قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن مسؤول خليجي رفيع المستوى لفت إلى أن اتفاق إيران مع الدول الكبرى لا تهم الخليج، بقدر ما هو مرتبط به من قضايا في المنطقة، مضيفة أن ملاحظات المسؤول الخليجي تلخص الكثير من المزاج العام في المنطقة، رغم أن الكثير من المحللين يؤكدون أن الاتفاق لن يجعل من إيران حليف محتمل للولايات المتحدة، ولكنه سيمكنها من لعب دورا عسكريا أكثر حزما في العالم العربي. وتشير المجلة الأمريكية إلى أن كل الأعين تتجه الآن إلى سوريا، حيث احتمال زيادة أعمال العنف هناك، وقد أشاد الرئيس السوري "بشار الأسد" بالاتفاق النووي، ووصفه بالانتصار الكبير لإيران، مؤكدا أنه سيساعد طهران في دعم القضايا العادلة بالمنطقة، ولكن مخاوف المعارضين لإيران تفاقمت، خاصة باتجاه انتاج الأسلحة النووية ورفع العقوبات من على برنامج الصواريخ البالستية. وتلفت المجلة الأمريكية إلى أنه على مدى سنوات كانت سوريا الأكثر وضوحا للحرب بالوكالة، وبعد الاتفاق النووي ستتغير الاستراتجيات بشكل ملحوظ خاصة داخل الكتلة العربية المعادية لإيران. وترى المجلة أن الجوانب الاقتصادية لاتفاق إيران قد تقود إلى حوار بين دول الخليج وإيران، فكلا الجانبين ينتظران الاستفادة الاقتصادية، بعد 12 عاما من تضيق واشنطن الخناق على الاقتصاد الإيراني، ولكن الانفتاح الاقتصادي لن يكون الخبر السار لكلا الجانبين، لأنه بلا شك المصالح والقضايا الإقليمية مثل سوريا واليمن، قد تفسد ما سبق. وتوضح الصحيفة أن الاتفاق الإيراني سيكون تأثيره الأكبر على سوريا، حيث قد يدفع الرياض للتحالف مع قطر وتركيا، رغم الخلافات بين الرياض والدوحة، واتهام المملكة لقطر بدعم جماعات مسلحة داخل الدولة في عام 1995، وبعد ثورات الربيع العربي أصبح العلاقة بين الجارتين أكثر توترا، وتحالفت الرياض مع أبو ظبي في محاولة لتقويض المصالح القطرية في المنطقة، أما بالنسبة لتركيا، فهي على خلاف مع الرياض لدعمها الكبير الإطاحة بحكومة جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وتعتقد "فورين بوليسي" أن هذه البلدان قد تنحي خلافتها جانبا للعمل ضد عدوها المشترك في سوريا، موضحة أنه في مارس الماضي اجتمع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مع العاهل السعودي "سلمان بن عبد العزيز" وهو بداية التحالف بين البلدين، فوفقا لمصادر مطلعة، قال السعوديين إنهم سيدعمون أي خطوة تركية في العراق أو سوريا. وتوضح المجلة أنه على أرض الواقع لاتزال الكتلة القطرية السعودية التركية في مرحلة التشكيل، فعلى الرغم من تعاون أنقرة والدوحة إلا أن التحالف الجديد بدخول المملكة سيعجل بهذه المهمة، لافتة إلى أنه في لقاء جرى مؤخرا أوضح مسؤول سعودي أن جماعة الإخوان المسلمين لم تشكل تهديدا على المملكة، وإنما يمكنها توفير عمق استراتيجي في أماكن معينة، كما هو الحال في سوريا واليمن، وحتى في مالي بأفريقيا. وتضيف المجلة أن صفقة إيران ستسرع بهذا التحول الاستراتيجي الملحوظ الذي تسلكه السعودية في سياستها الخارجية، فبغض النظر عن رأي الرياض في الاتفاق، ستحاول منع ايران من السيطرة على الدور الإقليمي، وخلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة ستحاول الرياض إثبات أنها قوة إقليمية لا يستهان بها، كما أن الوضع في سوريا سيزداد سوءا قبل أن يتحسن.