تشهد الحدود الباكستانيةالهندية خلا الفترة الأخيرة حالة من الاضطراب والتوتر؛ بسبب تصعيد العمليات والمناوشات العسكرية بينهما، لاسيما بعد وقوع قتلي وإصابات عسكريين ومدنيين من الجانبين، ويشير اعتداء حدث على مقر الشرطة في بلدة غورداسبور البنجابية الهندية بالقرب مع الحدود الباكستانية إلى ذروة جديدة في أعمال العنف، إذ ألقت الصحافة الباكستانية مسؤولية هذا الاعتداء على المتطرفين الكشميريين، بينما تتهم الهند المخابرات الباكستانية بدعم جماعات مسلحة للقيام بأعمال إرهابية على الحدود. يعتبر إقليم "كشمير" هو المشكلة المحورية في العلاقات الهندية- الباكستانية، حيث أنه مقسوم بين الهندوباكستان، وهو ما يجعل تطور العلاقات بين البلدين أمر صعب في ظل التنازع على الإقليم، وتبادلت القوات الهنديةوالباكستانية منذ أيام إطلاق النار عبر الخط الحدودي الفعلي الفاصل بينهما في اقليم كشمير المتنازع عليه، بينما شهد الانفتاح الدبلوماسي بين رئيسي الوزراء مارندرا مودي ونواز شريف، فتورًا في محتواه نتيجة لذلك تبدو الظروف ملائمة لاندلاع أزمة جديدة في هذه البيئة المتوترة، وخصوصاً إذا تبين أن هجوماً إرهابياً على الأراضي الهندية يرتبط بمجموعات إرهابية يدعمها جهاز الاستخبارات الباكستاني، ولا شك أن هذا التوتر المتنامي يجعل إدارة الأزمة أكثر صعوبة ويزيد خطر وقوع صراع ذات أبعاد نووية. حذرت حكومة رئيس الوزراء الهندي مودي الدولة الباكستانية من أنها سترد بقوة على هذه الاستفزازات، سواء على طول خط المراقبة في كشمير أو في أماكن أخرى، وتوعّد في شهر أكتوبر عام 2014 وزير الدفاع آنذاك أرون جايتلي بإنزال خسائر «لا تنسى» بباكستان، وفي شهر ديسمبر عام 2014 أعلن باريكار أن القوات الهندية، إن تعرضت لاعتداء، سترد «بقوة مضاعفة». شكل تنامي أعمال العنف على طول خط المراقبة وقرب الحدود الهنديةالباكستانية مؤشراً واضحاً ومقلقاً على تدهور العلاقات الباكستانيةالهندية على نطاق أوسع، ويجعل التقدم الدبلوماسية الشامل بين الهندوباكستان بعيد الاحتمال، وهكذا تبدو الظروف ملائمة لاندلاع أزمة جديدة، ولا شك أن العنف على طول خط المراقبة سيزيد إدارة الأزمة صعوبة وتعقيداً، فقد تراجع كثيراً وقف إطلاق النار الذي فُرض عقب أزمة «القمتين التوأمين» بين عامَي 2001 و2002، أما الطرق الفضلى التي تستطيع من خلالها باكستانوالهند دخول مرحلة من استقرار العلاقات بينهما، فتشمل العودة إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، إذ لم تتفق الهندوباكستان على تدابير جديدة لبناء الثقة منذ عام 2007، ومن المؤكد أن تهدئة الأوضاع على طول خط المراقبة تمثل نقطة انطلاق جيدة. واستمرارًا لتأزم الوضع ، دعت باكستان انفصاليين من الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير المتنازع عليه لاجتماع في خطوة قد تعقد الجهود الرامية لاستئناف محادثات السلام قبل اجتماع نادر بين كبار المسؤولين الأمنيين في البلدين النووين. وألغت الهند محادثات سلام مع باكستان قبل عام بعد أن أجرت إسلام أباد مشاورات مع الانفصاليين قبل اجتماع بين وكيلي وزارة الخارجية في البلدين، وفي ذلك الوقت اتهمت نيودلهيإسلام أباد بالتدخل في شؤونها. وذكر عياذ أكبر المتحدث باسم الانفصاليين أن الانفصالي الكشميري المتشدد سيد علي شاه جيلاني من بين القادة الذين وجهت اليهم الدعوة للحضور إلى المفوضية العليا في باكستان يوم 23 أغسطس وهو اليوم المقرر أن تبدأ فيه المحادثات بين كبار مسؤولي الأمن في البلدين، وقال تشاندراسيخاران مدير مجموعة ساوث آشيا إن اليسيز في نيودلهي "هذه محاولة متعمدة لإثارة غضب الهند." وفيما سبق غضت الحكومات الهندية الطرف على اجتماعات بين باكستان والانفصاليين في كشمير، لكن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الذي انتخب العام الماضي ألمح إلى أنه لن يتخذ نفس الموقف، وخاضت الهندوباكستان ثلاثة حروب منذ استقلالهما في 1947 اثنان منهما بسبب إقليم كشمير الذي تزعم كل دولة حقها في السيادة عليه بالكامل. من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الهندوباكستان إلى ضبط النفس وتسوية أي خلافات بالطرق السلمية، وعبر عن قلقه بعد تفاقم الأوضاع في منطقة كشمير الحدودية المقسمة بين البلدين، وطلب الأمين العام من الهندوباكستان "مواصلة حل الخلافات بالحوار"، مرحبا في هذا الخصوص باجتماع المختصين بمجال الأمن من كلا البلدين المتفق على إجرائه ما بين 23 و24 أغسطس الجاري.