أثار الترتيب المصري فى معيار «تحكيم القانون»، الذي تعده منظمةWorld Justice Project (WJP) المهتمة بالتقدم القانوني حول العالم، واحتلالها المركز 86 من بين 102 دولة شملها التقرير الذي صدر مؤخراً، استياء حقوقيون بسبب انحدار مستوي البلاد في تطبيق القانون وسير منظومة العدالة، بالإضافة إلى أن تصدر دول كغانا وزامبيا للترتيب قبل مصر، أمر مثير للحزن والدهشة، خاصة أنهم لا يمتلكون إمكانيات وقدرات مصر. المبادئ القانونية حبر علي ورق يقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، إن التقرير يأتي تأكيداً علي تصريحات المنظمات الحقوقية المصرية والأجنبية بشأن الوضع الحقوقي والقانوني في مصر والذي يسير من سيئ لأسوأ خلال العام المنصرم، مشيراً إلي أن الدولة تعاني من خلل في منظومة العدالة واقتصار مبدأ سيادة القانون بحبر علي ورق فقط دون تطبيق فعلي له. ويضيف "لطفي" أن الترتيب المتأخر لمصر في التقرير جاء نتيجة خرق مبادئ المساواة والحقوق بالدستور وتجاهلها من قبل المسئولين، إضافة إلي انتشار المحاكمات العسكرية خلال الفترة الأخيرة بما يخالف مبدأ حق التقاضي للشخص أمام قاضيه الطبيعي، مما يساهم في إهدار حقوق المواطن من محاكمة عادلة والحق في الدفاع عن نفسه. وتابع: أحكام الإعدام الأخيرة والتي طالت المئات من المواطنين أعطت صورة سيئة للعالم الخارجي بشأن سير منظومة العدالة في مصر، وشيء مهين لتاريخ القضاء المصري الذي أصبح أحكامه يشوبها الطابع السياسي في الآونة الأخيرة. ويوضح مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، إن التقرير يعد الفرصة الأخيرة للمسئولين في مصر من أجل الإسراع في تحسين منظومة العدالة والنظر للمبادئ القانونية التي لا تطبق أو يتم خرقها من قبل السلطات، مطالباً الجميع بضرورة الحفاظ علي سمعة مصر التي اهتزت خلال الفترة الأخيرة جراء تلك التقارير والتي للأسف ترصد الواقع. غياب عقاب المسئولين وإهدار حقوق المواطن.. أبرز الأسباب من جانبه، يقول الحقوقي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن التقرير جاء نتيجة لما ترسخ فى أذهان المسئولين بعدم وجود قابلية لمعاقبتهم حين يخطئون، فالدولة تدور في دائرة مغلقة، أصحاب النفوذ المتمتعون بالقدرات التي تمكنهم من الوصول للحكم لا يلقون بالاً للقانون، وعامة الشعب من البسطاء والفقراء من تطبق عليهم القوانين دون غيرهم، لافتاً إلى أن ترتيب مصر بالتقرير يعكس الأوضاع السيئة التي يمر بها المجتمع المدني حالياً. وأشار "زارع" إلي أن شعار القانون فوق الجميع نظريًّا صحيح، فالكل يجب أن يخضع للقانون وبصورة متساوية دون تمييز، غير أن الواقع مغاير تماماً لذلك، فبعض الشخصيات لديها شبكة علاقات أقوى من القانون، مشدداً علي أن الوضع سيستمر من سيئ لأسوأ، مطالباً الدولة باحترام القانون والقضاء؛ كي يكون المجتمع متحضرًا، وليشعر المواطن المصري بأن الجميع سواسية لا فرق بين مسئول وفرد عادي. ويشدد المحامي الحقوقي علي أن الممارسات القمعية من جانب الداخلية خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلي عدم تعرض المسئولين عن حالات التعذيب والقتل داخل السجون والأقسام للعقاب، ساهم في تأخر الترتيب المصري بالتقرير، لافتاً إلي أن غياب التقاضي العادل والناجز وعدم حماية الحقوق الأساسية للمواطن، جعل من شفافية القانون في مصر دربا من الخيال.