحكومة الشيوعية، فالعمل حتى الموت الذي أُجبر عليه الفلاحون لم ينتج في النهاية إلا معدنا غير صالح للاستعمال.
استراتيجية "ماو" في ظل المجاعة، والتي كشف عنها فيما بعد مستند سري بالأرشيف الصيني، كانت تقضي التضحية بالفلاحين والريف من أجل إطعام المدن والمراكز الصناعية والسياسية، لذا لم يتراجع عن سياساته رغم الأوضاع الكارثية، فالرجل، كما صرح بذلك لاحقا رئيس الاتحاد السوفيتي خروتشوف، اعتقد أنه مبعوث إلهي منوط بمهمة إنهاض الصين مهما كلف الأمر.
لم تتأثر عبادة "ماو" بعد أن قفز بالصين إلى الهاوية لا للأمام، بل واستطاع التغلب على كل من اعتبرهم خصوما له من قيادات الدولة والحزب الشيوعي، ممن حاولوا إنهاء "القفزة العظيمة للأمام"، وكان سلاح "ماو" في ذلك الجماهير المشحونة على الدوام بواسطة الإعلام.
في البحث عن تفسير لهذه العبادة المدمرة والمخاصمة للمنطق تبرز لنا غريزة أسماها عالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون، ب"غريزة القطيع"، يقول لوبون إن هذه الغريزة عندما تستيقظ عند جمهور ما فإنه "يفقد قدرته على التفكير النقدي، ولا يهم أن يكذب الطاغية (راعي القطيع) أو أن يكون صادقا، لأن الجمهور أصلا لا يطلب الحقيقة، المهم أن يعرف الطاغية كيف يحرك غريزة "الخوف والبقاء" عند هذا الجمهور لكي يتصرف كقطيع، بردود فعل هيستيرية تفضي إلى عبادة الطاغية كزعيم مخلص، والخوف من بأسه في نفس الوقت، في هذه الحالة يصبح الجمهور خاضعا بشكل أعمى، لمشيئة الطاغية، الذي يتحول كلامه إلى دوغما، لا تُناقش، أما الذين لا يشاطرون القطيع هذا الإعجاب بالزعيم يصبحون هم الأعداء".
وهذه اللوثة لا يقع في أسرها البسطاء من الناس فقط، بل تجذب إليها أيضا المثقفين، إذ برأي لوبون، فإن حالة الجمهور تعمل على تراجع سيطرة الشعور على الفرد مفسحة المجال إلى اللاشعور، والفرد في ظل سيطرة اللاشعور يكون أشبه بالمنوم مغناطيسيا، فبما أن "حياة الدماغ تصبح مشلولة لدى الإنسان المنوم، فإنه يصبح عبدا لكل فعالياته اللاواعية، ويصبح منومه قادرا على توجيهه الوجهة التي يشاء، بعد أن أضحت الشخصية الواعية مغمى عليها، وأصبحت إرادة التمييز والفهم ملغاة" يتساوى في ذلك العامة والمثقفون.
وكذلك، فالدولة المحكومة بنظام كالنظام الماوي، تخرج هي أيضا عن طورها الطبيعي المتمثل في خدمة المجتمع، إذ تنادي بالعلم وتعصف بروحه، وتدعو للقانون لتطأه في كل يوم، وتطمح للنهضة لتحصد النكسة، وتقايض الحريات بالأمن فتنزع عن المجتمع حرياته ولا تحفظ عليه أمنه.
تدخل الدولة في حالة هي أقرب إلى الجنون، جنون تصنعه توهمات حاكم عن قدراته ومواهبه، وخيانة نخبة لدورها التاريخي، وانحراف إعلام عن مهمته في نقل الحقيقة، أما العقلاء في ظل هكذا صورة، فعليهم إما أن يشربوا كغيرهم من نهر الدولة، أو أن يصبحوا منبوذين، يُنظر لهم كخونة، ويعاملون كأعداء للمجتمع والدولة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.