ينظر إليه باعتباره من أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التاريخ، ومن كبار الأدباء الروس، كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين، بدأ الكتابة عندما كان طالبًا في كلية الطب في جامعة موسكو، ولم يترك الكتابة حتى أصبح من أعظم الأدباء، واستمرّ أيضاً في مهنة الطب، وكان يقول «إن الطب هو زوجتي والأدب عشيقتي». أنطون بافلوفيتش تشيخوف، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي كبير، كان يكتب في البداية لتحقيق مكاسب مادية فقط، ولكن سرعان ما نمت طموحاته الفنية، وقدم ابتكارات أثرت بدورها على تطوير القصة القصيرة الحديثة. مشهد النهاية بحلول مايو 1904، كان أنطون تشيخوف مُصابًا بمرض السل، وأشار ميخائيل تشيخوف إلى أن "جميع من رأوه شعروا بداخلهم أن نهايته ليست ببعيدة"، وفي 3 يونيو انطلق مع أولغا باتجاه مدينة الحمامات الألمانية، في الغابة السوداء، حيث كتب رسائل مرحة إلى شقيقته ماشا، واصفًا المواد الغذائية والبيئة المحيطة، مؤكدًا لوالدته بأنه في تحسن مُستمر، وفي رسالته الأخيرة، شكى من طريقة لبس النساء الألمانيات. في عام 1908، أنطون قال: أنا على شرفة الموت، فقام الطبيب بتهدئته وحقنه بمادة الكافور، وأمر بإحضار الشمبانيا له، شرب أنطون كأس كامل منه ومن ثم ابتسم، وقال: "لقد مضى زمن طويل منذ أن شربت الشمبانيا"، عندما شربه جلس على جانبة الأيسر بهدوء وكان لدى زوجته الوقت لتذهب إليه، وتستلقي بقربه، نادته، لكنه توقف عن التنفس، وكان ينام بسلام وكأنه طفل.. هكذا وصفت زوجته النهاية. نقلت جثة تشيخوف إلى موسكو في سيارة السكك الحديدية المبردة، ودُفن بجانب والده في مقبرة نوفوديفيتشي. ما بعد النهاية.. ربما النقد يقول الكاتب الروسي مكسيم جوركي، "ظل تشيخوف طوال حياته يعيش حياة الروح، لا يتكلَّف على الإطلاق، يحاول أن يكون حراً في داخله، لا يلقي بالاً إلى ما يتوقعه وينتظره الآخرون من أنطون تشيخوف". ويقول النقاد عنه، بحسب عدد من الدراسات النقدية التي كتبت على مدار سنوات ما بعد وفاته، إن القصة التشيخوفية مرت بمراحل عديدة، فقد كانت في أوائل حياته الأدبية قصة فكهة ساخرة، تفتقر بعض الشيء إلى العمق والتركيز، بل وقد تميل إلى الهزل أكثر من استهدافها للجدّ. إنهم يقولون: منذ بداية الثمانينات من القرن التاسع عشر، حققت القصة التشيخوفية نوعيةً جديدةً على الصعيد الفكريِّ والفنيِّ، واكتسبت صفات مميزة، وهي مرحلة تكاد تكون مغايرة تماماً للمرحلة السابقة، ويمكن القول أن مرحلة الثمانينات وما تلاها هي التي انتجت ما نسميه "القصة التشيخوفية"، وهي القصة التي صارت معروفة السمات. ولقد اشتملت "القصة التشيخوفية"، على نماذج متعددة، فهناك نموذج القصة القصيرة للغاية والشديدة التركيز، من أمثال قصة "بعد المسرح"، التي لا تكاد تتجاوز بضعة صفحات، وهناك النموذج المتوسط الطول، وهو نموذج القصة التشيخوفية بحق مثل قصة "المعلمة، الساحرة، فولوديا، فتاة الكورس.. إلخ". أمثال هذه القصص تنطوي على حس إنساني مذهل، ثم هناك أخيراً نموذج القصة الطويلة التي تكاد تتحول إلى رواية قصيرة، وهذه القصص تحفل بتفاصيل عن حياة الشخوص، ذات دلالة عالية، وهي تجمع بين مزايا الرواية فيما تمتلكه من مساحة ممتدة، لعرض تفاصيل الحياة الخارجية والداخلية للشخوص، وفي الوقت نفسه تظل محتفظة بسمات القصة التشيخوفية القصيرة، بتميزها بالتركيز والتكثيف الشديدين.