مر 63 عاما على ثورة 23 يوليو 1952، التي فجرها مجموعة من ضباط الجيش المصري وقتها وأيدها الشعب، وكانت بداية لبناء الاقتصاد القومي بعدما عانت من ويلات الاستعمار، لتنشئ مصر بعدها السد العالي، وإقامة المصانع والشركات الحكومية بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي وقتها، لينعكس ذلك علي الاقتصاد ومعدلات النمو والبطالة. قال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن أبرز إنجازات ثورة 23 يوليو 1952، مجانية التعليم، ولولا تلك الخطوة لم يكن هناك تعليم لأبناء الفقراء، لتزداد معها نسب الأمية داخل المجتمع المصريموضحا أن هناك فارقا بين جودة التعليم ومجانيته، فبرغم إنجازات الثورة في ملف التعليم وزيادة أعداد الخريجين، إلا أن المناهج التعليمية غير مفيدة وبعيدة عن الحياة العملية، مؤكدا أن التعليم يعد معيارا لتنامي الاقتصاد أو تراجعه. وأضاف "الدسوقي" أن الممارسات الراهنة في قطاع التعليم، نتاج لسياسيات سابقة تسببت في زيادة معدلات الفقر وما تلاها من تراجع المهارات والابتكارات ومواكبة التكنولوجية الحديثة في الصناعة والإنتاج، ليؤدي في النهاية للتأثير علي الاقتصاد القومي، متابعا: "بالرغم من نجاح ثورة 1952 في إصدار قانون للإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي علي الفلاحين بمنتهي العدالة وفرض أسعار جبرية علي السلع، إلا أنها لم تكن سوي إجراءات مسكنة للفقراء في ظل عدم وجود تنمية حقيقية داخل المجتمع". من جانبه، قال الدكتور مصطفي النشرتي، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية، إن الثورات تهدف إلى تحقيق نهضة وتقدم للشعوب بداية من ثورة 1919 التي كرست لبناء دستور وطني ودولة ديمقراطية، إلا أنها فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية؛ بسبب وجود فوارق بين أصحاب الأملاك والفقراء، بعكس ثورة 23 يوليو 1952 التى طبقت العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع طبقات المجتمع المصري، وتأميم قناة السويس، وأسست نهضة صناعية أشبعت حاجات المواطنين الأساسية، بالإضافة إلى التوجه للتصنيع المحلي والتحول من مجتمع زراعي إلي صناعي. وأوضح "النشراتي" أن شركات ومصانع الحكومة التي أسسها الرئيس جمال عبد الناصر، ساعدت علي امتصاص البطالة من المجتمع المصري، بحيث أصبحت محدودة، بالإضافة لتقريب الطبقات الاجتماعية من بعضها، فمعظم الدخول كانت واحدة، مؤكدا أن تلك السياسيات ظلت قائمة إلي ما بعد مرحلة الانفتاح الاقتصادي وما لحقها من بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وإنتاج سلع ترفيهية والاقتراض لتدعيم شركات ومصانع القطاع العام، لتدفع الدولة الثمن لدول نادي باريس الدائنة واتباع سياسيات الخصخصة وتدمير ذلك القطاع، مع تحرير الاقتصاد والارتداد عن تطبيق العدالة الاجتماعية. وتابع أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية: "مع الأسف، فإن حكومة محلب الحالية تتبع سياسات النظام الرأسمالي المتوحش وتعليمات صندوق النقد الدولي في إفقار المواطنين وزيادة معاناة الفقراء أنفسهم"، مطالبا بضرورة أن تسعي الحكومة لتوفير البنية الأساسية للأراضي وترفيقها وتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية للدولة، مما يساهم في القضاء علي البطالة، ويرفع من مستويات الإنتاج والنمو الاقتصادي وتفعيل أطر الشراكة مع القطاع الخاص، بعد أن كانت قاصرة فقط علي الدولة في الفترة التي أعقبت ثورة 1952.